الأحد ٣١ تموز (يوليو) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

جلال علوبة قائد يخت مغادرة الملك فاروق مصر

جلال علوبة من مواليد 3 يونيو عام 1910 بقرية جهينة التابعة لمحافظة سوهاج بصعيد مصر ووالده هو محمد على باشا علوبة العضو البارز فى حزب الوفد الذى كان يرأسه فى ذلك الوقت سعد زغلول وفى عام 1925 منح رتبة الباشوية ثم تقلد منصب وزير الأوقاف وبدأت جلال علوبة مع البحر فى عام 1922 حيث أرسل فى بعثة دراسية تابعة للحكومة المصرية إلى انجلترا وكان عدد طلاب البعثة 10 أفراد وذلك بهدف دراسة العلوم والفنون البحرية بقصد تعيينهم بعد ذلك كضباط بالبحرية المصرية وقد كان عمر جلال علوبة لا يتجاوز 12 سنة حيث اشترطت الحكومة المصرية ألا يقل سن الطالب عن 12 سنة وألا يزيد على 14 سنة وعلى الرغم من معارضة والده له بالسفر نظرا لصغر سنه إلا انه أقنع والده وبعد اجتياز جلال علوبة لفترة الدراسة بالبعثة والتى استمرت 4 سنوات تم إلحاق طلاب البعثة للتدريب على سفن الأسطول التجاري بغرض اكتسابهم الخدمة البحرية المقررة .

أتم جلال علوبة دراسته بالخارج وكذلك فترة تدريبه ثم عاد إلى مصر ليبدأ مشواره البحرى وتم تعيينه ضابطا على السفينة (نفتس) التابعة لمصلحة خفر السواحل وكانت مهمتها نقل وتموين قوة الجيش المتمركزة فى السلوم ولكن العمل على تلك السفينة لم يكن مرضيا لجلال علوبة نظرا لكون السفينة كانت من وجهة نظره لا تصلح للعمل فى البحر وكانت لديه رغبة فى العمل على السفن الضخمة والحديثة والتى يستطيع من خلال عمله عليها تطبيق ما درسه فى الخارج .

حصل إجازة من خفر السواحل وعمل على إحدى السفن التجارية العالمية إلا انه أيضا لم يكن راضيا عن العمل فقطع الإجازة وعاد مرة أخرى للخدمة العسكرية وانتقل مصلحة خفر السواحل وكانت مهمتها مكافحة تهريب المخدرات إلى داخل البلاد وعمل فى وظيفة مساعد أركان حرب المصلحة وعمل بها بإخلاص طوال فترة وجوده بها والتحق بعد ذلك بدورة دراسية تمهيدا لترقيته إلى رتبة صاغ (رائد) وتم تعيينه ضابط أول (قائد ثان) للطوافة الأمير فاروق وكانت مهمتها حماية السواحل المصرية من تهريب المخدرات.

ذات يوم وهو جالس فى السفينة شاهد اليخت الملكى المحروسة وهى تقوم بترك الرصيف لتجربة ماكيناته لمدة 24 ساعة ولكن مالفت نظر جلال علوبة هو أن يخت المحروسة تسحبه 5 لنشات وهذا ماجعله يتساءل عن كفاءة قائد اليخت وضباطه اللذين يلجأون إلى جره بخمس قاطرات بدلا من استخدام ماكينات اليخت الذاتية.

أرسل جلال رسالة إلى كبير الأمناء بالقصر الملكى وهو أحمد باشا حسنين وذكر له ما رآه وبع عدة أيام فوجىء بترشيحه ضمن 3 ضباط للعمل على اليخت الملكى المحروسة ثم بعد ذلك وصل خطاب يفيد بنقله من مصلحة خفر السواحل إلى اليخوت الملكية التى كانت تتبع كبير الياوران بالسراى الملكية ضمن قوات الحرس الملكى وكان وقتها قد رقى إلى رتبة الصاغ (رائد) .

حدث اللقاء الأول بين الملك فاروق وجلال علوبة عندما كان ضابطا مناوبا على اليخت الملكى قاصد خير بالقاهرة وهو وحده بحرية نيلية كانت مرابطة فى مرسى بالقاهرة وفى ذلك اليوم وقفت سيارة سوداء أمام المرسى ونزل منها الملك فاروق والملكة فريدة (وكانت تربط الملكة فريدة علاقة صداقة وطيدة من الصغر بزوجة جلال علوبة ) وكانت تلك المرة الأولى التى يرى فيها الملك شخصيا إلا انه لم يتحدث معه.

فى ذلك الوقت كان اليخت الملكى المحروسة قد عاد من الإسماعيلية إلى الإسكندرية وذلك فى 12 مايو عام 1946 فقد بقيت المحروسة فى الإسماعيلية حماية لها من قاذفات القنابل الايطالية والألمانية على ميناء الإسكندرية ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عادت إلى الإسكندرية مرة أخرى .

خلال تلك الفترة كان جلال علوبة يتبادل المناوبة بين الوحدات النيلية والمحروسة وكانت هذه فرصه لجلال علوبة لرؤية الملك كثيرا حيث كان يتردد الملك على المحروسة وخاصة فى فصل الصيف وبعد فترة تم تعيين جلال علوبة قائد ثان لليخت الملكى المحروسة .

تعتبر رحلة قبرص بداية التقارب الحقيقى بين الملك فاروق وبين جلال علوبة فقد صدرت الأوامر بتجهيز اليخت الملكى فخر البحار للقيام برحلة ملكية إلى جزيرة قبرص وكان جلال علوبة المسئول عن إعداد وتجهيز اليخت بكل استعدادات تلك الرحلة وكان الملك فاروق يزور اليخت كثيرا فى تلك الفترة كما كان يوجه الأسئلة والاستفسارات عن اليخت وتجهيزاته وكان جلال علوبة يجيبه دائما بإجابات وافية تنم عن معرفته بعمله مما جعله موضع ثقة الملك .

تكررت اللقاءات بين الملك فاروق وجلال علوبة فى تلك الفترة وكثيرا ماكان الملك يدعوه إلى السباحة معه من اليخت حتى منطقة الرملة البيضاء وهى مكان عند ملتقى حاجز ميناء الإسكندرية الغربى بمنطقة رأس التين بجوار الفنار .

تعددت الأدوار التى قام بها جلال علوبة فكان له دورا هاما فى هيئة قناة السويس إذ انه كان وراء إمداد الهيئة بضباط مصريين للتدريب على أعمال الإرشاد فقد كان وقتها جميع المرشدين العاملين بالقناة من الأجانب وخوفا من تصرفات فرنسا وانجلترا تجاه الملاحة فى قناة السويس اقترح جلال علوبة أن يلتحق بالقناة بعض ضباط اليخوت الملكية ومرشدى ميناء الإسكندرية للعمل كمرشدين وقد رحب الملك فاروق بالفكرة ووافق عليها وطلب منه التخطيط لتنفيذها وبالفعل تولى جلال علوبة دراسة وتخطيط وتنفيذ هذا العمل حيث أصبح بعد ذلك هؤلاء المرشدين هم النواة الأولى للمرشدين المصريين بهيئة قناة السويس وقد قاموا أيضا بعد ذلك بتدريب ضباط القوات البحرية الذين انتدبوا للعمل بالهيئة بعد تأميمها عام 1956م. بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 وتوقيع الملك فاروق على وثيقة التنازل عن عرش مصر لصالح ابنه الأمير أحمد فؤاد تحددت الساعة السادسة يوم 26 يوليو كموعد لمغادرة الملك فاروق إلى خارج البلاد على يخت (المحروسة) وقد طلب الملك شخصيا أن يقوم جلال علوبة بقيادة اليخت فوافقت القيادة على هذا الطلب لثقتها في جلال وهذا ما أخبره به الفريق محمد نجيب حينما استدعاه ليبلغه بالأمر .

طلب جلال أن ترافق اليخت سفينتين حربيتين للحراسة وفقا للتقاليد البحرية المعمول بها فى حال سفر الملك فى مهمة رسمية خاصة وانه سيكون على اليخت الملك الجديد أحمد فؤاد الثانى وقبل الموعد المحدد بنصف ساعة حضرت الملكة ناريمان ومعها الملك الصغير أحمد فؤاد والأميرات الـ 3 بنات الملك فاروق من الملكة السابقة فريدة وبعد ذلك حضر الملك فاروق بعد مراسم الوداع الرسمية التى طلب أن تتبع معه وفقا للتقاليد والبروتوكول .

الرحلة الأخيرة بين الملك فاروق والاميرالاى جلال علوبة قائد اليخوت الملكية وياور جلالة الملك بدأت تسطر سطورها الأخيرة وأثناء تلك الرحلة من مصر إلى المنفى حاول الملك فاروق أن يقنع جلال علوبة بالبقاء معه فى منفاه إلا انه اعتذر لإحساسه بالمسئولية تجاه وطنه بالإضافة إلى التزامه تجاه أسرته التى كانت لاتزال بالإسكندرية .

كان الملك فاروق مخلصا فى عرضه لدرجة انه عرض على جلال علوبة فى حال موافقته مليون جنية..
بعد عودة جلال علوبة من تلك الرحلة بفترة وجيزة تلقى جلال علوبة أمرا نص على قيامه بإجازة إجبارية وبعدها بحوالي 3 صدرت النشرة العسكرية التى أحيل فيها إلى التقاعد وتوفى جلال علوبة فى 18 مايو عام 1999 بالإسكندرية ودفن جثمانه في مدافن الأسرة بالقاهرة .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى