نبيل فاروق: أدهم صبرى بطل عربى 100%

– ديوان العرب: نرحب بالكاتب الكبير نبيل فاروق على صفحات مجلتنا.. ونود فى البداية أن تشرح لنا مفهوم أدب المغامرات.. وهل له جذور فى أدبنا العربى؟
– نبيل فاروق: أدب المغامرات يعتبر نوعا من الأدب المتخصص. وهذا الأدب فى حد ذاته ليس جديدا فى الثقافة العربية. فهو موجود على سبيل المثال فى قصص المغامرات العربية. فهناك مثلا قصة أبو زيد الهلالى، والزناتى خليفة.. وغيرهم كثيرون. هذه القصص والملاحم الشعبية هى فى الأساس مغامرات قام بها أصحابها.. ولكن هذه الأعمال لم تكن مصنفة تحت بند أدب المغامرات. ولهذا فإن الجديد هو فقط تصنيف هذا النوع من الأدب. ومع تطور وسائل النشر من مجرد النقل الشفوى القديم إلى ظهور الطباعة، ظهر شكل من أشكال كتابة تلك السير أو المغامرات بشكل مسلسل. وربما لو كانت هناك مطبعة فى زمن الرواة لتحولت تلك المغامرات إلى مطبوعة ومسلسلة. وبالتالى، فتطور وسائل الطباعة أتاح ظهور "أرسين لوبين" و "شيرلوك هولمز" و غيرهما..

– ديوان العرب: ومتى بدأ التصنيف الحديث فى العالم العربى لهذا الأدب؟
– نبيل فاروق: بدأ هذا التصنيف فى مصر.. وأعتقد أنه مازال غير منتشر فى الدول العربية الأخرى. وأول من قدم أدب المغامرات فى مصر فى شكل سلاسل هو الأستاذ الكبير "محمود سالم" الذى كان يكتب فى الستينات سلسلة مغامرات بإسم "المغامرون الخمسة" وقد لقيت نجاحا منقطع النظير. وظل "محمود سالم" منفرداً بالساحة لسنوات، حيث كان "المغامرون الخمسة" هم أول فريق عربى يقوم بمغامرات بوليسية غير مترجمة. ولكن توقف تلك السلسلة عن الصدور فيما بعد أحدث فجوة غير عادية، وخلت الساحة مرة أخرى.

– ديوان العرب: وما سبب هذه الفجوة؟
– نبيل فاروق: ببساطة لأن كل المحاولات التى تلت "محمود سالم" كانت مجرد محاكاة و تقليد له. لم يكن هناك تجديد. وجميع التجارب التى ظهرت تؤكد أن المبتكر دائماً له السبق، وعلى كل من يليه؟ أن يبتكر شيئا جديدا، و إلا بقيت أعماله كنسخة مشوهة.. ويبقى فى الظل بلا قيمة.

– ديوان العرب: ولماذا اخترت أنت هذا النوع من الأدب أو هذا الشكل من الكتابة والإبداع؟
– نبيل فاروق: عندما بدأت كتابة المغامرات فى سلسلة "روايات مصرية للجيب"، كان ذلك طفرة على الأدب الموجود فى الساحة. فالساحة شبه خالية ليس فيها سوى مجموعة السلاسل المترجمة، التى يعاد طبعها كل فترة بعد أن مات مؤلفيها و لم يعد من الممكن أن تصدر منها أعداد جديدة مثل قصص "أجاثا كريستى" و "موريس لا بلان" و غيرهم. و كان "محمود سالم" قد توقف عن كتابة (المغامرون الخمسة) منذ فترة طويلة، و بدأ فى سلسلة "الشياطين ال 13" التى لم تلق نجاح سابقتها. هنا ظهرت "روايات مصرية للجيب". ولأول مرة فى مصر، بل فى العالم العربى كله تظهر سلسلة مغامرات مؤلفة، و ليست مترجمة بطلها فرد واحد، هو "أدهم صبرى: رجل المستحيل".

– ديوان العرب: هل أفهم من كلامك أنك خططت لكتابة أدب المغامرات لتضمن لنفسك النجاح بسبب خلو الساحة؟
– نبيل فاروق: أنا شخص عقلانى التفكير.. و أعتقد أن أى شيء يفعله الإنسان بدون وعى سيكون مصيره الفشل. العشوائية لا تحقق النجاح. ولكن هذا لا يعنى أن فن الكتابة والإبداع يمكن أن يتوافر للإنسان من خلال قرار. يمكننى أن أفعل أى شيء فى هذه الدنيا بقرار.. ولكننى لم أسمع إطلاقا أن شخصا ما اتخذ قرارا بالإبداع لمجرد تحقيق الشهرة، ونجح فعلا. ولولا وجود الموهبة وعشق هذا النوع من الكتابة لفشلت كما فشل آخرون. منذ كان عمرى عشرون عاما، وأنا أتساءل.. لماذا لا توجد شخصية مصرية تعمل من أجل مصر كما يعمل الآخرون من أجل التاج أو الملكة؟ ولكى أكون صريحا معك.. لم يكن يخطر فى بالى أن أكون أنا كاتبها أو مبتكرها، أو أننى سأحظى بهذا الشرف. لكن عندما سنحت أمامى الفرصة للكتابة، بدأت بسلسلة "ملف المستقبل".

– ديوان العرب: وكيف بدأت التفكير فى سلسلة "ملف المستقبل"؟
– نبيل فاروق: كانت المؤسسة العربية للدراسات والنشر قد أعلنت عن مسابقة لكتابة مجموعة قصص. وكان من ضمن الشروط أن تكون القصص المتقدمة للمسابقة مكتوبة للشباب بلغة راقية بدون ابتذال. وأن يقوم ببطولتها فريق علمى يهتم بالمغامرات، و بكشف الألغاز العلمية لتحقيق أهداف وطنية.. وكان إختيارى لفريق المغامرين جديدا غير تقليدى. فقد وضعت ضمن فريق العمل طبيبا نفسيا. وجعلت من وجود هذا الطبيب النفسى ركنا أساسيا فى القصص، حيث يقوم بتحليل نفسية المجرم مما يساعد فى الكشف عن غموض المعضلات العلمية التى تواجه فريق المغامرين. و هذا الشكل لم يكن معروفا. و كان من الغريب أن يضم فريق مخابرات علمية طبيبا نفسيا.. وبعد انضمامى إلى مجموعة كتاب المؤسسة اقترحت على الناشر فكرة سلسلة "رجل المستحيل"، فوافق عليها.

– ديوان العرب: البعض يزعم أن شخصية "أدهم صبرى" مأخوذة عن شخصية حقيقية، و البعض يؤكد أنها شخصية خيالية، فما هى الحقيقة؟ خاصة و أن مهاراته مبالغ فيها، كما أنه لا يموت أبداً؟
– نبيل فاروق: لن أكشف مسألة هل أدهم صبرى حقيقة أو خيال إطلاقا. لكن فكرة مهاراته المبالغ فيها، و تعرضه للموت ثم إكتشاف القارىء أنه مازال حيا فهذه مسألة حيوية، فعندما أكتب سلسلة لابد أن أملئها بالمفاجآت، والصدمات، والتغييرات كل فترة حتى لا يمل القارىء، وتموت السلسلة، فالسلسلة ليست رواية تنتهى أحداثها مع إنتهاء صفحاتها.

– ديوان العرب: لماذا انجذب الشباب العربى لسلسلة "رجل المستحيل"؟ قد يكون تقبل هذه السلسلة مصريا، مع وجود بطل مصرى للسلسلة.. لكن كيف نجحت عربيا؟
– نبيل فاروق: ببساطة، لأنه بطل عربى 100%. يطارد أجهزة مخابرات، وتطارده أجهزة مخابرات أخرى، ويحارب نفس العدو الذى يهددنا جميعاً، فكل العرب لهم حلم واحد وعدو واحد. و عندما يظهر بطل عربى أيا كانت جنسيته يحارب لصالح العرب، يجد صداه فى القلوب فورا. وأنا طوال عمرى أكتب من قلبى لأنى أحب ما أكتب. وهناك زملاء يعيبون على لأنى مازلت مستمرا فى كتابة أدب المغامرات. وأنا لا أستطيع أن أفهم هذا المنطق، لماذا يعتبرون "أجاثا كريستى"، و "أرثر كونان دويل" عظماء لمجرد كونهم أجانب، وعندما يكتب مصرى نفس ما يكتبونه يعتبرونه تافه! أنا أحب هذا النوع من الأدب و برعت فيه، و مهما كتبت فلن أصنع مجدا يفوق شخصية "أدهم صبرى"، ومهما قالوا، فكلامهم لن يغير حقيقة أنه أول بطل عربى معاصر ينجح من المحيط إلى الخليج. ومهما ظهرت بعد "أدهم صبرى" من شخصيات فسيبقى هو الأول.

– ديوان العرب: سمعنا أن لك مشكلة مع إتحاد الكتاب المصريين.. ما هى؟
– نبيل فاروق: لقد ظل إتحاد الكتاب يرفض ضمى إليه لفترة طويلة. وقد تقدمت للحصول على عضويته مرتين، وتم تجاهلى، فلا هم رفضوا، و لا هم وافقوا، فلو كانوا قد رفضوا كان بإمكانى رفع دعوى قضائية، و الحصول على العضوية بالقوة ، فتاريخى يقترب من ال 500 عمل مطبوع، ومنشور، والشهادات تؤكد أننى الأعلى توزيعا فى العالم العربى. ولكن الحمد لله المشكلة تم حلها مؤخرا، وتم قبول عضويتى بعد سنوات من المحاولة.

– ديوان العرب: ولماذا عاملك إتحاد الكتاب بهذا الشكل؟
– نبيل فاروق: مجرد نمطية ثقافية، ودكتاتورية فكرية. القضية تتلخص فى جملة واحدة هى "إن لم تكتب كما نكتب فأنت لا تكتب"، فنحن شعب يتصور أن هناك وسيلة واحدة لتقديم الفائدة للناس.

– ديوان العرب: هل تتدخل جهة ما فيما تكتبه على اعتبار أنك تكتب مغامرات مستمدة من ملفات المخابرات؟
– نبيل فاروق: إطلاقا. لا أحد يتدخل فيما أكتب، لكن لو كانت القصة التى أكتبها مأخوذة عن واقعة حقيقية، فإنه حسب القانون لابد من الرجوع إلى جهاز المخابرات وهذا إجراء عالمى متعارف عليه.