السبت ١٠ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم أحمد نايف معروف

التحذير

كنت وأحد أصدقائي نسير, لم نكن ندري إلى أين كنا ذاهبين ولكن كل ما كنا نفعله هو السير إلى أن ساقتنا أقدامنا إلى تلة جرداء محاطة بالتلال الخضراء ,كان ينام على سفحها بحيرة غناء. وعلى تلك القمة استوطن طائر اسود كضيجور الظلام وما أن تلاقت النظرات حتى افترقت عن صديقي لأصبح وحيدا .... وجه حديثه الي قائلا:

"تعال الي فأنا أريدك

ما بالك, ماذا يجري ...

لماذا ترتعد فرائصك ...

هل أنت خائف...

قلت لك تعال ... انه قضاؤك ... انه قدرك

ولن تستطيع الهرب منه ... مهما حاولت

اني أرى نهايتك قد اقتربت

وشمسك بدأت تدنو من الغروب

وزهرة شبابك ستبدأ بالشحوب

وابتسامتك ستهجرك ... قريبا....."

بعد عدة جمل لم اعد اذكر منها إلا ما قد سلف وجدت بأنه لا محالة للفرار وبدا لي بأني قد اقتنعت لما قال وقبل أن يسمح لي بالرد عليه خاطبني بلهجة آمرة "ألم ترى الموت قبل الآن؟!!"

أجبته و الخوف ظاهر في صوتي :"نعم, أكثر من مرة ولكني نجوت"

قال:"ألم تكن نهايتك قريبة؟"

قلت :"بلى"

قال :"أتدري ما أنجاك؟"

وقبل أن أعطيه الرد أو حتى قبل أن أستيقظ من دهشتي... بادرني بالجواب قائلا :

"انه القدر ... نعم انه القدر...

أتدري لماذا تركك الموت ...

لأنه لم يحن موعدك بعد

وثمارك لم تنضج

ما أن تنضج لن نجعل غير الموت يتذوق طعمها.

إن موعدك قد اقترب ...

نعم وما كانت تلك البدايات إلا مقدمات

أولم تعلم بأن نبي الله أيوب عليه السلام كان صديقا لملك الموت وأنه طلب منه أن يعلمه بموعد وفاته قبل حدوثها. وحين حان أجل نبينا أيوب وأتى ملك الموت ليقبض روحه تفاجأ نبينا أيوب وسأل الملك أولم تعدني بأنك سترسل لي رسولين أو ثلاثة فأجابه الملك لقد أرسلت إليك رسلي

ولكنك لم تنتبه فرسلي التي أرسلتها إليك هي رسلي إلى بني آدم كافة, بياض شعرك بعد سواده وضعف بدنك بعد قوته و انحناء جسمك بعد استقامته ... فأجابه النبي الآن قد عرفت...

وأنت ألم ترى علامات موتك....

قلت :" لا لم أرى أي شيء من ما قد سلف "

فأجابني الطائر باستغراب:" بلى ولكن بوجه آخر ... وكلانا يعرف ذلك."

لم أجد غير الصمت وسيلة لأرد عليه.

ومع مضي الأيام وانقضاء الليالي والساعات وخلال ساعات الليل الطوال كنت أجلس وأعيد قراءة ما قاله لي الطائر.... ما أظنه قد تفوه عن سراب وما أظنه قد قالها مازحا أو لاعبا أو لاهيا.

فإن الدرب ما زال طويلا وبالرغم من الأشواك التي أدمت مني القدمين وبالرغم من سيلان دم القلب على دروب الحياة ... بالرغم من كل تلك الجروح والآلام إلا أني لن أستسلم وسأقاوم لآخر نبضة لآخر قطرة دم. بالرغم من الآلام والمحن إلا أني ألمح الفجر القادم من بعيد, انه آت لا محالة فمهما طال الدرب فله نهاية ومهما طال الليل واشتد سواده فشمس صباحه ستشرق. عندها صفق الطائر بجناحيه وتبسم وقال:

" إن كان لا يزال فيك ذلك النفس المقاتل فانك لن تزور أرضنا في الوقت الراهن .... سأعطيك سر الحياة, أعزل نفسك عن المحيط الخارجي, تخيل نفسك في أي مكان ترضاه وتسكن إليه روحك وعش في ذلك الحلم لبضع دقائق ولا تطيل لأنك إن أطلت الإقامة مللت المكان. وأعلم علم اليقين بأن هناك بعد كل ليلة فجرا وبعد العسر يسرا ... ولا تيأس وثابر..."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى