الاثنين ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧
بقلم رشا السرميطي

لا تكن متكررًا، كن ذاتك وكفى

الابداع - هو نتاج عقلي جديد، مفيد، أصيل، ومقبول اجتماعياً، يحلّ مشكلة ما بطريقة منطقيّة مقبولة. من مرادفاته: إتقان، إجادة، براعة، حذاقة، ومهارة. يرى ويسمع المبدع ما لم يره ويسمعه غيره، كأن يغدو المألوف لديه بطريقة غير مألوفة ينظم بها الأفكار في بناء مبتكر يخصه انطلاقا من عناصر موجودة ومتاحة، بكنه يوظفها بطريقه مختلفة وذلك مرده تلك الطاقة المدهشة لفهم واقعين منفصلين والعمل على انتزاع ومضة من وضعهما معا من خلال طاقة عقلية هائلة، فطرية في أساسها، اجتماعية في نمائها، مجتمعية إنسانية في انتمائها بالاعتماد على عناصر الابداع: الأصالة، المرونة والطلاقة. كما يمكن اعتبار الابداع القدرة على حل المشكلات بأساليب جديدة تعجب السامع، المشاهد، والقارئ.

مكونات الابداع هي: العمل الإبداعي، العملية الإبداعية، الشخص المبدع، الموقف الإبداعي.

مراحل الابداع: الاعداد وهي مرحلة جمع المعلومات، مرحلة تمثل المعلومات وتوليفها شعوريا أو لا شعوريا، مرحلة الاشراق وهي مرحلة خروج شرارة الإبداع وبدء الإبداع، والتحقيق والتنفيذ.

كتب فرويد عن الابداع:" أنّه كامن داخل كل فرد، لكن خروجه يعزى لأسباب عديدة، منها: الصراعات في العقل الباطن والتفريغ الانفعالي والتخيل وأحلام اليقظة ولعب الأطفال وإعاقة القمع النفسي والانسجام بين العقل الباطن والأنا. أما التحليل النفسي الحديث فيركز على ما قبل الشعور في الإبداع، وكذلك يلعب الحدس دوراً هاماً في الإبداع، وهو حكم عقلي أو استنتاج ليس مبنى على التفكير المنطقي، إنما على اللاشعور، ويتميز الإبداع في الفن بأنه يعتمد على العقل الباطن أكثر من العلوم على المنطق".

إذن يعدّ الإبداع تفاعلاً لعدّة عوامل عقليّة وبيئيّة واجتماعيّة و شخصيّة، تهدف إلى ابتكار أفكار جديدة مفيدة ومقبولة اجتماعيّا عند تطبيقها، تمكّن صاحبها من التوصّل به إلى أفكار جديدة واستعمالات غير مألوفة، وأن يمتلك صفات تضمّ الطلاقة، المرونة، الإسهاب، الحساسيّة للمشكلات، وإعادة تعريف المشكلة. لكنّ السؤال الذي يتكوّن من وقع الفكرة: هل الابداع يولد من رحم المعاناة؟

أعتقد بأنّ الابداع مهارة في التفكير، سواء كان الموقف فرح أم ترح، وهذه المهارة تولد طاقة تمكننا من السير على الغيم واقتحام الحرائق، أم كسر الزجاج الشفيف حولنا لاكتشاف ما وراء الخوف بشجاعة المعرفة والابحار في اكتشاف مكنوناتها. لسنا بحاجة للمعاناة لنغدو مبدعين، بل إنّ الظروف التي تشكلها المعاناة فتصنع المبدع بعيدة تماما عن الضعف والوهن، لكنّ الظروف القاسية قد يوظفها الماهر بطريقة ابداعية تجعلها قوة تتشكل من المقاومة والصبر، باستثمار قوى عقلية وبيئية واجتماعية، يتم توظيفها بعمق يرتبط بدراجات عالية من التحليل والاسبار في الواقع لايجاد ما لم يصل له الآخر، وإن كنّا نتحدث عن الابداع الأدبي، فإنّني أكاد أجزم أنّ الابداع فكر يتبعه تطبيق عملي ثمّ تنفيذ يأتينا كقراء بما لم يسبق الكتابة عنه، سواء في قضية ما أو حل لمشكلة ما في محاكمة أفكار الماضي والحاضر لاستشراف مستقبل ما.

ترى كيف يصبح الانسان مبدعا؟

إنّ تقبل الآخر المختلف هو أساس الابداع، فتقمص أدوار الآخرين تجعل الفرد مبدعا في فهم وتحليل الموقف واتخاذ الاجراء اللازم، وعلى صعيد الكتابة الابداعية نرى الكاتب الناجح يتقبل شخصياته باختلافاتها الدينية والاجتماعية وتوجهاتها السياسية أيضا محاولا طرح القضايا والأفكار التي يريدها أمام القارئ دون اقحامه برأيه الشخصي ووجهة نظره الخاصة تاركا له المجال في رؤية الموقف من الزاوية التي كتبها ليقول هو الآخر رأيه فيها، من خلال النقد والتقييم ومحاكمة النص.

أين فلسطين من الابداع؟

في بلادنا كثر المبدعون، ولدينا في فلسطين ابداع علمي وتكنولوجي وكذا فني أدبي رغم كافة التحديات التي يعيشها أفراد المجتمع منذ سنوات النكبة عام 48م، إلا أننا لم نزل نشهد مقاومة بالانتاج والمنجزات ومهما كانت بطيئة أم مصدّرة لدول عربية وأخرى أجنبية إلا أنّها تبقى أصيلة بفلسطينيّتها، وقد شهد العام 2016م تحديدًا الكثير من الانجازات العالميّة التي رصدت بهويّة فلسطينيّة مثل فوز المعلمة حنان حروب وتميز مدرسة الطلائع وطلاب الحساب الذهني لمادة الرياضيات وجوائز بوكر وكيتارا والملتقى الكويتي وجائزة محمود درويش وغيرها الكثيرمما رصد لصالح المبدع الفلسطيني.. وهذا يعكس حركة أدبية نشيطة ومتميزة على الساحة الأدبية تحديدا وجدت من رحم الحصار والذّل والمهانة والاستبداد الذي نعاني منه منذ أكثر من ستين عاما.

إن كثر المبدعين في بلادنا، فأين القدس من مبدعيها؟

أعتقد ولا أكاد أجزم لصغر تجربتي الأدبية وتواضع معرفتي بما قرأت أنّنا لم نزل مقصرين في الانتاج الأدبي عن القدس الذي يخدم المدينة ويحترم جمالها وقداستها وكذا مكانتها الخاصة في العالم العربي والغربي، إنّ هذه المدينة بالنسبة لي " ملهمة " في الفن والأدب والجمال الروحي والكوني.

ماذا يحتاج المبدع ليتخطى عقبات الابداع؟

المبدع لا يحتاج سوى الايمان بافكاره وامتلاك اراده قوية ورغبة في التغيير، ماعدا ذلك من الظروف الاجتماعية والاقتصادية ومحدودية النشر واحتكار المؤسسات الثقافية واقترانها بأسماء ثابتة، قد يسهل عملية الابداع ويقلل مشقاتها لكنه لن يمنع الابداع ويقتله مادام صاحبه مسلحا بارادته ويستطيع الدفاع عنه حتى يكبر الغراس وتمتد جذوره فينمو لنا باسقا مزيننا بأزهى ألوان الزهر والثمر.

من أجمل مقولات الابداع:

هيلين كيلر- الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء.

فرانك سيناترا- أفضل انتقام هو أن تنجح بشدة.

فرانك براون- المبدع هو رجل أكثر بدائية، أكثر تحضراً، أكثر تدميراً، أكثر جنوناً، وأكثر عقلانية من أي رجل عادي.

هوراس- من يعش في خوف لن يكون حراً أبدا.

يقول علماء الاجتماع: إن قوة الكلمات تفوق أي قوة توصل لها الإنسان كالكهرباء أو الطاقة النووية" لذلك كانت كلمات العلماء والأدباء والمشاهير والشعراء ورجال الأعمال والنقاد والمحللين أقوى من أي قوة أخرى وهذه مقتطفات من عصارة أفكار هؤلاء.

ايفرت داير كسين- الحياة ليست ثابتة، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم هم سكان المقابر والمجانين والموتى.

أبو بكر الصديق- احرص على الموت توهب لك الحياة.

علي بن أبي طالب- لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال.

ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع - 5/1/2017م


مشاركة منتدى

  • الفنانة المبدعة - رشا القدس

    ألفت نظرك بإزالة الألف المكررة في كلمة (الاجتماعية) المذكورة في سياق هذا السطر

    وعلى صعيد الكتابة الإبداعية نرى الكاتب الناجح يتقبل شخصياته باختلافاتها الدينية و(الاجتماعية)...

    ولازلت توّاقاً مبتهجاً لقراءة مزيد ابداعك

    كل التحيّة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى