الاثنين ٢٧ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم عبدالوهاب محمد الجبوري

الجوجي والذبيح

(1)

لو ظنّ الجوجي الزاحف نحونا

ان الذبيح سيغدو سِلالا وخبزاً تاكل منه الطير

لوجدتني اعصر من ثغرة في دمنا

موتا يمتطي صهوة جواد يصهلْ

ينبش بحوافره ارصفة المغول

يضرب بالسيف ويجولْ

ويبني ضريحا من جماجم تسعلْ

وجبّا تحرسه الغربان

فيراه الناس ، وأسمع محمدا ( محمد الدرة)

يهمس في اذني :

أبرق لبيروت والشام .. أبرق لبغداد وبيسان .. أبرق لحزيران

أن وطني

ما عاد يتعذب بين ( الثورة والردة والنسيان )

( 2)

لو ظن الجوجي الغارق في مستنقعنا

ان الذبيح تائه في لجة هتكتها الاسرار

لعانقتُ الليل وما يسكب من اقمار

ولشتلت غصنَ زيتونٍ فنار

توشّحه السيوف والحرائق والدخان

تستدل به هياكل تذروها الرياح

وخيولا تَبعثرَ فرسانها

وفلولا تزفّ أكفانها

في صباح غانيةٍ مذعورة

ومدافنَ تتناسل

تؤرّخ لنصوصَ مهجورة

( 3 )

لو ظن الجوجي الساكن في مقابرنا

أن الذبيح صنمٌ او رقيب احتلال

سنزفّ له النار على نجمةٍ وصليبٍ وهلال

وأطرح على الجنرال ابن الجنرال ألف سؤال

أن الحديث لا يدور عن طغاةٍ أو لصوص

ولا عن حرائقَ غاباتٍ أو فؤوس

أو عن اشجارٍ في قمم الجبال

أُريد الحديث عن صبيةٍ

فيها ملامح الصدى تخالط الجمال

عيناها صهوة فارسٍ من حطين

يتحرق شوقا على بساط من الريح والرمال

صبية معفرة الجبين

نظراتها بروق

بسماتها رعود

تمحق الام القرون الطوال

مثل النخيل أناملها

تهتز فتوقظ الشجر الكسول

تغسل بالدموع ندى أسئلتي

وحيثما سقطت على الذبيح قنبلة

ستنبت بين أناملها ألف سنبلة

( 4)

في هزيع الليل يتعالى صوتي كالرعود

يُغربل بالنار رماداً يخنق أطفالنا

يغسل بالنار دخاناً يكتم أنفاسنا

شهقة سمراء تحفّ بها وعود من غضبْ

( تبت يد ابي لهبْ )

شهقةٌ رسمتها مثل زهوي

حبوتُ لها كطفل يغفو على يديها

فاشتهتْ روحي أرائكها

أُغازل وجنتيها

(ونفسي لا أجاملها

تطاوعني .. أشاكسها )

( 5 )

من هنا مرت الشام

تهدر في أعماقنا بالحب والسلام

من هنا مرت حطين

ومن منبر حيفا رأيت

مهر صلاح الدين

يصهل ويزأر

براياتٍ تخفقْ

نارٌ ودخانٌ يتبعها

تشقّ عنان الغضب

والسماء تؤرجحها

لكنها تظل تحلقْ

( 6)

من هنا مرت الخرطوم والدار البيضاء

من هنا مرت تونس الخضراء

من هنا مرّ المختار

يهدر كالبركان في كل حقل ودار

من هنا مر المليون شهيد

من هنا مرت بور سعيد

ومن هنا مرت بيروت

( سيوفا لآلهة لاتموت )

من هنا مرت بغداد

سنوات عشق

مكللة بأهازيج الحقل والبيدر

وجميع حبات المطر

مواويل تصهل في شهيقنا

قنابل تتفجرْ

تتبادل أشواطها بالسلالة والجذور

من عهد بابل واشور

ونبوخذ نصرْ

( 7)

وأمضي بوعدي

أصغي لحبيبتي التي تُعذبني وتُؤنسني

وأشرعة كنت ألبسها وتلبسني

فاتحاً للصمت أبواباً من سفرْ

باحثاً عن مقلة ثالثة للبشرْ

في مدينة تنام في بطون الحوامل

تنتظر أستخارة شهر يتمدّد بين التوابيت

فقيل أن الشهر التاسع أرتدى اقنعته ورحل

ثم أستخرت فاتحة المطر

فعرفت أن الولادة لم تعسر

وأن الشهر التاسع لم يرحل

كان يسكن بين ( الصلب والترائب )

يحدّثني عن عاصفة

تكنس ارض الشكوك

تمُزّق الورق الاصفر

تغسل الأقذار من محاجر العيون

تشقّ الصدور توابيتَ ترجم فيها الظنون

حاملة قنديلَ طفلٍ سئم نصل العواء

تذوب في غضارة الصحو

تروي ظمأ الصحراء

********************

*الجوجي : نسبة الى ياجوج وما جوج وهنا تأتي كرمز للمحتل والغاصب والمعتدي

**الذبيح : هو نبي الله اسماعيل عليه السلام وليس إسحاق كما تدعي التوراة التي بين ايدينا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى