الجمعة ٢٥ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم محمد مقدادي

حورية الرمل

على ساحلِ الوردِ
ألقت بساتين تفاحها
ومدت
على صفحةِ الرمل ِ
شالَ القصب .
فأينعَ في الرمل عرجونُها
ولما مددتُ يدي اقترب ْ
رق صوتُ الكمانِ
وجاء المغني
بما أشعلتهُ الأغاني
فاستعَرْتُ من القلب أجراسَهُ ،
ورحت أطرزُ حلماً .. وَجَبْ .
قال لي :
أيها العاشق ُ ،
الولِهُ ،
المضطربْ .
لم يعد كافياً
كل هذا العناقْ
لم يعد كافياً …
كل هذا التعبْ .
* * *
على ساحل الوردِ
ينمو القصبْ .
أَساورُ في الأفق تنثالُ
خصرٌ،
من الأبنوسِ الملِح ،
شفاهٌ
تجلجلُ حمرتُها في طلوعي .
يدانِ ،
هما كل ما اخْضَر في شرفتي
وجذوعي .
هما لحن نايٍ
أُجددُ فيهِ ارتحالي.. وبوحي
وأشرب فيه دمي ..،
أو دموعي .
هما…،
كل ما خلق " الله " من سوسنٍ
وما نزفت ،
في دجاها شموعي .
كيف تقوى ،
على الصد أغنيتي ؟
وأنا مدنفُ الروحِ
مشتاقةٌ،
للصهيل القليلِ… ضلوعي .
كيف أقوى ،
وبي شغفٌ
أن أرد إلى الأرض صلصالها
وآوي لها
كي أقدم للرمل ظلي.
ليشربَ ما شاء
من غيمِ طَلي.
وأمضي إلى نبعها ،
كي أصلي .
* * *
هاهو الرملُ يأخذنا
الأزقة ُ.. تمضي بنا
إلى أفقِ عليائها
والخطى لاهثاتٌ
إلى حيث يمنحنا البحرُ
رغوتَهُ،
وعناقيدَ مرجانهِ
وبقايا… صباه .
انه البحرُ _ يا سيدي _
فَدَعْ شرشف البحر
يلقي علينا عرائسَ زرقتِهِ ،
كي نلملمَ ،
خمسينَ عاماً،
من القحطِ ،
في ليلةٍ واحده.
ونشهقُ ،
حين نُنَقبُ في الرملِ
عن صدفٍ مهملٍ
أو ندب على الماءِ ،
مثل النوارسِ
يتبعنا الموجُ
كي لا نُضيع الخطى
أو نظل الطريق .
ها هو الموجُ
تَخْتُ المحبينَ
والرملُ زورقُنا
والسماءُ _ احتفاءً بنا _
تدلي قناديلها
والزوايا ،
_ على سَعَةٍ في الزوايا _
تضيقْ .
وبي كل هذا الجوى ،
والحريقْ .
أيسرقها الموجُ في غفلةٍ من دمي
ويغيبْ ؟
أيقتادُها سيدُ البرقِ،
صوبَ النجوم ْ ؟
أيرجعها طالعي ،
خلف هذي التخومْ ؟
هي ذي … من تقشرني
كي أعود إلى ماذوى ،
من دروبي .
وأُعفي دمي من ترهُّلهِ
وفمي من تلعثمهِ
ونضوبي .
وأشتاقُها
حينما تتدلّى يداها
إلى سفحِ روحي
لتوقظ أنهاريَ الغافيهْ
هلُمّي إلى فرحي .. وشجوني.
هلُمّي إلى غابتي..،
واستبيحي حصوني.
ستفضحني شهقتي
حين تأتي إليّ غزالاتها
سيفضحني هاتفي ،
حين تأتي رسائلُها آخرَ الليلِ
مغسولةً ،
برحيق أصابعها السابحاتِ ،
على جسدي ،
ومُشعِلَةً فِيَّ جمرَ ظنوني .
ستفضحُني ،
حيرةٌ في عيوني.
إذا أشرق البدرُ محتفلاً ،
إِذْ أُطِلُّ ،
وأمضي بهِ ،
مُستَهِلاًّ… جنوني .
سيفضحُني الحلمُ ،
حين أبوحُ بأسمائها ،
وبآلائها ،
وبما أودَعَتْهُ العناقاتُ،
من نشوةٍ،
في ثنايا ركامي.
وما خلفتهُ الزوابعُ من دهشةٍ ،
في عظامي .
سيفضحني الوردُ ،
حين أرشُّ مناديلَها ،
بعبيري … ووردي .
وحين أُسوّي ،
بأهدابها الحانياتِ ،
تضاريسَ وجدي .
وحين أقولُ ،
_ على صفحاتِ الجرائدِ _
أنَّكِ لي… ،
أنتِ… وحدي !!
* * *
يدانِ .. مضمّختانِ
بعطرِ الصّباحاتِ ،
والسُّهْدِ ،
ياأيها الجسدُ المستجيرُ برمضائه ،ِ
أعدني إليها
وَدَعْ شرشفَ البحرِ يُسقِطُنا
في أتونِ العناقْ .
أدِرْ شرفتي ،
نحو بوابةِ الملتقى
وهيّئ لنا كوكباً
لا يُلاحِقُهُ الضّوءُ .. والعابرونْ .
ولا ألتقي فيه موتايَ ،
حين أُصِرُّ على الموتِ في حضنها ،
كي أكون ْ .
أيُّهذا الفتونْ .
أعِدْني إليها
سليلةُ قلبي
سليلةُ ما خبَّأتهُ ضلوعي من الجمرِ،
عُدْ بي…،
إلى عشبها ،
وكهوفِ يديها
لأنّي أخافُ ،
إذا غرّبتني رياحُ التوحدِ ،
أن أنثني …،
قبل أن أنحني… ،
كي أُقبّلَ هذا الترابَ الذي ،
ظلَّ يشهقُ ،
حينَ تمرُّ ،
ويحملُ فوقَ الأكُفِّ ،
عرائشَ من ياسمينِ يديها !!
أعدني إلى عشبِها
أيُّهذا الجنونُ ،
أعدني..،
أعدني ..،
أعدني .. إليها !!

دمشق 22 | 7 | 2005


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى