الثلاثاء ٢٢ تموز (يوليو) ٢٠١٤
إحراق غزة..
بقلم مريم التيجي

فاكهة أوسلو..والقادم أنكى

إذا تأملنا التاريخ القريب، في ضوء ردود فعل النخبة العربية وبعض الجهات الرسمية مما يجري اليوم في غزة، يمكننا أن نستنتج ببساطة أن اسرائيل تستمتع بالفاكهة التي طرحتها بعد طول انتظار اتفاقية اوسلو التي تعود الى العقد الأخير من القرن الماضي..

بعد هذه الاتفاقية مباشرة، وبعد أن قبلت قيادات الكفاح الفلسطيني، التي كانت في المنافي، أن تعود وتستقر وتعلن قيام السلطة الفلسطينية أو مشروع حلم الدولة، ليس على كامل تراب فلسطين، كما كان يعدها الزعماء العرب في القمم التاريخية، وليس على الاراضي التي تعرف بأراضي 67، ولكن على الحديقة الخلفية للوطن، في زوايا مغلقة تحت رحمة المحتل,,

أول ما جنته اسرائيل من اتفاقية أوسلو، أنها اخترقت الاجماع العربي والاسلامي، وصارت بعض الاصوات تقول باحتشام في البداية، ولكن علا صوتها فيما بعد، ما شأننا نحن بإسرائيل ولم نختار العداء معها، في حين أن أصحاب الثأر الحقيقيين تنازلوا عنه، واعترفوا بالدولة العبرية، وجلسوا معها على طاولة المفاوضات؟ وأصبح التنسق اليومي معها حدث عادي؟

بل سمعنا في تلك الفترة، نخبا تقول :لم علينا أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم؟,,كما أن اتفاقية أوسلو أشرعت أبواب التطبيع السرية والمعلنة، وبدأت تتسلل ثقافة جديدة في الشارع العام، ولدى النخب السياسية والثقافية.
ومما أذكرهـ عندما كنت أراسل وكالة قدس برس الدولية من الرباط، في بداية الألفية الثالثة، أني رصدت التجاهل الكامل لبعض المناسبات التي كانت تهز سابقا الشارع المغربي، كمثال على ما يجري في الشارع العربي، فلم يعد أحد يلتفت الى يوم الأرض، مثلا ولا الى ذكرى النكبة، كما كان الامر قبل أوسلو,,و غابت خطابات من قبيل "فلسطين قضيتنا الأولى.." عن الخطابات الحزبية، والمناسبات السياسية، حتى أن المتتبع بدقة لما يجري ربما فوجئ برئيس الحكومة وهو يذكر اسم فلسطين في آخر تصريح له أمام البرلمان وهو يستعرض حصيلة نصف ولاية حكومته..

وغابت كل الأناشيد و الأغاني الفلسطينية الثورية، عن المدارس والجامعات، الا فيما ندر، كما لم يعد وضع الكوفية الفلسطينية عنوانا لأي شيء، ربما لهذا السبب وجدتها مرتين ملقاة في سوق الملابس المستعملة بعد أن تخلص منها أحدهم، وقد تشتريها عجوز لتدفئة رأسها ببضعة دراهم,,

ما لا يمكن القفز عليه، انه من أوسلو الى اليوم تربت نخب وأجيال لا علاقة لها بفلسطين، ولا بتلك الشعارات التي تربى عليها جيل ما بعد النكسة وما بعده، وانحسر التضامن المحتمل مع القضية في دوائر سياسية محدودة، تتوزع بين اليسار واليمين.وفي هذا السياق لا نستغرب أن تخرج مسيرات في اوربا يمشي فيها اوربيون من أجل أطفال غزة، في حين تبكي نخبة عربية على مواطنين اسرائليين يحرمون من نور الشمس لساعات وهم يحتمون في الملاجئ من لعب نارية تطلق من القطاع..

وأمام اعلام عربي لا يخجل من أن يطلب من العسكر دك غزة نكاية في خصم سياسي، لا يجب أن نستغرب خروج مسيرات عربية متضامنة مع إسرائيل,,

والقادم أنكى...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى