الخميس ٢٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم عبد الستار شريدة

التيه

بتنا لا نصدق أن في الموت شراكة، فالحسرة حكر على أصحابها، لا تقبل القسمة إلا مع أولئك المفجوعين بعزيز.أما المبهوتين من الموت الطاريء فقد تفاجئهم الحقيقة بحضورها المباغت للحظات أو لساعات أو لأيام، ثم يعودوا إلى ما مرنوا أنفسهم عليه:

السياسي المتسلق ينشد عفنه الأيدلوجي الضائع للحظات ثم يسترجع مكانته في حزب السلالم والكراسي.

الأب المتسلط: يذهب ليحب أبناءه قليلا بعد قداس الجنائز، ثم يعاود لعبة السلاسل والقيود.

التاجر المتكرش: ينحاز إلى الغلابا والمساكين لساعات، حتى يدرك أن الموت لعنة طال زبزنا آخر من زبائنه الجيدين.

إنه الموت..

الموت الذي واجهنا بحقيقتنا البشرية المتنافرة، لنكون إما وجوديين نتلذذ بالحياة، أو لنكون بديهيين كسالى، نقترب مما هو متاح خشية الوقوع في شرك الأسئلة المحرمة والأجوبة العائبة.

إنه الموت..

الموت الذي يراه البعض شيطانا يقوى على صغارنا بداعي سوء الحال وبطش الاحتلال.

ويراه البعض الآخر ملاكا يحرر صغارنا من وسخ الظن ولعنة الحياة المزورة.

ألا موتوا صغارا أيها الحمقى..

موتوا صغارا وقفوا عند الفضيلة.

موتوا صغارا قبل أن تنضج الخطايا وتختلط طيبة الثوار المراهقين بشره الثوار الفاسدين.

موتوا صغارا قبل أن يسلبكم الانفعال المبكر طبيعتكم المتوازنة، وتجبروا على إكمال عادة الفطام مع الحجارة وإطارات السيارات المحترقة، وعندها لن تعودوا إلى أحضان أمهاتكم كي تكملوا رحلة الحنان


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى