الأربعاء ٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥
بقلم غالية خوجة

العدد 126 من مجلة دبي الثقافية

في عددها (126)، تناقش مجلة دبي الثقافية، الصادرة عن دار الصدى للصحافة والنشر، العديد من القضايا الإشكالية، مانحة القارئ فرصة تفعيل الوعي بإيجابية وتفاعلية، وأولها قضية الضوء ومساراته، وإشراقاته المتناغمة بين الطبيعة والروح، الرافضة حتماً لالتواءات الظلام، المازجة بين الحقيقة والنوروهو ما تتحاور معه افتتاحية المدير العام، رئيس التحرير، الشاعر سيف المري، متسائلاً عن العلاقة الناتجة عن تداخُلات المفاهيم المختلفة، تلك التي لا يكتشف بصيرتها إلا قلة القلة، ومما يقوله في افتتاحية العدد (أجراس): وهي إذ إنها مدركة، فإنه لا يضيرها من جهل بها، لأن لها كما للنور من ذاتها ذاتاً، ومن صفاتها صفات، وهي تحتاج إلى النور لتظهر، أكان ذلك النور حسياً مدركاً، أم معنوياً خافياً، ولكن، أيحتاج النور إلى الحقيقة حتى يكون لوجوده غاية سامية، أم أنه في اكتفائه بذاته يؤدي ما عليه؟ وعلى الباحث المبصر أن ينظر إلى حيث يجب عليه النظر، وهل هي أداة ينال بها صاحب العلم علمه، وصاحب السلطان سلطانه، أم أنها غاية الغايات لا يقدر أحد أن يتخذها مطية لنيل المأرب، وتحصيل الرغائب؟ ثم هل هي نتيجة للواقع، أم أن الواقع نتيجة لها؟ وما هو دورها في إحداث التغيير إبان ظهورها للعيان؟

احتفى العدد بعناوين حساسة للغاية، منها عناوين الغلاف ولوحته تظهر فيها الممثلة إيرينا وهي تجسد شخصية ليدي ماكبث: إبداعات المرأة الفلسطينية رغم الحصار والتهويد، جمال الغيطاني توجه أدبه وخذله قلبه، ماري أنطوانيت ونصابة العقد الماسي، علي أبو الريش يضفر الصحراء بفتنة الفكر، سليم صبري: التلفزيون أهم مدرسة في الحياة، أفلام استوحت فكرتها من مسرحية ماكبث، التشكيلي جبر علوان: المرأة عالم لم يكتشف بعد.

ونسافر في باب (بانوراما) إلى قسنطينة وحدائق سيرتا المعلقة، وكيف ولماذا اعتُبرت مركزاً علمياً ودينياً ولقبت بأزهر أفريقيا؟ بينما تأخذنا أفكار أدونيس إلى (قل لخطواتك: لا تتركي أثراً)، ومنها نقرأ: (القدس): سديم في البدء، ثم جاء التكوين، ثم جاء هابيل وقابيل، ثم جاءت الجريمة، وكان القتل، القتل، القتل. ثم نزور (بيت السناري) الشاهد على حقبة تاريخية مهمة في مصر، وحين ندخل باب(في الصميم)، تجذبنا القضايا والتحقيقات المتنوعة: الشمس والمرأة.. ثنائية ضدية يصوغها صلاح عبد الصبور، وولت ويتمان أعظم شعراء أمريكا، رحل جمال الغيطاني وبقيت تجلياته، بيروت تتظاهر سلمياً، وعن العلاقة بين الغازات السامة والأفكار السامة يكتب أحمد عبد المعطي حجازي، ومن جهته، يرى عبد العزيز المقالح الفضاء كتاباً، ويرى حاتم الصكر الناجين من البحر غرقى في المنفى، ونتوغل مع باب (دراما الحياة) إلى إيقاعات المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة، لنطلع على انتقال برونو باريتو من الكوميديا الاجتماعية إلى نقد الساسة، ونلاحظ تطورات الدورة الرابعة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة بعزائم شبابية تقدح ركح، ولماذا حسيبة رشدي صاحبة (لاموني اللي غاروا مني) هي الأشهر تونسياً؟ ونتوقف مع محمد برادة لمناقشة (أوروبا والهاربون من العنف)، ويترك فرحان بلبل السؤال على المنصة: هل هناك علاقة بين (المسرح والعنف الاجتماعي)؟ ويتحدث عبد السلام المسدي عن الكائن الثقافي، ويجذبنا فيصل دراج إلى (الإنصات إلى النص الروائي)، ثم، نتحرك مع أجنحة الخيال إلى الشعر والفصة زالنصوص: إن كان لا بد من حب فليكن لأجل الحب، موانئ النوارس، ضمائر، شبح، السفر المفاجئ إلى الليل، قبل وبعد، نزاهو الكوبوتل، الحرارة، إلى نجوى. ويسألنا النور أحمد: من يدلني عليه؟ وتكتب آمال مختار عن انتحاٍر فايسبوكي، ويتأمل منصف المزغني في شباب جائزة نوبل للآداب، ويفض محمد حسن الحربي شِباك الحيرة بين الحداثة الصلبة والحداثة السائلة، وينعطف بنا مفيد أحمد ديوب إلى سؤال هام: صراع الأجيال أم صراع الثقافات؟، وتكتب فاطمة المزروعي حيث تتراقص الظلال، ثم نلج باب ألوان وظلال، وهناك نقرأ: إبراهيم الجوابرة سؤال الفن يشكل محمولات ألم شعبه، محمود عبود رسام الواقعية السحرية العراقية، ونكمل (تحت المجهر) مع واسيني الأعرج: (الصدف الفاصلة في الكتابة الروائية)، ولا نلبث أن نتجه إلى باب سطور مضيئة بين مدارات ودراسات: سفيتلانا ألكسييفيتش تتقلد نوبل للآداب، مانع سعيد العتيبة كلاسيكية حديثة بنبض وطني إنساني، آن لور بوندو ترسم الخلاص بالحب والتسامح، حمد الكواري يفتح نافذة أمل في حوار الشعوب، القدس مدينة التاريخ والحضارة والصمود بامتياز، محمد علي شمس الدين: طائر الإبداع يحلق بجناح واحد، رشيدة محمدي: تبتل عروق الشعر بزيت الحب فيصعب الفصل بينهما، ويعرفنا شوقي عبد الأمير إلى صياد الأسماك النافقة، وتكتب لطيفة الدليمي عن (الرواية والعولمة والثقافية)، وتخبرنا فريدة النقاش عن مغزى (عشت وشفت)، ونصل إلى عُمان لنحضر (ملتقى الأيام الأدبية)، بينما تكتب ظبية خميس عن (خيانة الشعر)، ونتناغم مع باب (إيقاع الروح) بين موسيقا وغناء: محمد فوزي يتمتع بشخصية فنية متفردة، عقيلة راتب لقبت بسندريلا السينما قبل سعاد حسني، إضافة إلى الكاريكاتير الثقافي، والثقافة في شهر، ودنيا الكتب، ونادي الأقلام، وقراءة في كتب، منها: مذاقات مختلفة في نصوص مهيب البرغوثي، وأمواج شهاب غانم، و(صلاة) عبد الله السبب، وتختتم العدد رفة جناح مدير التحرير الكاتب نواف يونس: (جدتي وأمير الشعراء)، ومنها نقرأ: حكايات الجدات علمتنا أن الأوان لا يفوت، وهي حكايات خالدة لا تنتهي، لأن الحياة مسرح كبير، تتجدد فيه الأحداث وتتعدد الشخصيات، لذلك تظل حكايات الجدات حية لا تموت، فالصراع لا يزال قائماً ومنذ الأزل وسيبقى بين الخير والشر بين القبح والجمال.. الحلال والحرام، النبل والخسة، الشجاعة والجبن، الطيب والخبيث.

وتهديكم المجلة كتابين: (الحوار الثقافي والإعلامي بين الشرق والغرب.. تحليلات وآليات/ (260) صفحة)، للمؤلف أندرو حبيب، ويتضمن هذا البحث ثلاثة فصول: الأول: إضاءات على زاويتين: الزاوية الأولى: حقائق ومسلمات، والزاوية الثانية: مفاهيم ومصطلحات، الفصل الثاني: الحوار بين الشرق والغرب، الواقع والرؤى من منظورين: المنظور الأول: الحوار بين الشرق والغرب، الواقع، والمنظور الثاني: الحوار بين الشرق والغرب، إشكاليات وتحديات، الفصل الثالث: الحوار بين الشرق والغرب، آفاق وانطلاقات، وذلك من خلال بعدين: الأول: آفاق وآليات الحوار الثقافي والإعلامي: (الأنا والآخر، تصويب الصورة الثقافية، مراجعة المعارف والأفكار عن الذات والآخر، نظام إعلامي جديد، تطوير الخطاب الإعلامي العربي، مستقبل الإعلام. البعد الثاني: تجارب وخبرات تأسيسية ونبراسية: ندوات، مؤتمرات، قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، شراكات ثقافية وإعلامية بين العرب والغرب، الدولة محورية والشخصية المثال، مائدة الحوار..، ثم خاتمة البحث التي تُبرز خلاصته وأهم التوصيات والاقتراحات لتعزيز منظومة الحوار الشاملة والمتكاملة وعلى وجه الخصوص الحوار الثقافي والإعلامي بين الشرق والغرب.

ويأتي الكتاب الثاني بعنوان: (المجلات الثقافية في الوطن العربي، د. محمد درويش درويش/ دعاء وحيد فؤاد/ هبة زين العابدين أحمد/ تقديم: د.سعيد إسماعيل علي، (230) صفحة)، ويتسم بأنه كتاب توثيقي لذاكرة المجلات الثقافية في وطننا العربي، ومنه نقرأ: نشأت في العالم العربي مشروعات ثقافية حكومية وغير حكومية منذ عقود، أسهمت في حركة الثقافة والنشر، مثل: الهيئة العامة للكتاب بمصر، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، ومؤسسة الملك فيصل للدراسات والبحوث بالسعودية، ودار سعاد الصباح، ومركز جمعة الماجد وسلطان العويس ومركز عبد الحميد شومان، وغيرها، كما نشأت جوائز قومية لتحفيز المثقفين على التأليف والإبداع)، ومن الخليج إلى المحيط، نستذكر تلك المجلات التي كانت بوصلة للتفكير والمخيلة والتطور، إلى أن نصل إلى الخاتمة التي تحدثنا عن المجلات التي فقدتها ساحتنا الثقافية، وعن المجلات المستمرة، وعن تلك المعاصرة، والمؤثرة، والناشئة، تاركين للقارئ التفاعل مع الكتاب والمجلات والمشهد الثقافي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى