الجمعة ٢٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٤
فتاة المصنع
بقلم مهند النابلسي

حبكة لا واقعية وفيلم ممتع!

فيلم المخرج المصري محمد خان "فتاة المصنع الذي عرض بالأمس بالملكية للأفلام ضمن المهرجان الفرنسي-العربي المقام حاليا بعمان" هو بالتاكيد فيلم جميل ولافت (والاهداء لذكرى سعاد حسني وحيث تتكرر مشاهد من أفلام الفنانة الراحلة وأغانيها الحلوة)، وهو بالحق فيلم نسائي بامتياز وتستغرب من قدرة رجل على فك طلاسم النساء وغموضهن وفهمهن بهذا الشكل المدهش، ولكنه شريط غير واقعي من وجهة نظري فلا يمكن لشاب مصري عازب أن يتجاهل غزل فتاة جميلة وجذابة بالشكل الذي رأيناه بالفيلم، ثم ان طريقة اغواء الشاب ليتزوجها بهذا الشكل الغريب لا اعتقد انها واقعية وخاصة أن الأمر لم يقتصر الا على قبلة حسب ما ظهر بالمشاهد، وان كان المخرج الذكي قد اعطانا انطباعا مغايرا بقصد ليكتمل التشويق...بالرغم من ذلك فالمخرج ورط نفسه بحبكة صعبة متداخلة وأغرانا بالتشويق تدريجيا وجعلنا نتوقع مسارا محددا للأحداث الا انه فاجئنا بمسار آخر مختلف وغير منطقي ...فالفتاة التي تحاول ان تتماهى بحركاتها مع أفلام وأغاني سعاد حسني، أقنعت الجميع كذبا (بغموض مقصود وبمساعدة رفيقتها الحميمة ربما) بأنها حامل وراهنت بكرامتها وبشرفها بمجتمع لا يرحم ...وترك المخرج الشاب فجأة كالروبوت بلا عواطف وعمق عاطفي لتصل الامور لمأزق وتشهير وفضيحة...ثم فاجئتنا برقصة الفتاة المعبرة بيوم عرس الشاب على فتاة اخرى من طبقته أقل جمالا وبطريقة مفتعلة وكأنها تكيد الجميع بجمالها وبلامبالاتها و"انتصارها" المزيف المقهور (وربما قصد المخرج التعبير هنا فنيا عن خلاصها وتحررها)! ثم كيف لفتاة نجت باعجوبة من الانتحار وتكسر العظام أن تعود سريعا للرقص بهذه اللياقة والغنج واللامبالاة وكانها تود اشعار الجميع بأنها انتصرت وخرجت سالمة من مغامرة عاطفية فائقة الخطورة ...لقد نجح المخرج الذكي باحداث تماهي طريف مع سعاد حسني وأغانيها وأفلامها وضرب على وتر الحنين لأفلام الزمن الجميل الرومانسية، كما نجح بتسليط الأضواء على عقد "خلفة البنات" والعنوسة واصطياد الأزواج وبؤس الحياة الشعبية وكسب العيش والتفاوت الطبقي والاحتيال وطريقة التعامل مع قضايا الشرف وعالجها بنمط جديد يخلو من المبالغة والميلودراما والضجيج. وركز المخرج على حالات المشاركة والمساندة بالحارات الشعبية المصرية وفقدان الخصوصية،كما أن لوم الفتاة لخالتها التي كانت تصطحبها أحيانا لمساعدتها بخدمة البيوت كان مؤثرا: أنتي التي علمتني الخدمة والمذلة فلا تلوميني! أتحفنا محمد خان بجماليات بصرية آخاذة معبرة غطت على بؤس الواقع المشحون بالبؤس والفقر والصراع والكيد والحسد، ويبدو وكأن محمد خان قد أسقط الكثير من ذاتيته وهواجسه في العديد من المشاهد كما يفعل كبار المخرجين ! واللقطة الأخيرة كانت معبرة ومبدعة عندما راحت الام تقذف ببقايا شعر الفتاة المقصوص بالنيل داعية لها بتاج جديد من الشعر الجميل!

هامش:
فتاة المصنع هو فيلم المخرج الكبير محمد خان، وقامت بتأليفه وسام سليمان، وأنتجته شركة داي دريم للإنتاج الفني التي أسسها المخرج والمنتج محمد سمير وتدور أحداث الفيلم حول هيام، وهي فتاة في الواحد والعشرين ربيعاً، تعمل كغيرها من بنات حيها الفقير في مصنع ملابس، تتفتح روحها ومشاعرها بانجذابها لتجربة حب تعيشها كرحلة ومغامرة بدون أن تدري أنها تقف وحيدة أمام مجتمع يخاف من الحب ويخبئ رأسه في رمال تقاليده البالية والقاسية.

يقوم ببطولة الفيلم الفنانة ياسمين رئيس، هاني عادل، سلوى خطاب وسلوى محمد علي، مع مجموعة كبيرة من الوجوه الجديدة.

قال خان رائد السينما الواقعية في مصر المخرج الباكستاني الذي حصل أخيرا على الجنسية المصرية "محمد خان"، إنه يحب أن تتحرر شخصياته من ألمها في أفلامه وإن فتاة المصنع ليست مصرية ولكن تنطبق قصتها على كل فتيات المصنع في أي مكان في هذا العالم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى