الأحد ٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم أشرف شهاب

أحمد عبد العزيز: أرفض العمل فى السينما

عبد العزيز واحد من الفنانين الجادين الذين وهبوا حياتهم للفن، ولهذا لم يأت نجاحهم من فراغ. فهو عصامى، صنع اسمه بنفسه، وحفر لنفسه مكانة عميقة فى قلوب عشاقه فى مختلف أرجاء الوطن العربى. تشعر وأنت تتحدث إليه أنه معجون بماء النيل. وهو يفتخر بأنه صاحب أسلوب مميز. فى القاهرة، وفى مطعم "الجريون" بوسط البلد، الذى يعتبره واحدا من أماكنه المفضلة أجرى مراسلنا فى القاهرة أشرف محمود معه هذا الحوار:

 فلسطين: قدمت على مدار حياتك الفنية مجموعة من الأعمال التى تركت بصماتها واضحة فى قلوبنا كمشاهدين. فما هى أهم المحطات الفنية فى حياتك؟

 أحمد عبد العزيز: أعتبر أننى واحد من الفنانين الذين شقوا طريقهم بصعوبة وسط مصاعب ومتاعب الوسط الفنى، ولكن الله وفقنى. وقد قدمت للناس مجموعة من الأعمال التى أرى أنها متميزة. وهناك مجموعة من الأعمال مثل ""وداعا بونابرت" مع يوسف شاهين، و"الطوق والأسورة"، و"عودة مواطن"، و" حارة برجوان"، و قدمت شخصية "إخناتون" فى مسلسل "لا إله إلا الله". كما قدمت أدوارا مهمة فى مسلسل "الوسية"، و"ذئاب الجبل"، و "الفرسان"، و "من الذى لا يحب فاطمة".

 فلسطين: كيف توجهت أصلا إلى عالم الفن؟

 أحمد عبد العزيز: بدأت موهبة التمثيل منذ أيام الطفولة، ولكنها أخذت فى التبلور فى أيام دراستى الجامعة. وقد لعبت مجموعة أدوار على مسرح الجامعة كممثل هاو، ثم انتقلت بعدها للدراسة بمعهد الفنون المسرحية حتى أصقل موهبتى، ثم عملت لفترة فى مسرح الطليعة قبل أن أبدأ العمل بشكل ناضج كممثل محترف.

 فلسطين: ولكننا لم نعرفك إلا من خلال مسلسل "الوسية" الذى يعتبر البداية الحقيقية لك من وجهة نظرى.
 أحمد عبد العزيز: ليس صحيحا هذا الكلام. فعمل واحد لا يمكن أن يصنع من الممثل نجما. النجومية عبارة عن تراكم مجموعة من الأعمال الناجحة التى تتركز فى ذهن الجمهور عن الممثل. وبالتالى يبدأ فى تصنيف هذا الممثل أو ذاك فى خانة النجومية. وخذ عندك مثلا، هناك البعض من المشاهدين أعجبهم جدا دورى فى مسلسل "الفرسان" ولكنهم لم يعجبوا بدورى فى مسلسل "ذئاب الجبل"، والعكس صحيح أيضا. وهناك من يحبون دورى فى شخصية أبو زيد الهلالى والبعض يفضل أحمد عبد العزيز الكوميدى فى مسلسل "من الذى لا يحب فاطمة". إذا مجموعة الأعمال هذه هى التى صنعت منى نجما له جمهور عريض. وأنا أعتز بجمهورى وبجماهيريتى.

 فلسطين: لماذا أنت مقل فى أعمالك فى الفترة الأخيرة؟
 أحمد عبد العزيز: إنتاجى لم يقل. ولكن ربما أنت تشعر بأننى غير موجود بسبب تعدد القنوات التليفزيونية. فمع تعدد القنوات زاد حجم الأعمال المعروضة، وبالتالى تولد لدى المشاهدين الإحساس أننى مقل فى أعمالى. وعلى العموم أنا لا أحب تكرار الظهور أمام الناس إلا من خلال أعمال جيدة تضيف إلى رصيدى. وهناك أعمال عديدة أرفضها بعد قراءتها. وأنا لن أتنازل عن تقديم المستوى الأحسن والأفضل لجماهيرى حتى أظل محتفظا بمكانتى فى قلوبهم.

 فلسطين: حسنا، وإذا كنت تقول أنك موجود فى التليفزيون فأنت لست موجودا فى السينما.
أحمد عبد العزيز: أساسا أنا لا أفكر كثيرا فى تقديم الأعمال السينمائية.

 فلسطين: لماذا ؟

 أحمد عبد العزيز: لأننى أعتبر أن السينما تمر بأزمة خطيرة. لقد قل عدد الأفلام التى تنتجها مصر سنويا بنسبة تقارب 90% عن ما كنا ننتجه فى فترة الستينيات. واصبح الكل يبحث عن الفرقعات، وتحولت السينما من فن راق إلى تجارة. ودخل إلى صناعة السينما من لا يهمهم الفن ولا الذوق ولا تقاليد المجتمع. واصبح الهدف هو الربح بأى وسيلة، وعلى حساب المتفرج. وأنا أرفض هذا الأسلوب تمام، وسأرفض العمل فى السينما طالما ظل الحال على ما هو عليه.

 فلسطين: ولن تخرج من هذه العزلة الاختيارية إلا إذا جاءك النص الجيد الذى ينزعك منها؟ أو إلى حين إشعار آخر؟
أحمد عبد العزيز: نعم.

 فلسطين: ولكن السينما التى تتهمها هذه الاتهامات صنعت نجوما لهم جماهيريتهم. وهم أيضا يعتقدون أنهم يقدمون فنا راقيا، وأن ظروف المجتمع تحتاج إلى التغيير وليس الجمود.
 أحمد عبد العزيز: هؤلاء النجوم هم أبناء هذه السينما. وهم خرجوا من رحمها لكى يقدموا الفن المناسب لها. ولهذا يقدمون أفلام "الفرقعات الإعلامية"، بغض النظر عن القيمة الفنية أو المحتوى. وقد اكتفت السينما بهذه النوعية من الأفلام التى تحقق الجماهيرية والربح على حساب الفن نفسه، الذى راح ضحية.

 فلسطين: أنت تفتح النار على نفسك بمهاجمة الجميع دون تفرقة..
أحمد عبد العزيز: أنت الذى تريد استدراجى لفعل ذلك. ولكننى لأن أقول سوى ما أريد قوله. هذه أمانة والكلمة أمانة. والجمهور أيضا والمجتمع أمانة فى عنقى.

 فلسطين: ليس من مصلحتنا أن نوقع بينك وبين زملاءك من الفنانين..
 أحمد عبد العزيز: جميل ..ربنا يستر

 فلسطين: لاحظت أنك تتحدث من خلال تبنى وجهة نظر معينة.. ولديك قصية تحاول توضيحها، وتخوض من أجلها المعارك..
 أحمد عبد العزيز: هذا شىء طبيعى. يجب أن يكون لكل فنان رؤية تميزه. وأنا أؤمن بأن لكل إنسان رسالة فى الحياة. وأنا كممثل أحاول من خلال دورى البسيط أن أنقل رسالتى للناس. ولكن يبقى للمؤلف والمخرج مساحة أوسع لعرض وجهات نظرهم فى العمل الفنى. وهكذا فأنا أحاول الدفاع عن وجهة نظرى ولكن فى إطار محدود. وأحاول التغلب على هذا من خلال التدقيق فى أعمالى، و إتقان دورى بشكل ممتاز حتى أتواصل مع الجمهور ليشعر بى، ويشعر بأن لدى رسالة أريد نقلها.

 فلسطين: وما هى المكونات أو المحددات التى يجب أن تشكل ثقافة الفنان من وجهة نظرك؟
 أحمد عبد العزيز: لا يجب أن تنحصر ثقافة الفنان عند حدود معينة. ويجب ليس على الفنان فقط بل على كل شخص أن يوسع من مصادر ثقافته، وموارد معرفته. وأن نعرف شىء عن كل شىء. أما معرفة كل شىء عن شىء فهذه ثقافة العالم المتخصص، وليس المثقف.

 فلسطين: حسنا، وكيف ترى إذن كمثقف التطورات التى تحدث فى الساحة الفلسطينية؟
 أحمد عبد العزيز: أنا من أنصار السلام، وأكره الحرب. ولكن إسرائيل لا تبحث عن سلام. هذا واضح من تصرفاتهم. والحقيقة أن الإسرائيليون واضحون جدا. فهم يقومون بتنفيذ مخطط معروف. وهم لا يحيدون عن أهدافهم أبدا. ونحن نعرف هذا عنهم. ولكننا نغض الطرف عن هذا كله بحجة أن لنا مصالح وعلاقات مع بقية دول العالم. ونحن الذين نسعى دائما إلى التمسح بالولايات المتحدة الأمريكية، ونصر على وصفها بأنه الصديق، والراعى لعملية السلام. مع أن الأمريكان أيضا واضحون وهم دائما على اختلاف حكوماتهم كانوا يعلنون تأييدهم العلنى لإسرائيل. من الواضح أن المشكلة فينا نحن. ولكنتنا نصر كالعادة على إلصاق التهم بالآخرين.

 فلسطين: نحن سعداء جدا بهذا الحوار السريع. ونتمنى لك مزيدا من التوفيق.
 أحمد عبد العزيز: شكرا.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى