الثلاثاء ٢٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم إياد حسين عبد الله

استخدامات الخط العربي في الفنون البصرية والتشكيلية

يثير الخط العربي تساؤلات عديدة كما لم يثره اي فن من الفنون ، وذلك لشموله جوانب عديدة من حياة الانسان ، وميادينه مختلفة ذات تماس مباشر باحتياجاته الجمالية والوظيفية . فهو بالتالي لا يخص ذوي الشأن من الخطاطين بل تعدى ذلك الى كونه احد اهم الفنون التي تعكس تطور الفكر الانساني في الدراسات الانثربولوجية الحديثة .

ومن ابرز ميادين دراسات الخط العربي هي :

1. الدراسات التاريخية في نشاة الخط العربي وتطوره .

2. الدراسات اللغوية في تكون المفاهيم وتطور مفرداتها .

3. قواعد الخط العربي – اصوله وقواعده .

4. تصميم اشكال الحروف الطباعية واستخداماتها في تقنيات الحاسوب .

5. المنطق الجمالي للخط العربي وفقا للفلسفة الاسلامية .

6. استخدامات الخط العربي في الفنون التشكيلية المعاصرة .

شكل (1)

ولازالت جميع هذه الميادين ( التاريخية واللغوية والحرفية والتقنية والفلسفية والفنية ) بحاجة الى مزيد من الدراسة والبحث والتطوير .

ولعل موضوع استخدام الخط العربي في الفنون البصرية والتشكيلية ، والذي يضفي عليها طابعا عربيا واسلاميا ، احد الموضوعات المهمة التي لاتقتصر على الجانب التطبيقي في هذا الاستخدام ،وانما تستند الى منطلقات فكرية وجمالية وثيقة الصلة بالفكر العربي الاسلامي ، وبما يحمله من نقاط التقاء وتقاطع مع الفكر الغربي.

واود هنا ان اركز على الجانب الفكري لهذا الاستخدام تاركا الجانب التطبيقي الى دراسة اخرى مقبلة .

ان اختلاف المنطق الجمالي للخط العربي والفنون الاسلامية عموما عن المنطق الجمالي للفن الغربي يدعو الى تعدد وسائل ومعايير القياس بينهما ، وعدم قياس القيم الجمالية لاحدهما بمقاييس الاخر ، او الدعوة الى المزاوجة بينهما ، كونهما ينتميان الى منطقين مختلفين ومتناقضين احيانا في النواحي الاتية :

1. الناحية الفكرية : وتتمثل في اختلاف الفكر الاسلامي عن الفكر المادي الغربي .

2. الناحية الجمالية : وتتمثل في الاختلاف بين الجمال المطلق والجمال النسبي .

3. الناحية التطبيقية : وتتمثل في اشكالية عمليتي الابداع والاتقان .

4. الناحية التقــنية : وتتمثل في استخدام الادوات والمواد واساليب المعالجة المختلفة .

والسؤال الاكثر اهمية هنا هو تلك الاشكالية التي يثيرها ( استخدام الخط العربي في اللوحة التشكيلية على الطريقة الغربية )

شكل (2)

اذ سعى العديد من الفنانين المحدثين الى الاستفادة من المدارس الفنية الغربية بتقنياتها المتعددة لجعل الحرف العربي عنصرا جماليا من عناصرها الفنية ، لاجل منحها تلك الخصوصية التي تمثل الفكر العربي في جانب من تجلياته الجمالية .

ولما لم يكن اولئك الفنانين التشكيليين خطاطين بالمعنى الحقيقي في اتقان تلك القواعد والاصول ، فقد كان استخدام الخط العربي عندهم ذو دلالة شكلية او رمزية تعبر عن الحركة ،

او دلالات فكرية مجردة ، او كاداء يعبر عن صوت ذلك الحرف ،ا وبتاويلات اخرى متعددة لازمة لاسلوب الفنان ونزعته الذاتية . الا ان هذا الاستخدام بالنسبة للفن العربي كان يعني انهيار المنطق الجمالي للخط العربي ، والتعامل معه كاحد عناصر اللوحة الغربية ، بتقاليدها الفنية .

شكل (3)

فما هو المنطق الجمالي للخط العربي ؟

وما هي سمات الرؤى الجمالية والمعايير الفنية للفن الغربي ؟

والاجابة على هذين السؤالين يحتاج الى الكثير مما تضيق عن استيعابه هذه الصفحات .ولكن سيتم التركيز بشكل موجز على عوامل الاختلاف في النقطة الاولى والمتمثلة بالناحية الفكرية :

اما اهم نقاط الاختلاف الفكري بين الخط العربي والفن الغربي فهي :

1. مفهوم الاصالة :

يتضح مفهوم الاصالة في الفكر العربي من خلال المحافظة على تلك التقاليد المتجذرة في عمق السلوك والفكر والقيم ، مما يجعلها عاملا موروثا ومورثا في ان واحد اي انه ممتدا من الماضي الى المستقبل ومرورا بالحاضر ، وهذا ما يؤكده حفاظ الخط العربي على تقاليده الفنية في قواعده واصوله وجمالياته ، وكذلك حرص الخطاطين على المحافظة علية من خلال اتقانه وتعليم قواعده الى النشىء الجديد .

شكل (4)

بينما يتوضح معنى الاصالة في الفن الغربي من خلال ذلك الجهد الخلاق الذي يقدمه الفنان المبدع ولم يسبقه الى ذلك احد . اي انه لم يقلد احدا في انتاجه الفني ، وانما يتفرد في خصوصية تجربته وتميزها على مستوى الفكرة والتطبيق والانقطاع عن التجارب السابقة ، كما ان تجربته ستكون منقطعة ايضا عن التجارب اللاحقة .

2. اشكالية الابداع والاتقان :

ان صفة الاتقان او الاخلاص او الاجادة ذات اهمية في الفكر الاسلامي سواء في علاقته مع الخالق او مع مجتمعه ، كما ان هذه الصفة انعكست على كل ما انتجه الفنان المسلم ، وكان دليله قول المصطفى عليه السلام ( ان الله يحب احدكم اذا عمل عملا ان يتقنه ) .

والاتقان غاية كبرى للفنان المسلم ومرحلة يسعى من خلالها للوصول الى الكمال في انجازه الفني وقول الامام الغزالي يجسد هذه الفكرة في قوله ( جمال الشيء في كماله ) والخطاط يسعى طيلة حياته الى لتحقيق هذا الهدف ، ولا يهدف الى ابتداع او اضافة شيء جديد للخط العربي .وهذا ما يجعلنا نؤكد :

ان ليس بمقدور خطاط اضافة نوع جديد من الخط العربي .

كما انه ليس بامكان خطاط حذف احد الخطوط العربية .

وكأن الخطاط يريد من خلال اتقانه التوافق التام وارضاء الذوق الجمعي العام وليس ذوقه الفردي الخاص.

شكل (12)

 اما الابداع في الفن الغربي فيتجسد من قيمة ابتكار اشياء جديدة لانظير لها ولا يتمكن الفنان من ذلك الا من خلال عملية الغاء الماضي والانسلاخ عنه والبحث عن صورة ذهنية تناقض الواقع وتعلن تمردها عليه , وتفردها الذاتي في رسم ملامح تلك الصورة ، من خلال اعادة ترتيب عناصر الحياة وفق رؤيته الداخلية الذاتية .

3. المحاكاة واللامحاكاة :

والمنهج الذي يتبعه الخط العربي والفن الاسلامي عموما هو اللامحاكاة ، وعدم تكرار صور الطبيعة وتقليدها ، والقيم الجمالية في الخط العربي لا ترتبط بصور مادية في الحياة قابله للزوال لانها صور مؤقتة او مرتبطة بظروف حياتية تبدأ وتنتهي ، بل يعتمد جماليات مطلقة ممتدة في الزمان (حيث الكتابة اعلى مراحل التعبير الانساني في الفكر المجرد ) . ولهذا السبب فان الخط العربي لا يتأثر بالمتغيرات المادية وزوالها لانه لا يستمد معاييرة منها وليس تقليدا لها .

بينما ترتبط صورة الفن الغربي عبر مدارسه واساليبه المتعددة والمختلفة بالمحاكاة التي تعكس قيمتي التوافق والصراع اللذان يدوران بين الانسان والطبيعة ، كما ترتبط بأحداث معينة ذات علاقة مباشرة بالقيم المادية الزائلة ، لأرتباطها المباشر بالزمكانية ، وبالتالي فأنها ذات قيم جمالية تبدأ لتنتهي الى اسلوب او اتجاة اخر ، وغالبا ما تقوم هذه الاساليب على انقاض بعضها او كرد فعل عليها ، وضمن فكرة الصراع المادي للقيم والتقاليد والافكار .

4.الانتظام واللاانتظام :

يستشعر المتلقي في الفنون الاسلاميةان جمالها هو ناتج للاحساس بالنظام في عناصرها واسسها ، وفي وحدة متوافقة رغم تنوعها ، وقد اكتسب الفنان المسلم هذا النظام في كل عباداته وحقوقه وواجباته ، وايقن بانه جزء من هذا النظام المتوازن القائم مع الله عز وجل ومع المجتمع . وانه التسلسل المنطقي الذي يعتمد الفكر اساسا للجمال وتناسقه . وهذا الانتظام يجعل المتلقي يتوقع باطمئنان تسلسل العناصر والمفردات والمعاني والدلالات في الخط العربي .

شكل (5)

 بينما لا يتوقع المتلقي عناصر اللوحة الغربية ، بل يجد صعوبة كبيرة في تاويلها او فهمها او تفسيرها ، كما ان نظام هذه اللوحة لا يستمد كامل عناصرها من البيئة والمحيط الذي يدركه الانسان ويعيش فيه ، وانما من ذلك الاضطراب الداخلي الذي يقع الفنان الغربي تحت وطأته وتأثيراته مما يجعله عالما داخليا يصعب حل رموزه احيانا خاصة عندما يعاني من فوضى واضطراب ، فينعكس ذلك في الخطوط والالوان والحركة وكافة العلاقات الناتجة عنها .

5- الاطمئنان والصراع

لا شك ان الفنان المسلم والخطاط العربي يرفع كل الهموم والظنون والهواجس ويتوحد مع عالم مستقر في ظاهره وباطنه ، ويستشعر الامان في توازنه مع محيطه وبيئته ويعلم ان العمل عبادة ، خاصة عندما يخلص النية لله ( الا بذكر الله تطمئن القلوب ) وان فن الخط للايات الكريمة ، انما هي عبادة من طراز رفيع وجليل ، وبالتالي فان الخط العربي هو نتاج لحالة من الطمأنينة والسكون والتوازن الذي يتوحد فيه الفنان المسلم مع المعاني المقدسة للذكر الحكيم .

 اما الفن الغربي هو ناتج صراع وقلق بين الفنان ومحيطه الذي يرفضه دائما ، ويتمرد عليه بل يعتبر ان الطبيعة والبيئة انحرفت عن مسارها الصحيح ، وانما يحاول هو بتجربته الابداعية اعادة صياغة الحياة وفق رؤيته الصحيحة ، وهذا ما اكدته النظرية الانفعالية في الفن عندما جعلت انفعال الفنان هو الاساس في قيام العمل الفني ووجوده ، رغم ان العديد من الانفعالات قد لا تتوازن مع الانتاج الفني الجيد .

شكل (6 ، 7)

6-غياب الفنان وحضوره

يغيب الفنان المسلم في عمله الفني ، وكذلك الخطاط ، فلا نكاد نرى ما يميز اسلوبه الذاتي او طابعه الخاص ، وغياب الذات هنا انما دلالة على انصهار الفنان في مجتمعه ، لاجل تقديم افضل القيم الجمالية التي تمثل الذائقة العامة ، ولاجل هذا فاننا نجد فنا اسلاميا ولكننا لا نجد فنانا مسلما او بمعنى اخر تغيب ذات الفنان المسلم في عمله الفني .

 بينما يكتسب العمل الفني الغربي قيمته ، من خلال حضور الفنان باسلوبه وانطباعاته ، وانفعالاته وتجربته الذاتية التي تعكس رؤيته الخاصة ، وتتسم بطابع نرجسي خاص . بل ان الفن الغربي قائم على قيمة التجارب الفردية وليس على الاتجاهات او الاساليب او المدارس . هكذا يتجسد الفنان الغربي كعالم مستقل في عالمه الفني بما يجعل الفن الغربي عموما يحمل العديد من الرؤى والاساليب المتناقضة والمختلفة بين بعضها .

7- غياب الموضوع وحضوره :

يشهد الفن الاسلامي والخط العربي في مضمون المنجز الفني غيابا كبيرا للموضوع وهذه المبدئية هي ترجمة لغياب الانسان والطبيعة ، او وجودهما النسبي امام قدرة خالقها المطلقة ، لان الوجود الذي يشهد عليه الانسان ، او الوجود الذي تشهد عليه الطبيعة هو وجود عرضي ، وبالتالي فهو وجود يشهد على الوجود المطلق والجوهري وهو الله عز وجل . اذاً ان الموضوع الحاضر في العمل الفني الاسلامي هو الغيب والايمان به وبالمعاني الجليلة التي تدركها البصيرة قبل البصر، وهو في نفس الوقت القيمة الحية والجوهرية في الفن الاسلامي وما وجود الانسان والطبيعة ومظاهرهما الا شهادة على وجود الحي المطلق .

 اما في الفن الغربي ومنذ اولى النظريات الفنية في المحاكاة او المثل الاعلى او محاكاة الجوهر، كان للموضوع دورا اساسيا في قيمة العمل الفني بل كانت الاعمال الجيدة هي تلك التي تتخذ من المواضيع العظيمة وسيلة لخلودها وبقائها ، وان استغنت العديد من الاتجاهات الحديثة عن الموضوع واكتفت بالمضمون بدلا عنه ، بل وقد تخلت احيانا عن المضمون ايضا .

ولا شك ان ارتباط العمل الفني بالموضوع ، كان يحدد ارتباطاته الزمكانية ويجعلها تتاثر بمتغيراتهما وتحولاتهما .

8- مظهر العمل الفني :

يتسم العمل الفني الاسلامي والخط العربي عموما بمظهر جذاب متناسق ومتوازن لا يثير القلق ويسر الناظر اليه لشدة ما يتصف به من تناغم وتوافق ووحدة بين اجزاءه ، ونحن لا نجد عملا فجا او غبر متجانس .

وهذه المقولات كانت اساسا ترتكز على جانب مبدئي وهو عدم الاكتفاء بالمثل العليا التي تخص الانسان وانما تحول مبادئ هذا الفن الى جانب تطبيقي تدخل في خدمة الانسان واستعمالاته اليومية ودعوتها الصريحة في ما يتناول من كتابات واعمال الى الخير والفضيلة والارتقاء بمثل الانسان وقيمه .

شكل ( 8 )

 بينما لم يكن المظهر الجذاب هو الذي يميز العمل الغربي ، على قدر ما كان يمثله الموضوع في بعض النظريات الفنية او انفعال الفنان ، وقد دعت بعض النظريات الا ان يكون الفن خالصا لذاته كقيمة مستقلة ليس لها علاقة باي شيء وكما كان يقول كروتشه ( لا خير في فن يدعو الى الاخلاق او المنفعة ). اي ان الفن مستقل بقيمته الجمالية الخالصة . وليس وسيلة تربوية او نفعية لقيمة اخرى . وبالتالي عزلها عن الحياة الاعتيادية للانسان . وان يكن قد تخلت النظرية الحديثة عن ذلك واصبح الفن والتصميم تداوليا في حياة الانسان اليومية .

تمثل النقاط اعلاه بعض جوانب الاختلاف الفكري بين الفنون الاسلامية عموما والخط العربي خصوصا هذا من جانب ، وبين الفن الغربي من جانب اخر . فضلا عن ذلك فان هناك اختلافا في الرؤية الجمالية والتطبيقية والتقنية .

من هنا يتوضح للفنان بان هناك نقاط اختلاف فكرية وفلسفية يتوجب اخذها بعين الاعتبار عند استخدام الخط العربي في اللوحة التشكيلية .

وعند اعادة قراءة الخط العربي وفق الرؤى الحديثة لوجدنا ان الحرف العربي يتضمن كل القيم الفنية التي تجعل منه فنا مستقلا بذاته ،بل تبلغ استقلاليته العالية الى درجة تاخذ بالالباب والعقول والقلوب بوحدة متكاملة عند النظر اليه . فيطغى على كل ما حوله من اشكال وعناصر . ولعل سعة استخداماته المختلفة دليلا واضحا لقدرته الفنية والجمالية والوظيفية على تغطية العديد من الحاجات الانسانية المختلفة .

شكل ( 9 )

لا شك ان نقاط الخلاف المتعددة تشكل قيودا على العملية الفنية والحرية التعبيرية لدى الفنان المعاصر خاصة اذا كان يفهم الحرية الابداعية من وجهة النظر الغربية ، مما يؤدي بها الى التناقض بين الفكر والممارسة في نظرية الفن وتطبيقاتها العملية .

فهل هذا يعني بقاء الخط العربي ضمن منطقه الجمالي الحالي وعدم امكانية تحوله .

لا شك انه يمتلك من المقومات والخصائص التي جعلته يحافظ على بنيته الاساسية منذ قرون عديدة .

لانه اكتسب قوانينه وفلسفته من البيئة العربية الاسلامية بكل معطياتها واثرى ذلك المناخ الديني والفكري نواح عديدة في تعدد اشكاله وصوره .

شكل ( 10 ، 11 )

ولعل اولى الاسباب في ذلك هي تجذر اصوله في تلك البيئة ، واستحضار المناخ الفكري لنشأة الخط العربي وتطوره يعني استحضار العديد من القيم النبيلة في المجتمع العربي من صدق ووفاء وامانة واتقان واخلاص وفضيلة .

ان البحث عن لغة جديدة للتعبير في الخط العربي تستوجب عدم اغفال ذلك المنطق الذي ارتكز عليه الجمال في اصوله وحرفياته وابراز مقولاته في تلك القيم التي لم يكشف عنها بعد وتحتاج الى مزيد من البحث والتحليل ، فهل يعني استقرار قواعده واصوله نهاية المطاف لاكتمال شكله الفني النهائي والخط العربي يستمد قيمة كيانه الجمالي من تلك القدسية التي احاطت بايات الذكر الحكيم ومأثور القول وصافيات الحكم التي كان يتداولها الخطاطون فاكتسب الخط ما يمكن ان نسيه جلال المعنى وجمال المبنى ، فتشربت حروفه تلك المعاني في جلالها حتى عد النص المكتوب جزءا من المنطق الجمالي للخط العربي لان الكثير من الجانب التذوقي فيه يعتمد على جمال المعاني المدركة الذي يثيرها النص وهو دون شك احد الركائز المهمة التي يوليها الخطاط عناية كبيرة عندما ينتقي الاية القرانية او النص انتقاءا ، للدلالته المفاهيمية او لسحر العلاقات القائمة بين حروفه في تكوينها وايقاعها وتشكيلها . فهل تقف كل هذه السمات كمحددات لا تتيح لغير الخطاطين الولوج في هذا العالم السحري المقدس .

ان بناء الثوابت الشكلية التي توزعت على محور الزمان والمكان في الحروف العربية والتي اسست على سلم احالات داخلية في قوانينها شكلت نسقا فكريا مع طبيعة الخطاط العربي المسلم وكانت اللوحة الخطية تشكل بنية خطاب متماسك داخل صيرورة الفن الاسلامي . فهل تشكل كل هذه الثوابت تناقضا مع المفهوم المعاصر لعملية الابداع .

شكل ( 13 )

لقد اجمعت الدراسات الفنية والنفسية على ان كلمتي التغيير والتجديد تتطلبهما المعاصرة وهما كلمتان مرادفتان للابداع ، وان التكرار والنمطية لاتتعدى ان تكون حرفة يمكن اتقانها ولا يمكن تجاوزها من هنا تبرز الاشكالية والتناقض في الجمع بين حرفيات فن الخط وموجبات الابداع والابتكار والتغيير ، مكا تبرز الحاجة الى ايجاد حل لهذا التناقض .

وتعد عملية تحليل القيم الفنية في الخط العربي وضمن المنطق الجمالي للفن الاسلامي واحد من افضل السبلل في استقاء المعاني والبحث عن لغة جديدة للتعبير ، فكل الدلالات التي اشرنا اليها من مظهر جذاب وتوازن واتقان وقيم تجريدية وجمالية تجعل الخطاط الذي اتقن سر الجمال والحرفة ان يعيد ترتيب عناصره وقيمه الفنية يمنح الخط العربي بعدا يضيف افاقا جديدة تستقريء الجمال وتتملاه .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى