الثلاثاء ٢٤ أيار (مايو) ٢٠١٦
عن وإلى مبدعة
بقلم فراس حج محمد

من بلدي الكاتبة الفلسطينية فاطمة نزال

ما زلت مؤمناً أشد الإيمان بجمال وعميق وإحساس ما تكتبه الكاتبة الفلسطينية فاطمة نزال، فهي تمتلك مخزونا معرفيا وأناقة حرف وجمال صورة يفتقدها كثير من الكتبة المدعين. فاطمة نزال ابنة بلدة قباطية التي ما زالت تنقش الجمال والمقامة على صفحات المجد فيما تصنعه من لوحات في المقاومة والتصدي لمحتل بغيض جاثم على أرض جبل ترابها بدماء الشهداء الشذية.

تعود معرفتي بالكاتبة فاطمة إلى أكثر من أربع سنوات، منذ أن قرأت لها أول مرة، فلم يكن حرفها خداجا ولا جملتها رجراجة، كانت كمن يكتب بوحي علويّ، مستقر ثابت الأقدام في أرض بكر لم يكن لها فيها شريك، لم تكن ترضى بالتافه من القول ولا المتاجرة الرخيصة بالمشاعر ولم تتسلق يوما حكاية مغرية لتكتبها وتجمع حولها المعجبين والمعجبات، كانت وهي مغتربة يكويها الحنين لفلسطين ولتاريخ فلسطين، هذا التاريخ الذي كان لها ولإخوتها شرف صناعته بعمليات بطولية، فهي إخوة الشهداء والمناضلين وهي قبل ذلك نابتة متجذرة في عائلة مثقفة تعرف للعلم حقه وللفكر مكانته، تحمل فكرا منفتحا غير منداح ولا متحرر سفيه، فكرا كان وما زال نقيا وصلبا مثل جذع زيتونة معمرة تمد جذرا عميقا بتربة الإبداع ليكون ثمرا شهيا يعجب القرّاء والنقاد على حد سواء.

لم أكن وحدي من التفت لما تجود به قريحة الشاعرة والكاتبة فاطمة نزال، فقد التفت لها في غربتها واغترابها نقاد من الوطن العربي فكتبوا عن قصائدها وقصصها قراءات نقدية مطولة، فما زالت في البال قصتها "نوادر علي" تثير الكثير من الأسئلة، وخاصة تلك الأسئلة الفنية المتعلقة بالشكل الفني عدا ما فيها من مضمون لافت، وما كتبته عن الأسرى يشرع للمعنى ألف باب وباب، وهذا أهم ما يميز كل ذي قلم حقيقيّ.

كان لي شرف الكتابة عن نصوص كثيرة للكاتبة، من نوادر علي إلى بعض القصص القصيرة جدا التي حللتها وضمنتها كتابي "ملامح من السرد المعاصر"، وقد شاركت في هذا الكتاب بأكثر من وجه، فحاورتني واختلفت معي حول بعض النصوص، فكانت ذات وجهة نظر قوية صلبة لا تعرف التلون ولا التشتت، وليس ذلك وحسب بل تشرفت كذلك بكلمة موجزة قصيرة كتبتها على غلاف كتابي "يوميات كاتب يدعى X"، وقدمتني في كتاب "كأنها نصف الحقيقة" بمقدمة فارهة تعريفية، كأنها تعرف سر أسرار ذلك الكتاب.

اليوم وبعد أن تعود الكاتبة فاطمة نزال إلى فلسطين وتعود لعناق حقيقي لتراب وهواء هذا الوطن المبتلى تتابع نسج إبداعها في خريطة ممتدة لتكون ذات دلالة خاصة وعلامة مميزة كصوت شعري نسائي طافح بالرقة والعذوبة مع ما يختزنه من ألم وشجن.

نتمنى للكاتبة مزيدا من التألق والإبداع ومسيرة حافلة بالإنجازات الكبيرة مع شوقنا الكبير لرؤية كل تلك النصوص العابقة سحرا وجمالا في مصنفات وكتب تزيد المكتبة العربية والفلسطينية ثراء ومتعة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى