الثلاثاء ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٢
بقلم أشرف شهاب

احترسوا أيها الأزواج!

أظهرت دراسة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى مصر بروز ظاهرة تعدى الزوجات على أزواجهن بالضرب. وتراوحت الإصابات التى نجمت عن ضرب أزواج ما بين إصابة البعض إصابات طفيفة إلى حدوث عاهات مستديمة لدى البعض، والموت فى بعض الأحيان. ترى ما الذى أصاب النساء؟ وحولهن من ملائكة إلى قاتلات لا يرحمن ضعف الزوج. مراسلنا فى القاهرة أشرف محمود تابع هذا الموضوع وكتب التحقيق التالى:

فى البداية ينبغى أن نشير إلى أن الدراسة التى قام بها باحثو المركز القومى تمت على عينة شملت نحو عشرين زوجة سجينة بسبب إدانتهن فى جرائم اعتداء على الأزواج، وهو ما يعنى أن القلة القليلة من الزوجات هن اللواتى يصل بهن الحد إلى الاعتداء على الزوج. كما أن نتائج الدراسة لم تشمل أيضا النساء اللواتى يضربن أزواجهن، ويؤدين إلى إصابتهن إصابات بسيطة لا تستدعى سجنهن عقابا عليها. ومع ذلك فقد أظهرت الدراسة أن هناك أشكالا مختلفة للعنف ضد الزوج تبدأ من عدم الطاعة، مرورا بسب الزوج أو عقابه بعدم تلبيه طلباته الزوجية وصولا إلى تحرير محاضر كيدية ضد الأزواج فى أقسام الشرطة وصولا إلى حدوث جرائم قتل سواء بمحض الصدفة أو تدبير تلك الجرائم، ومحاولة إخفاء معالمها.

ومن الواضح أن نسب الجريمة ترتفع كلما زادت معدلات الأمية حيث حوالى 50% من النساء اللواتى خضعن للدراسة هن أميات. وتصل النسبة إلى 80% إذا ضممنا إليهن الحاصلات على قدر من التعليم الابتدائى أو الإعدادى. وهناك 65% من أولئك الزوجات كن على علاقات حب أو صداقة أو جيرة أو أقارب لأزواجهن. أما 35% من الزوجات فقد تزوجن بضحاياهن عن طريق الأهل والأقارب. و80% من المجرمات كن الزوجة الأولى فى حياة زوجها، والبقية تزوجن قبل أزواجهن مرة أو أكثر.

حكمت المحكمة

محكمة استئناف القاهرة نظرت قبل أسابيع قليلة قضية غريبة . الزوجة تطالب زوجها بنفقة متعة قيمتها 20 ألف جنيه. وتقول فى دعواها إنها تعمل مدرسة، وأن زوجها طلقها غيابيا بدون رضاها بعد زواج استمر ستة عشر عاما. وبالفعل أيدت محاكم الدرجة الأولى أقوال الزوجة. ولكن الزوج تقدم أمام محكمة الاستئناف بشهود وأوراق. واثبت الزوج أن زوجته كانت تعتدى عليه بالضرب. وأنها كانت تجبره على تنظيف المنزل والقيام بواجبات الطبخ وتنظيف الأوانى. بل وقال الشهود أن الزوجة اعتدت على زوجها بالضرب عدة مرات أمامهم. وهكذا وقفت الزوجة فى موقف حرج بعد أن استطاع الزوج أن يثبت تعديها عليه. وحكمت المحكمة ببراءة الزوج ولا نفقة للزوجة.

حلق شنب الزوج

قضية أخرى غريبة وقعت فى الإسكندرية ويرويها المحامى عماد نبوى وانتهت بالحكم بحبس الزوجة أسبوعا بتهمة التعدى على زوجها والتهام عقلة من إصبعه. وتعود أحداث الواقعة إلى وجود خلافات بين الزوج وزوجته. وأصرت الزوجة على ترك المنزل والعودة لبيت أسرتها. وحاول الزوج استمالتها وذهب إلى بيت أهلها للصلح. ولكنها رفضت توسلاته. وأصرت على عدم العودة معه إلى المنزل. وهنا وقعت مشادة حامية بينهما. وتطورت إلى معركة بالأيدى. ومع سخونة المعركة عضت الزوجة إصبع زوجها ولم تتركه إلا بعد أن فصلته فى فمها. وساعدتها أمها التى جرت على الفور لإحضار مقص لحلق شنب الزوج. ولم ينقذ الزوج من يد الأم وابنتها إلا تدخلات الجيران الذين نجحوا فى الحفاظ على نصف شنب الزوج من الإهانة التى لحقت به. وتقدم الزوج ببلاغ ضد زوجته وأهلها. وبالفعل قضت المحكمة بسجن الزوجة بعد أن تأكدت من ارتكاب الزوجة للجريمة وبشهادة الشهود والتقرير الطبى.

أما فى الجيزة فقد أدى عناد أحد الأزواج إلى وفاته محترقا. فبعد ستة شهور من الزواج فقط، بدأت المشاكل بين الزوجين. ورفض الزوج فى حدى المرات أن تذهب زوجته لزيارة أهلها. فما كان من الزوجة إلا أن أشعلت النار فى البيت أثناء نوم زوجها الذى حاصرته النيران.

عنف الزوجات ومحاولاتهن الاعتداء على أزواجهن يمكن أن تكون بسبب الزوج كما أسلفنا فى القضية السابقة، ولكنها يمكن أن تكون أيضا بسبب انحراف الزوجة وطمعها فى المال، وربما يكون سببها الزواج غير المتكافىء. ففى منطقة المطرية بالقاهرة وحسب محمد الحادى المحامى تمردت الزوجة الشابة على حياة الستر التى تحياها مع زوجها. وكانت تحلم بمن يغدق عليها الأموال والهدايا حتى تعرفت على أحد جيرانها من الشباب الأثرياء. واستطاع ذلك الشاب أن يعيد جسد الزوجة إلى الحياة مرة أخرى، ويضخ فيها الإحساس بالأنوثة الذى نسيته. وكان ما كان من حب، محاط بالهدايا والشهوات. وكثرت اللقاءات حتى أحست الزوجة أنها تريد التخلص من زوجها. وبالفعل هداها تفكيرها الشيطانى إلى افتعال المشاكل معه. وبدأت تضغط عليه فى الطلبات. وتطالبه بما لا يقدر عليه. واستجاب الزوج المغدور. ووقع فى فخ الشيكات وإيصالات الأمانة ليلبى طلبات الزوجة. ولكنه بعد فترة وجيزة عجز عن السداد فما كان من دائنيه إلا أن يتقدموا بشكاوى عديدة قادته فى نهاية الأمر إلى السجن. وهكذا تم تنفيذ الجزء الأول من المخطط الذى رسمته الزوجة. وفى السجن بدأت الزوجة تزور زوجها، وتحضر له الطعام. وفى مرة من المرات دست له بعض السم على أمل أن يموت دون أن يشك فى موته أحد، خصوصا وأنه داخل السجن. ولكن العناية الإلهية تدخلت فى اللحظات الأخيرة، وانكشف أمر الزوجة التى تقضى حاليا عقوبة السجن بتهمة الشروع فى قتل زوجها.

وفى واقعة أخرى ظريفة، دخل الزوج إلى منزله وهو متعب بعد يوم عمل شاق. وكانت الزوجة تستمتع بمشاهدة المسلسل التليفزيونى. طلب الزوج من زوجته عمل الشاى له، ولكنها تكاسلت. وعندما طالبها مرة ثانية طالبته بالانتظار حتى ينتهى المسلسل. ولكن إلحاحه للمرة الثالثة استنفذت صبر الزوجة، فخلعت فردة حذائها وانهالت على الزوج ضربا.
الثلاثى المجرم
لكن حال هذا الزوج لم يكن أسوأ بأى حال من الأحوال من نظيره الذى رفض الموافقة على زواج ابنته الطالبة الجامعية بالسباك، رغم موافقة أم الفتاة وإلحاحها على هذا الأمر. وبالفعل اتفقت الزوجة والفتاة على تربية الزوج وتلقينه درسا. واستدعت الفتاة السباك حبيب القلب، وقام الثلاثة بتوثيق الأب بالحبال. وانهالوا عليه ضربا. وأجبرت الزوجة وابنتها وحبيبها الأب على التوقيع على عقد بيع للشقة والتنازل عن كل ممتلكاته. وبعد ذلك تعاونوا على إلقائه من الدور الثالث ليلقى حتفه. ولكن الزوج أصيب بكسور خطيرة، وأبلغ عن الواقعة وهو طريح الفراش، وتم القبض على الثلاثى المجرم.
هذه الوقائع وغيرها عشرات الوقائع التى يتناقلها الناس، وتشهدها ساحات المحاكم تعنى أن المجتمع ينحدر نحو مأزق خطير. وأن المقاييس أصبحت معدومة. فلا الزوجة رحمت زوجها، ولا البنت أشفقت على أباها. مما يعنى أن المجتمع يتحول إلى غابة.

للنساء رأى آخر

لكن النساء المجرمات لهن رأى آخر. حيث تقول 80 % من نساء عينة الدراسة التى أجراها المركز أنهن كن ضحايا لعنف الزوج، وعناده وعدم قدرته أو رغبته فى الاستجابة أو التفاهم. وقالت 65% من العينة أن الزوج كان غيورا جدا، ويعتدى عليهن لأتفه الأسباب. وقررت نسبة 75% من الزوجات أن أزواجهن كن من النوع المتردد مما شجعهن على الاعتداء عليه. ووصفت 65 % من العينات أيضا أزواجهن بالبخل، وعدم قيامه بتلبية متطلبات المنزل والشح فى الإنفاق.

وتؤكد دراسة أخرى أجراها مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى أجراها على عينة من 450 امرأة و100 رجل، أن طبيعة السلوكيات الاستفزازية التى يمارسها الأزواج ومحاولة التحكم فى كل صغيرة وكبيرة تدفع الزوجات إلى الاعتداء على الأزواج. ففى بعض الأحيان يقوم الزوج بسب زوجته أو أهلها، ويصدر العديد من الأوامر والطلبات. ويجلس بعض الأزواج فى المنزل معتمدين على مرتب الزوجة أو يستولون على أموالها الشخصية.

وقد أكدت معظم النساء اللواتى خضعن للدراستين أن توقيت الاعتداءات المتبادلة يكون فى الغالب فى آخر الشهر، حيث يكون المرتب قد انتهى، ويدخل المنزل فى حالة تقشف انتظارا للمرتب الجديد، ومع حالة التقشف هذه يزداد ضغط الأعصاب، وبالتالى يكون انفلاتها اسهل، والعواقب أصعب على رؤوس الأزواج. وفى العادة تتراوح وسائل الضرب ما بين الأيدى المجردة التى يندر استخدامها وصولا إلى الآلات الحادة كالسكاكين التى استخدمتها 40% من الزوجات، والمواد السامة والحبوب المنومة بنسبة 15%، والمسدسات والبنادق بنسبة 5%، والجمع بين أكثر من أداة بنسبة كالقتل بالسكين ثم إشعال النار فى الجثة، أو القتل بالسم ثم تقطيع الجثة بنسبة 10%.
الواقع أننى بعد متابعتى لهذه الأحداث، وسماعى للعديد من الحكايات فكرت أن أكتب هذا التحقيق وان أرفع صوتى مطالبا أمثالى من الصنف الرجالى بأن يحسنوا معاملة زوجاتهن. وأن ينتبهوا إلى كل كلمة أو تصرف حتى لا تسىء الزوجة العزيزة تفسيره. ومع أن الكثير من غالبية الزوجات هن من السيدات الفاضلات إلا أن الحرص واجب، والحذر مطلوب، واحترسوا أيها الأزواج.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى