الأربعاء ٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٩
بقلم فتحي العابد

قهر الزمان

حدثني صديقي البائع في السوق، أن أحد المواطنين ممن تظهر عليه علامات قهر الزمان، بعد أن جال على كل الخضارين باحثا عن أرخصهم، طلب من أرخص بائع خضر أن يبيعه نصف كيلو من البطاطس بما أن ثمن الكيلو بـ 10 جنيه وهو لايملك ثمنه..

رفض البائع وطلب منه أن يرحل ولا يضيع له الوقت..

أمسكت ابنة الرجل الصغيرة بيد أبيها وقالت له: هيا يا أبى ليس من الضرورى العشاء اليوم فنظر إليها أبيها بحزن شديد لم يُرى مثله..

رق لحاله بائع آخر في الجهة المقابلة، فناداه، بعد أن وبّخ البائع الذي رفض قائلا له: تعالى أعطيك بدون مقابل. ولكن الله قضى أمرا كان مفعولا.. فجأة في تلك اللحظات أصيب الرجل المسكين بالرُعاف وسقط على الأرض وانقطع نفسه فاجتمع المتسوقين حوله وبعد نصف ساعة أتت سيارة الإسعاف بطاقمها، ونظر الطبيب إلى الرجل ووضع السماعة على قلبه ثم نظر إلى من حوله وقال لهم: "البقاء لله"..

سقطت الإبنة مغشيا عليها، وترحم الجميع على الرجل وقاموا بحمله وذهبوا..
فسالت الطبيب: ما هو تفسيرك لحالة الوفاة؟

فقال لي: إنه تعرض لضغط عصبي ونفسي شديد أدى إلى ارتفاع الضغط بشكل كبير وحدث انفجار داخلى..

وهنا فقط علمت أن الرجل مات مكسورا لأنه لم يستطع توفير وجبة العشاء لأطفاله..
مات بعد أن رأى الدموع فى عيون نجلته الصغيرة.. مات بعد أن مد يده وأذل نفسه لأخ له فى الإنسانية والدين والوطن، لكنه لم يرحمه، فقرر أن يترك دنيانا إلى دنيا أخرى قد تكون أحن عليه من دنيا البشر..

ندم البائع على صنيعه، وبقي أياما وليالي يبكي ويستغفر ربه، وتعهد أمام الله وأمام الجموع أن يواصل هو الإنفاق وتربية تلك البنت حتى تكبر، ورغم ذلك لم يسامح نفسه.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى