الأحد ١٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم عبد النبي حجازي

أنقذوا أنفسكم من أنفسكم

باع جحا داره مشترطاً على المشتري أن يترك له مسماراً في حائطٍ داخلها فوافق الرجل، وبعد أيام جاءه زائراً يطلب أن يطمئن على مسماره فرحب به وقدم له الطعام، ولم تمض أيام قلائل حتى جاء يزوره مرة أخرى، وبعد الطعام فوجئ به يخلع جبته ويفرشها على الأرض متهيِّئاً للنوم. نظر إليه الرجل مستغرباً فقال جحا "سأنام في ظل مسماري!!" وأخذت الزيارات تتكرر وجحا يختار أوقات الطعام ليطمئن على المسمار حتى ضاق به الرجل فقال له "ها أنذا أترك لك الدار بما فيها"

أباح (دبليوبوش) والمحافظون الجدد المتصهينين إبادة كل من لاينتمي إلى (ملتهم) وهدروا دمه وسموا الإرهاب ـ كما نعلم ـ بأنه كل مقاومة لأي عدوان على شعبٍ آمن في عقر داره , ونشطت وسائل الإعلام المشبوهة بالدعوة إلى الإذعان للعدو في العراق بعد أن دمروه وشتتوا شعبه وسموه (استقراراً) بروح طائفية (نكاية بصدام).. وراح الإعلام (الإسلامي) بما فيه المواقع الإلكترونية يتحدث عن تحريم قتل النفس داعياً إلى (الاستسلام) والخنوع بأدلة من القرآن والحديث بطريقة "لاتقربوا الصلاة.." واحتدم الاقتتال بين الإخوة (الأعداء) في فلسطين، وتناوبت ناره بين الشبوب والخمود وبين الكمون والإرهاص في أصقاع عربية أخرى، وغلى الألم في قلوب المواطنين العرب حتى بدونا كأننا مدمنون فقدوا أحاسيسهم وتبلدوا وأرخوا رؤوسهم ينتظرون زلزالاً جديداً أو زلزالاً خامداً يوشك أن يثور.

إن صوت تلك الأعرابية التي قالت لأحد الخلفاء "كبت الله كلّ عدوِّ لك إلا نفسك" مايزال يدوي في صدر كل من ينوي الاشتباك بأبناء وطنه متحرّشاً أو مرابطاً لأي سبب ويبدولي أن الاستعمار ترك (مسمار جحا) في بلادنا العربية و(الإسلامية) التي كانت محتلة أو شبه محتلة أوالتي ماتزال محتلة وما (مسمار جحا) إلا كل جاسوس أو خائن أو عميل أو من فيه (حمق) لا يفرق بين أمامه وخلفه.

ويتلقّى الاستعمار طعنة فيروغ عنها ويتوارى وكما يفعل (أبوبريص) الذي هدته غريزته إلى أن يقطع ذنبه ويتركه يتلوّى ويضطرب ليضلل (ملاحقه) أنه مات، ولكم أن تتخيلوا من هم (أذناب أبوبريص). إنهم أولئك المتناحرون الحمقى الذين تلعب برؤوسهم النزوات سواء كان تناحرهم بسبب خلافات (أيديولوجية) أو سياسية أو حزازات (صفيقة) طائفية أودينية وبخاصة أولئك الذين يوقعون الضحايا ويختطف بعضهم بعضاً نيابة عن العدو الذي تركوه يسرح ويمرح، ويختلط فيهم ذوو النيات الحسنة بالجواسيس والخونة والصامتين الثابتين الذين تُروى عن أمثالهم حكاية مفادها "أنهم في إحدى الدول أن أرادوا يختبروا المتقدمين إلى الشرطة فوضعوهم في غرفة كبيرة وفجأة أطفأوا الأضواء وأخرجوا أصواتا مجلجلة وعندما أناروها وجدوهم جميعاً مختبئين في الزوايا وتحت الكراس ماعدا واحداً مايزال جالساً على كرسيه فقال له القيِّم "قم أنت الفائز" وإذا بالماء يسيل من تحته.

ارحموا أنفسكم وأولادكم وأحفادكم من غضبة التاريخ , وتذكروا قول المتنبي :

من يهن يسهل الهوان عليه

ما لجرح بميت إيلام


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى