السبت ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٣
مذكرات سهى بشارة المناضلة والاسيرة اللبنانية المحررة من سجن الخيام في جنوب لبنان
بقلم سهى بشارة

الحلقة السادسة عشرة والاخيرة - إخــلاء السبيــل

كان لوجود اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيننا، عبر زياراته ومراسلاته، عظيم الأثر في تغيير مجرى حياتنا.

فبعد أن تسنى لي أن أرى والدتي للمرة الأولى منذ ثماني سنوات على اعتقالي، صارت لقاءاتي منتظمة على نحو ما، ولكنها بقيت رهن إرادة سجّانينا. وعُينت لنا زيارة ثانية في كانون الأول / ديسمبر من العام 1995، وحق لنا فيها العناق، غير أني عدت وحرمت من هذه الخطوة لخمسة أشهر متواصلة. إذ جعل أبو نبيل يواصل معاملتي بالفظاظة نفسها. ونُظمت زيارتان أخريان في العام 1996. وفي إحدى هاتين الفرصتين، لقيت والدي الذي ظل صامتاً، لا ينبس ببنت شفة، مما أغاظ والدتي فاندفعت تقول: "إن كنت أتيت لتبقى صامتاً، فلا حاجة لك بالمجيء..". ثم عادت اللقاءات بين السجناء وعائلاتهم الى الانقطاع عشرة أشهر متواصلة.

ومنذ أن أُطلق سراح كفاح في العام 1994، شُرعت أبواب معتقل الخيام أمام السجناء والسجينات. وكان إطلاق سراح كل سجين عيداً لنا جميعاً، ولا سيما نحن الذين بقينا في السجن.. رأيتني فرحةً برؤية هؤلاء السجينات يخرجن الى الحرية، وليس من لوم بينهن أو عتب. فإذا كنتُ على يقين بسبب وجودي ههنا، فليس ذلك شأن أغلبية النساء اللواتي رمين في زنازين النسيان سنوات وسنوات لأن جهاز الأمن رغب في تحويلهن الى متعاونات مع رجاله، ليس إلا.

فضلاً عن ذلك، فقد شدد من تفاؤلي رحيل صديقتي الأسيرة، حنان. فهي باستعادتها حريتها جعلتني آمل بتحقق حريتي. وصرت أقول في سري إنها مسألة وقت لحسب، وأستحضر من طوايا ذهني ذلك التاريخ الأسطوري الذي اعتمدته، فيما مضى، زمناً لإطلاق سبيلي، العام 2000. وفي حين وجدت الرجال في معتقل الخيام كثيرين ويعانون ظروفاً قاسية للغاية، رأيت عدد النساء وقد صار ضئيلاً، والحياة اليومية وقد تبدلت عن السابق على نحو كبير. إذ بات بوسعنا أن نتنزه في الحوش الصغير الذي يجاور الزنازين.

بدت والدتي نافدة الصبر لتراني خارجة من الأسر. وكانت تطرح علي السؤال عينه، ظانة أن لدي معلومات بهذا الشأن. وكنت أكتفي بالإجابة أني سوف أخرج بعد وقت طويل، وليس الآن.

وفي العام 1996، سرت إشاعات في بيروت حول إطلاق سراحي. ومضى والدي الى المسؤولين السياسيين يجهد في استيضاحهم الأمر، فرد هؤلاء بتطمينات له بهذا الشأن. وأكد حزب الله أنه يناضل في سبيل إطلاقي من الأسر. ومضى بعض أصدقائي وصحافيون الى بلدة النبطية، قريباً من المنطقة المحتلة، لينتظروني فيها. غير أن والدتي رفضت دعوتهم بالذهاب، ولكنها ظلت على أحر من الجمر في منزلها، تنتظر بفارغ من الصبر بشرى إطلاقي من الأسر الأكيدة. بيد أن أصحاب الأمر الواقع في الجنوب أرسلوا يبدون دهشتهم من وجود أصدقائي، وسارعوا الى تبديد هذه الآمال.

لئن صح خبر إطلاق بعض الأسرى من معتقل الخيام، فإنني لن أكون بينهم. ما أصاب والدتي، في بيروت، بالإنهيار.

ينبغي لنا الصبر، بعد.

في الليلة نفسها، انفتح باب الزنزانة، ونادت الحارسة على إحدى صديقتيّ، "فاطمة"، وقالت: "خذي أغراضك، سوف ترحلين". جمعت المرأة الشابة أغراضها. ثم عادت الحارسة نفسها، ودعت المرأة الشابة الثانية التي بقيت معي بالإسم "هنية"، وقالت لها: "سوف ترحلين أيضاً، هيئي كيسك!".

أما أنا فرحت أتساءل عن مصيري، بينما كانت المعتقلتان تتهيآن للخروج. تسارعت الدقائق، ولكن الحارسة لم تعد للدعوة الأخيرة. ودّعت المرأتين، وهنأتهما بالإفراج عنهما، ومن ثم غادرتا السجن، وظللتُ وحدي، يحدوني الأمل نفسه والعزم نفسه، حتى أتصدى لأبي نبيل.

لم تتح لي الوحشة في معتقل الخيام والانفراد داخل زنازينها أن أفهم تماماً أن إطلاقي من الأسر صار الهدف الذي تسعى إليه العديد من لجان الدعم التي أُنشئت في الشرق الأوسط، وفي فرنسا. فقد تشكلت في باريس لجنة باسم "جمعية العمل على إطلاق سراح سهى بشارة"، وقد بذلت هذه الجمعية جهوداً متواصلة للتعريف بمعتقل الخيام، كما تشكلت الى جانبها هيئة من الأساتذة الجامعيين. وكنت أجهل، بالطبع، أن الحزب الشيوعي كان كلف محامية فرنسية تدعى "مونيك بيكار – ويل" بالدفاع عني. وهذه المحامية، ذات الحزم والحيوية، مضت تلاحق ملفي في إسرائيل، عبر المحامية "ليا تسيميل". وجعلت هذه المحامية الإسرائيلية تخوض معركة قانونية ضد دولتها نفسها.

وكان الرهان بسيطاً للغاية: إثبات أن إسرائيل تكفل اعتقالي في معتقل الخيام، وبالتالي الإصرار على إجراء محاكمة عادلة ونزيهة في شأنها. ومضت الحرب الدائرة رحاها ببطء وثبات تكسب أكيداً لصالحي، حين أمكن "لليا تسيميل" إثبات أن أطوان لحد يملك جواز سفر إسرائيلياً، وعليه فهو يخضع للقانون الإسرائيلي. وكذلك فعلت فرنسا، حيث تسكن عائلة قائد جيش لبنان الجنوبي منذ قيامي بالعملية، إذا حركت علاقاتها وضاعفت من اتصالاتها مع الإسرائيليين. غير أن ديبلوماسية الظل هذه لبثت تتقدم بخطى بطيئة للغاية. أما الرأي العام الفرنسي فقد أدى دوره في هذا الشأن. إذ أُرسلت عريضة موقعة من كبار الشخصيات الفرنسية مطالبة بالإفراج عني، وقد نُشرت في جريدة "لوموند"، في حينه. وكذلك فعلت والدتي، هي أكثر الخلق بعداً عن السياسة، حين سافرت الى باريس، ومنها الى ستراسبورغ، لتمثل أمام النواب الأوروبيين، ولينتهي بها المطاف الى كيبك، مدعوة من جمعية (أمنسيتي) العفو الدولية.

وفي حزيران / يونيو من العام 1998، وفي السادس عشر منه تحديداً، في المعتقل غليان لم يشهد له مثيلاً منذ التمرد السالف. ومفاده أن عملية إفراج واسعة هي قيد الإعداد. وما الداعي؟ إنها عملية تبادل، يتم خلالها تسليم الإسرائيليين جثث جنودهم الذين سقطوا في آخر عملية (أنصار) عسكرية في الجنوب اللبناني المحرر، في مقابل الإفراج عن سجناء من معتقل الخيام.

وجرى التداول بقائمة من الأسماء طويلة، بلغت الخمسين. وظلت تختلط في أسماعنا التهاليل بصفق الأبواب، على مدى زمني غير بسيط. وكان بمقدورنا أن نسمع أسماء المزمع الإفراج عنهم، وهي تتلى على الملأ في السجن. وتناهى الى سمعي اسم "محمد". فقلبت الإسم في ذهني، وقلتُ في نفسي، إذا كان محمد في قائمة المفرج عنهم، وهو الذي خطط لعمليات كثيرة ضد الإسرائيليين، فهذا يعني أنني سوف أكون مشمولة بالإطلاق، أيضاً. وأصاب الذهول امرأة معتقلة، لدى سماع اسمها، وهي "فاطمة"، زوج "محمد" السالف ذكره.

وكانت تتناهى إلينا، من الجهة الأخرى خلف الجدار الذي يفصلنا عن الرجال، أصوات الاستعداد للرحيل. لم يزرنا أي شخص لهذا الغرض. ثم عاد الهدوء ليخيم على السجن. فأيقن أننا، نحن النساء، أعدن الى النسيان، مرة أخرى. وراحت فاطمة تعلن هزءها من جلاديها، فهي واثقة بأن زوجها أطلق سبيله.

ولم يمض زمن حتى أدركنا أن الفرحة لم تبلغ مرتجاها، حين علمنا أن "محمداً" لم يطلق سراحه، إنما جرى نقله من زنزانة الى أخرى في الحبس الانفرادي المطبق. وظل يبث لنا إشارات دالة على وجوده، بأن يقول بصوت عال أسماء المعتقلين في زنزانة مجاورة له. فناديت بدوري على "فاطمة" بصوت عال، لكي يفهم "محمد" بأن زوجه ما تزال هنا، بدورها.

أيضاً، كان ذلك حدثاً من غير طائل.

وانقضت أيام الصيف، وصرنا في منتصف شهر آب / أغسطس، وبت محظية بلقاء والدتي. سرتني هذه اللقاءات وكانت عودتي الى نوع من الرتابة تحول دون تخيلي ما قد يجري في الثالث من أيلول / سبتمبر. كانت الساعة تشير الى الثامنة إلا عشر دقائق، هذا الصباح، إذا دخلت حارسة تدعى "علياً وقالت لي: "هيئي أغراضك! ماذا فعلت حتى يقرر أبو نبيل معاقبتك وإرسالك الى الزنزانة رقم 1؟". فأجبتها لاهيةً: " لا شيء". وكنت واثقة من أنه سوف يفرج عني قريباً.

لم تقل الحارسة شيئاً من هذا القبيل، إلا أني كنت على يقين من ذلك. والزمن هو هذا اليوم. ولم يبق في معتقل الخيام إلا أربع نساء، وقلت في نفسي أنه حان دوري للخروج من جدران معتقل الخيام. والحال أن الحملة الدولية وإصرار المحاميتين أفضيا الى نتيجة مؤكدة. إذ قررت إسرائيل أن تطلق سراح معتقلة باتت مزعجة لها الى حد كبير. جمعت أغراضي وبدلت زنزانتي. وما أن دخلتها حتى استحممت ومشطت شعري.

ثم انتظرت.

بعد ذلك مضت بي الحارسات الى الطبيب المعتمد لدى جيش لبنان الجنوبي. سألني عن وضعي الصحي العام وكتب تقريراً موجزاً.

التفت نحوي، ووجه إلي بعض كلمات التشجيع وقدم إلي لويحة فضية، وقالت: "خذي هذه الأدوية قبل أن ترحلي، مضى زمن طويل لم تستقلي فيه سيارة".

كانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف.

أخذتني الحارسات الى مكتب أبي نبيل. وها هو عدوي القديم ينتظرني خلف مكتبه، مشدود الأعصاب قليلاً. وكان رجل آخر منتظراً لديه. فأمكنني تبين هويته: إنه أبو سمير، الرجل الذي خفرني الى إسرائيل بعيد تنفيذ عملية الاغتيال، لسنوات عشر خلت. وكان الشيب قد غزا شعره. بادر أبو نبيل الى القول: "أنت خارجة من الأسر". من دون أن يعلق على الأمر بكلمة. ثم أشار بيده الى أغراض موجودة أمامه، وقال: "كان لديك هذه، يوم دخولك، الى هنا". ونظرت الى مكتبه، فرأيت حقيبتي، وحنجور التطرية، والعطر.. وسألني قائد السجن قائلاً: "أينقصك شيء؟" وكانت الأغراض القيمة توضع نظرياً في صندوق لدى دخولنا الى السجن. وعلى الأرجح، جعل هذا الأخير يبتلع ساعتي، ما دمت لم أجدها بين أغراضي التي رحتُ ألمسها بطرف أصابعي. وكان ينقصني، كذلك، بعض شرائط التسجيل التي كانت رائجة في حينه، موسيقى الديسكو – ومسدسي، طبعاً! ولكن هذه الأغراض التي سُلبتها لم تكن لتفسد شيئاً من ذلك الشعور بالطمأنينة الذي راح يجتاح كياني شيئاً فشيئاً. أما أبو نبيل فلم يقوَ على اطمئناني، فأرسل آخر شروره وذكر اسم إحدى صديقاتي في السجن، وقد أُطلق سراحها وقال: "أتعرفين بأنها تزوجت رجلاً كان متزوجاً؟". وبقيتُ لا أرد، مدركة ما يثيره. عندئذ عهد بي الى أبي سمير.

وقصدتُ زنزانتي رقم 1 لأخذ أغراضي المتبقية وأرحل. وبينما أنا أسير، لمحتُ وجهي زميلتيّ في الأسر سميرة وانتصار وقد بللتهما الدموع، وهما متعلقتان بنافذيتهما. ولما كنت عشتُ مثل هذه اللحظات، كلما أطلق سراح زميلة أخرى غيري، كنت أعرف أن هذه العيون طالما ارسلت دموع الحزن والفرح مختلطة، حتى لا تمييز بينهما.

ومن ثم توجهنا الى بوابات معتقل الخيام.

لم أخرج من المعتقل إلا مرتين في السنوات العشر الماضية، لأمضي الى مستشفى مرجعيون. كانت يداي مقيدتين وعيناي معصوبتين، ولم أر شيئاً من السجن أو من المسير الذي كنا نجتازه. وهذه المرة، أراني أغادر الأماكن منتصبة القامة.

ولم ألتفت، ولو مرة واحدة، الى الوراء قبل أن أجتاز عتبة هذا الجحيم الذي طالت إقامتي فيه عشر سنوات.

كنا أربعة في السيارة التي راحت تقلني في طريق الحرية. السائق، وأبو سمير، وعميل من جهاز الأمن يراقبني من الخلف. وأخذت السيارة تنحدر بنا الوهاد – فنظرتُ، وعيناي مفتوحتان على وسعهما، وأمكنني تبين القرى الصغيرة، ورحت أتحزر المنعطفات، وأسجل بعض التبدلات في المنطقة، هنا وهنالك. وها أننا نصل الى مرجعيون.

للحظة، انتابني الشك. وماذ لو لم يطلق سراحي؟ وماذا لو كنت أُخرجت لأكون وجهاً لوجه مع أنطوان لحد؟ ورحتُ أهيئ نفسي لأي طارئ، والسيارة تجاوزت بنا في هذه اللحظات منزل قائد جيش لبنان الجنوبي. غير أن السيارة جرت في خطها القويم، ولم تنحرف بل اتجهت الى البناء من حيث بدأ كل شيء. فتابع السائق مسيره وتوقف، آخر الأمر، أمام مكتب أبو سمير.

ترجلنا من السيارة ودخلنا.

وما أن مثلت أمام المسؤول في جيش لبنان الجنوبي حتى بادرني الى القول: "أتعرفين أن قريبك عصام مات؟" ولم أكن أعرف، في حينه، أنه توفي في فرنسا، إثر حادث اصطدام في سيارته، ولكني عدتُ ورددتُ عليه بسؤال قلت: " ما اسمك؟". وإذ فوجئ بالأمر رد قائلاً: "أبو سمير!". ثم دس أمامي، وبحركة بطيئة، ورقةً هي بمثابة كتاب وجب علي أن أوقعه. قرأت الجملة الأولى فيه، التزاماً من قبلي بعدم القيام بأي عمل يمس أمن البلاد، وبأن أمتنع عن نشر أية معلومة يمكن أن يفيد منها الجيش اللبناني. فقرأت الكتاب مرة أولى وثانية وثالثة وأمكنني قراءته سريعاً. ذلك أن الكتاب لا يتضمن أي ترويسة. فهو مجهول الوجهة والجهة. ابتسمت للأمر. ومضى أبو سمير يشرح لي بأن "هذه إجراءات شكلية، ليس إلا". وأعطاني قلم الحبر، ووقعت أسفل الورقة، وأنا أهز كتفيّ وسألته إن كان يريد أن أوقع له أمراً آخر. فأجاب بلا.

وفي هذه الأثناء، دخلت "باربرا" الى المكتب. فعهد بي أبو سمير الى لجنة الصليب الأحمر الدولية، رسمياً.

وها أنا محررة.

ألقيت نفسي في ذراعي باربرا.

وأسرت إلي بأنها حملت معها ثياباً أكثر لياقة بي مما أرتديه، وهي بنطلون وسترة. شكرتها، غير أني كنتُ قد قررت أن أحتفظ بثياب الأسر التي كنت أرتديها الى حينه، منذ الصباح – بنطلون جينز، وبلوزة زرقاء وحزام من صنع يدي.

وكان في الحوش، أمام مكتب أبو سمير، سيارة للجنة الدولية للصليب الأحمر، في انتظارنا. صعدنا الى متنها واتجهنا الى بيروت. سلكت السيارة بنا طريقاً لم أعرفه. وراحت عيناي تلتهمان المشهد التهاماً. جاوزنا بعض الوحدات العسكرية الإسرائيلية، وللحال رأيتني أسجل أرقامها، علىنحو آلي. وكان الفرح يغمر كل من في السيارة. بيد أني غدوت أكثر سكوناً منهم. ولا شك في ذلك، ما دامت عيناي لا تصدقان هذا التحول السريع في الزمن.

وكانت الساعة تشير الى التاسعة وخمسة عشر دقيقة.

وسرعان ما أعلنت إذاعة "صوت الشعب" إطلاق سراحي، ثم ما لبثت كل وسائل الإعلام اللبنانية أن قطعت إرسالها معلنة الخبر، ولا سيما في بيروت. وكان حشد من الصحافيين يتبع السيارة حيث كنت، أملاً في الإدلاء برأيي، ولكن عبثاً. وكانت التعليمات المعطاة الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقضي بعدم إجراء أي مقابلة في المنطقة المحتلة.

أعرف أن سنوات عشراً مضت منذ آخر رحلة لي الى المنطقة المحتلة، بالسيارة، ولكنني ظللت غير قادرة علىتمييز أثر هذه السنوات في ما يحيط بي. وأعارتني "باربرا الهاتف الخليوي خاصتها لأتصل بوالدتي، فكان حديثنا يفيض بهجة، وتواعدنا على اللقاء بعد قليل. "نعم، أنا في حال جيدة، الى اللقاء قريباً!". ولمستُ من مندوبة الصليب الأحمر نوعاص من رد الفعل على هذه الآلة السحرية الجديدة، إلا أني لم أبد دهشتي لذلك. إذا وجدتُ وصفها، أي آلة الاتصال الخليوية. مطابقاً تماماً لما كانت تنقله الينا سجينات معتقل الخيام الجديدات. في السيارة، وضعنا الموسيقى. وكانت باربرا تشك في معرفتي الأغاني التي اسمعها للتو. فبينتُ لها العكس.

وقلت لها إنه بفضل تنقلات المعتقلات في أرجاء المعتقل، وبفضل جهاز الراديو الذي كانت الحارسات يشغلنه ليسمعن الأغاني، أمكن لنا الاطلاع على آخر المستجدات في هذا الشأن.

ومضى سائقنا يسأل عن الطريق الذي يجب أن يسلكه ليصل، وبأقصى سرعة، الى السراي الحكومي، حيث نتظر وصول اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ولما أدرك الخط، انعطف عن الطريق الرئيسية، ودلف الى طريق أخرى. ولم أدرك تصرفه هذا إلا حين بلغنا الى الهدف. في هذه الأثناء، بدأ الهاتف العربي يعمل هذه المرة. وتوقفت سيارة الصليب الأحمر الدولي. وترجلت من السيارة، وإذا صرخات من الفرح تنطلق من هنا وهناك. وفي البدء، وأنا ما زلت تحت وقع الذهول، عرفت أبي، الذي كان ينتظرني وحده، ويحوط به الحرس الشخصي لرئيس الوزراء. وفيما أنا أصعد درج السراي، تعرفت الى وجه، ثم الى آخر، وثالث ورابع. كان أصدقائي كلهم هنا، يحفون بي. تبينت لي قسماتهم التي لم يبدل فيها الزمن شيئاً، كما لو أن الزمن المنقضي لم يُحسب قط. وراحت الأيادي تلوح، ملهوفة، متسارعة، حتى لنتلامس، في هذه الآونات التي تفيض بالمشاعر. ثم وافيتُ عائلتي التي كانت في انتظاري وسط بهو القصر الرئاسي.

وكان أحرى بساعات الحرية الأولى هذه أن تحملني في دوامة من الحياة حقيقية.

حتى إذا استقبلني رئيس الوزراء في حينه، رفيق الحريري، أخذت لنا صور جديرة بتسجيل هذه المناسبة. ومن ثم أجريت لقاء صحافياً طويلاً، وكنت محاطة بقيادات الحزب الشيوعي اللبناني ممن لا أعرفهم إلا بالإسم: وكان في عدادهم الأمين العام، وخلفه، وعدد كبير من المحازبين الآخرين. أما الشيوعيون الذين كانوا انتخبوني عضواً في مجلسهم الوطني أثناء الأسر، فكانوا الى جانبي، جميعهم.

لم أكن هيأت نفسي للإجابة على أسئلة الإعلام والوسائل الإعلامية، وأمكنني، فقط، أن أشير الى مصير أولئك الذين لا يزالون هنالك في الأسر، حين تساقطت علي الأسئلة من كل صوب. وسئلت إن كنت مستعدة لمعاودة العملية التي من أجلها أُسرت، وسئلت طويلاً عن أعمال التعذيب التي مورست في معتقل الخيام، ولا تزال.

وانتهى لقائي مع الصحافيين، إلا أن تدفقهم علي لم ينته. حتى إذا استقليت السيارة وهممنا بالعودة الى المنزل، رأيت الكاميرات تواكبنا، وإذا بمنزلنا بتحول الى قاعة خاصة للصحافة، يعج الناس فيها، بحيث بتنا نقلق على صلابة المنزل وقدرته على حمل هذا العدد الكبير من الوافدين إليه. وفي منتصف الليل، وإذ بلغ بي الإرهاق حده، قصدت منزل عمي للراحة. وفي الصباح الباكر، استيقظتُ وبي شعور معاكس لذاك الذي تولاني في السجن طيلة عشر سنوات. ففي معتقل الخيام، كان يتملكني الشعور نفسه، صباحاً، وقبيل أن أفتح عيني، وهو شعوري بأني ما زلتُ في منزلي ببيروت. ولما صرتُ في بيروت، أخذ يتولاني الشعور بأني أستيقظ في الأسر، ولم يبارحني هذا الشعور وظل معي لزمن طويل.

وفي الأيام التالية، استمرت اللقاءات والمؤتمرات الصحافية. لم أعد وحدي، فوالدتي حريصة علي الى حد كبير. وقر رأي الحزب الشيوعي أن يرسل حرساً من لدنه، يقيمون لدينا، ما أثار انزعاجي.

زد على ذلك، أن والدتي ما كانت ترى بعين الرضا نفاذ الحزب الى وسط حميميتنا. وفي خلال أيام، أقنعتُ الرجل المنوط بحمايتي بأني لا أحتاج أحداً، وطمأنته بأن حالي لا تدعو الى هذا الحرص.

وما كانت الأسابيع التالية، المتلاحقة تباعاً، لتتيح لي العيش بسلام. فكان إطلاق سراحي موضع احتفاء، حتى بلغت أبعاده حد العيد الوطني. وظل المنزل ومركز الحزب الرئيسي يستقبلان الآلاف والآلاف من الزوار، في صفوف لا تنتهي، وعلى امتداد الأشهر الثلاثة التي أعقبت الثالث من أيلول / سبتمبر هذا. والحق أنني تأثرت، غاية التأثر، بهذا التعلق بقيم المقاومة – وأقله، هذا ما كان يجدر بي حفظه من هذه التظاهرات.

وفي هذه الأثناء رحتُ أقيس هذه السنوات المسروقة مني. ولئن عدت الى الحياة بقسوة، أجدني الآن غير قادرة على استعادة ذلك الإيقاع، الذي أهنأ فيه بوجود معافى. وكان هذا الجهد نوعاً آخر من الالتزام. وارتسمت في خاطري، والحال هذه، فكرة الاعتكاف بعيداً عن بيروت وعن لبنان، لأجل أن أستعيد نفسي. وفي اليوم ذاته، الذي أعلن فيه إطلاق سراحي، اتصل بي سفير فرنسا في لبنان وأشار إلي الى أن باريس مستعدة لاستقبالي لديها المدة التي أريدها، أياً تكن. وبعد أسابيع من التفكير، قبلتُ الدعوة، وما أعظم فرحة أمي بهذا القرار، وهي التي مضت تتخيلني، كلما اجتزت عتبة بيتنا، أني مزمعة على عملية جديدة في المنطقة المحتلة.

وقبيل انصرافي الى السفر، كنت تلقيتُ رسالة من المكتب الدائم للحزب الشيوعي. فعرفتُ للتو مصدرها. إنه أحمد. المسؤول عني في المقاومة. وللحال، وتبعاً لقواعد السرية التي لم ننسها، عيّنا موعداً لنا خفيةً. وعدنا، والتقينا سوية، بمنأى عن العيون.

هو الذي كان السبب في دفعي الى شدق التنين، وأنا التي تحرقت طويلاص لأدخله. وأسر لي أنه ما برح يفكر في مقاومته، كل صباح وكل مساء، بعد أن وقعت في فخ معتقل الخيام.

ذلك اليوم، بدت الكلمات نافلةً، أو تكاد.

خاتمـــــة

في الرابع والشعرين من أيار / مايو، عام 2000، تحرر الجنوب اللبناني، وسقطت أسوار معتقل الخيام، أيضاً وأيضاً. بالأيدي العزلاء، وبقبضات القرويين الذين ظلوا، طوال هذه السنين، مسكونين بصرخات المعذبين الصادرة من المعتقل. وراحت صفوف المدنيين تتوافد الى المعتقل. ولم يبد الحراس فيه ولا الحارسات أي مقاومة تذكر، إذ كانوا جميعهم قد أخلوا المكان من دون أن يسألوا عما تركوه وراءهم، وعمن كانوا في المعتقل، تلك العشية. وقد أعادوا الروح الى الرجال والنساء الذين بدوا متعبين، ومندهشين لهذا التحول التاريخي الذي يجري أمام عيونهم.

وفي الأسابيع الأولى التي أعقبت سقوط المنطقة المحتلة، وسقوط معتل الخيام كذلك، رأيت قائدها أنطوان لحد يعود القهقرى الى تل أبيب. وكانت اللجان التي تحركت في فرنسا دعماً لتحرير السجناء من معتقل الخيام ينتظرون، والعزم ثالثهم، أن تطأ قدما الأخير فرنسا، ويدخل الى شقته الباريسية خائباً، حيث كان أودع عائلته إثر قيامي بالعملية ضده، وذلك لترفع في وجهه دعوى مضمونها ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية. أما الحراس والحارسات في معتقل الخيام، فقد مضوا بغالبيتهم الى إسرائيل، وأنزلوا لهذه الغاية في مخيمات مؤقتة، حيث يأملون الفرار، وبأسرع ما أمكنهم، الى بلاد أخرى، تكون أرحم لهم، لماضيهم في وطنهم الأم. وهذه كانت حال أبو نبيل وغالبية الأشخاص القيمين على معتقل الخيام.

إلا أن حارسة واحدة وهي تدعى "عليا" آثرت أن تبقى في لبنان. ويوم عدت الى زيارة تلك الأماكن للمرة الأولى، أُخبرت أن أحداً لا يعرف عنها شيئاً.

وبعد زيارتي لمعتقل الخيام، وعودتي الى قريتي دير ميماس، حيث لم تكن قدماي قد وطئتاها منذ عمليتي في العام 1988، صرتُ أنقل خطوي ووقتي بين كل من لبنان، قريباً من عائلتي، وباريس، حيث تعلمت اللغة العبرية. وواصلت مراسةل عزيزتي كفاح التي تزوجت من لبناني وباتت تحيا في بيروت مع ولديها، الصبي ويدعى أيمن، والفتاة تدعى "سهى" على اسمي. أما كفاح، شأن كل الفلسطينيين في لبنان الذين يحيون فيه مواطنين من الدرجة الثانية، فلا يسعها أن تعمل. بيد أنها كانت تناضل لإخراج المعتقلين القدامى من معتقل الخيام، ولأجل انسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة المحتلة. كذلك عدتُ والتقيت بحنان، التي غدت، هي وزوجها، يناضلان في صفوف حزب الله. وصار لهما ولداً أطلقا عليه اسم عباس.

وقد وجدت أن الحياة، بالنسبة لهما، شأنها بالنسبة لي، إنما بدأت بعد معتقل الخيام. ثم عادت واتخذت، هذه الحياة، أبعاداً رائعة بعد تحرير الجنوب. وكان ذلك التحرير اللحظة التاريخية النادرة التي جعلت اللبنانيين يتحدون حيالها، بعدما طال انقسامهم خمسة عشرة عاماً، والسلاح لغتهم الوحيدة، وبعد أن واصلوا تشتتهم إثر سلام لا يسعه أن يعف عما ارتكبوه حيال بعضهم البعض، وقد ظهر منهم القدر الكبير من التفريط بمسؤولياتهم، بحيث غدت بلسمة الجراح البليغة، أمراً عسيراً للغاية. ولقد أظهر هذا التحرير كم كانت حربنا الأهلية واهمة وعبثية، شأن كل الحروب الأخوية، حيال ذلك الانتصار الذي حققته مقاومتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي.

إذاً، أتاحت الخيام المحررة أن يجد عشرات الأشخاص الجرحى، جسماً وروحاً، والذين ما برحوا يعانون ألف علة وعلة، أتاحت لهم التداوي، علهم يعودون الى الحياة الحقة. ذلك ان معتقل الخيام، نظير كل المعتقلات من نوعه، يهدف الى إخضاع الكائن البشري المعتقل فيه، ويسعى الى تحطيم إرادته وإنكار إنسانيته التي أعطيت له في جبلته.

أما القضية الجوهرية التي رأيتني أقاتل في سبيلها فكانت نشر السلام في ربوع بلدي لبنان، وجعله حراً وقائماً على الحق والديموقراطية. وهذه كلها تنمى الى الذاكرة الحية. وإذا ما انصرف اللبنانيون الى هذا النسيان، فإن الأمل المنشود في تحقيق صورة لبنان الموصوفة لن يرى النور، وتكون جذوة المقاومة قد انطفأت الى غير رجعة.

إن رضيت بفكرة الموت في سبيل بلادي. ولئن شعرت بأني مرتبطة بالكون كله، وبالإنسانية جمعاء، فإن لبنان الذي ولدت فيه، كبرت فيه، يوجب علي العمل على منعته. وبلادي، هي لي، كالهواء الذي اتنشقه. ولا يمكن المرء أن يقدّر ثمن الحرية إلا حين تنعدم من حوله.

ولقد سعى الأعداء أن يحرموني من هذه البقعة الصغيرة من الأرض.. فصرتُ ابنة الحرب، على هذا النحو، إذا كان يبتغي للآخرين أن يعرفوا كم كان يعني لنا أن ننمو في ظل الاحتلال، وأن نكون تحت رحمة الأذن بالمرور، أو أن نحيا في ظل منع التجول، محرومين من الحرية والهوية. وفي لحظة من اللحظات، جعل الدم المهدور من حولي، في المجازر ومعارك الأخوة، يمضني ويحرق كياني في الصميم. فاخترت الالتزام، ولا يسع أي تعبئة إيديولوجية أن تدفع رجلاً أو امرأة لتعمل ما لا تعتقده جديراً بالقضية، وما لم تفهمه، وما لم تقرر عيشه حتى النهاية. كنت أعرف ما ينتظرني. وكانت هذه الفكرة، في الواقع، أعجز من أن توقف مسيري. وحين انخرطتُ في صفوف المقاومة، بعد أربع سنوات من البحث الدؤوب، لم أكن وحدي. كانت عائلتي، والأصدقاء، والشعب كله، كان كل من أسهم في تكويني يرافقني في مقاومتي هذه. وعلى النحو ذاته، فأنا لم أتصرف بمحض شخصي، وبمعزل عن الآخرين. إنما كنت على يقين أن اللبنانيين جميعهم يمدونني بالتأييد. بل كان عملي، أو العملية ذاتها التي قمت بها، بمثابة رسالة الى اللبنانيين، في وجه الجنون الذي تمثل في الحرب الأهلية، وفي وجه العدو الحقيقي لهم جميعاً.

ويوم بلغت معتقل الخيام، أردتُ أن أواصل المقاومة، وكانت الحرب نفسها، وإن بغير وسائل. وكان المحتل عينه الذي وجب علي أن أقاومه وأن أتصدى لجبروته. وكان الصراع هو إياه، وقد بات يومياً، وسليل كل لحظة من لحظات الأسر.

أما الذين خانوا أو حُطمت إرادتهم فكانوا أولئك الذين أو اللواتي لم يحسنوا التقاط واقع كل من الاحتلال والمقاومة، ولم يتحسسوا تحذر الحرية في تراب الوطن. وهؤلاء، حالما وجدتهم في السجن، صاروا سجناء طباعهم وأوهامهم، أو سجناء شعورهم بالذنب. أما أنا، فلم يكن ذا شأن أن ينظر إلي كفتاة، أو أبرز أوهامي، أو أعاني الأسر. إنما كان امتناعي عن النضال، تنكراً لإنسانيتي، لإنسانيتنا.

وكان علي أن أقاتل، كل يوم، وكل دقيقة، وأن أتماسك لئلا أخرج من هذا السجن الى السجن الآخر، الرهيب والأبدي، عنيت به مستشفى الأمراض العصبية. وكان علي، كذلك، أن أسمع أصوات الرجال الصائحين ألماً، وأصوات النساء اللواتي يتوسلن، وأن أرى هذه المرأة التي أُخذ منها ابنها، وهذه الجدة التي تُساق الى قاعة التعذيب، وأن أشجع جارتي في الزنزانة حتى لا تواصل حك بقع الأكزيما التي أخذت تلتهم جلدها التهاماً.. وكان عليك ، أنتِ ذاتك، ألا تنهاري، وألا تكشفي عن أي شعور، وإلا انتصر العدو. وأنتِ التي يشد السجن من خناقه عليك، وتحويك أفكارك وحدها، والزمن يهزأ بذكرياتك، وبحنينك وطفولتك.. الخوف يصقلك.

وها أنت تعرفين عدوك الأخير في نفسك، وتعرفين أنه عليك تجاوزه، لتجدي حريتك المنشودة. وكان عليك أن تقاومي، لمرة بعد، ولمرة بعد..

في المعتقل، كان يكفي المرء ضحكة، أو مشهد مسرحي صغير أعد عفو الخاطر، ليتجاوز الرعب من حوله. واليوم ، يحدث أن أمضي بخيالي، بطرفة عين، وبسبب ظرف تافه، الى ذلك الموضع، الى أرض الزنزانة المطروقة ، وفي زاوية زنزانتي. وللحظة فقط. ليس ما يشغلني هذه الذاكرة، ذاكرتي. إنما تشغلني ذاكرة شعب بأسره، ومستقبله. تشغلني روح المقاومة فيه. ذلك أن ما قمت به هو لأجل أطفال الغد، ولأجل هذه الساعة الهشة، التي لا يسعنا فيها أن نراهم يلعبون، أو نسمع أصداء صراخهم اللاهي في الأرجاء، أو وهم يستظلون فيء الشجر، في ربوع بلادي.


مشاركة منتدى

  • ارتفعت روحي سموا وانا اقرا مذكراتك ايتها المناضلة المتميزه سهى بشارة واستمد ذلك من سموك ورفعتك
    واسرني كل فصول مذكراتك وحياتك في ذلك المعتقل
    ورغم ذلك تبقى الحياة جميلة كما قلت في احد الفصول
    اتمنى ان لا يكون واقعنا العربي وحالنا اليوم قد خيب ظنونك اننا نخجل منكم وانتم المناضلون على ما نحن عليه الا ن

    تحياتي سها

    • تحياتي للمناضله سهى ولجميع العرب المسيحيون الذين اخلصوا للعروبة والوطن ولم يقف اختلاف الدين عائقا عن الفهم الصحيح
      للقيم ألانسانية بكل ابعادها ، وحركة التاريخ تقول اننا سننتصر على اسرائل وغيرها عندما نصل لهذا الفهم الناضج ولا اخفي اعجابي
      واحترامي لجهود العرب المسيحيون في نشر اللغة العربية والادب العربي والشخصية العربية وكذلك فخرهم بكل انجازات اخوانهم
      المسلمون وتشخيصهم الدقيق لحالة الكبوة الحالية ،،، وارسل تحياتي لكل اهالي دير ميماس التى انجبت هذة البطلة .

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى