الأربعاء ٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم وليد السليماني

الراهن بعيون متعددة في روايات خيري عبد الجواد

في جلستين حافلتين بالتحليل والنقاش ،كان موعد نادي القلم المغربي، يوم الثلاثاء خامس دسمبر2006 بالمركب الثقافي-الحي بالدار البيضاء مع ندوة( المتخيل السردي عند خيري عبد الجواد)في محور الراهن بعيون متعددة، حيث افتتح اللقاء الدكتور فارس الحمري بتقديم ورقة تمهيدية عن التحولات في التعبير الروائي وما يختزنه ،باستمرار،من مفاجآت وقدرات على تجديد الحياة وإكساب الروح البشرية مناعة دائمة وفرصة لإرواء الواقع بالتخييل.كما تحدث عن راهن الرواية المصرية وتنوع التجارب التي حققت مجريات نهرية عميقة ،خصوصا مع بهاء طاهر وخيري شلبي وجمال الغيطاني وادوار الخراط ويوسف أبو رية وإبراهيم عبد المجيد ومحمد البساطي وغيرهم من الدفق الإبداعي... ليأتي جيل الوصل والتجديد الذي يضم أسماء أثبتت جدارة صوتها الروائي والقصصي، ويعتبر خيري عبد الجواد أحد هذه الأصوات الروائية التي لفتت إليها الانتباه عربيا وغربيا من خلال روايته (حكاية العاشق والمعشوق) ومن خلال بحثه النظري والإبداعي في الموروث الثقافي الشعبي وأشكال استثماره.

وذكر د/ فارس بأن هذه الندوة هي تكريم للإبداع الروائي المصري المجدد عموما، ثم أعطى الكلمة
في الجلسة الأولى للمتدخلين محمد معتصم، شعيب حليفي وسعيد غصان
كيد الواقع:

الناقد محمد معتصم قدم ورقة هي عبارة هي دراسة موسعة عن الرواية الإحيائية ممهدا بالحديث عن اتجاهات الرواية العربية مقترحا تقسيما ثلاثيا:الكتابة الواقعية وكتابة اللاواقع ثم الكتابة الإحيائية.

وعبر هذا المدخل النظري تحدث الباحث محمد معتصم عن الإحيائية عند خيري عبد الجواد والتي تحضر من أجل النهوض ومن أجل الاعتبار..كما تناول نظرية التهجين بمظاهرها الخمسة لفهم الكتابة عند عبد الجواد وكيفيات استثمارها للمخزون الثقافي.بعد ذلك تناول الرؤية المخترقة التي تقع في أعمال خيري ضمن خانة الموروث المخترق برؤية إبداعية، له صولته وسطوته كخطاب أدبي يوظف ليمنح حضورا آخر مختلفا... .إنه استدعاء للعوالم السحرية العجيبة حيث تكتسب الحكاية بعدها الخرافي الآسر. لكنها تفقد كل تأثير إيديولوجي (أخلاقي وتعليمي) لأن المعطى الخارجي أو شروط وجود تلك الأنواع الأدبية قد زالت مع الزمان، واستدعاؤها في غياب الحمولة الإيديولوجية يصبح مجرد توظيف جمالي يراد منه خلق المتعة الأدبية ويضاف إليها طبعا موقف الحاضر.

و يصل الاستدعاء مداه في الكتابة التهجينية التي لا تستثمر التاريخ ولا القصص القرآني، ولا تستثمر السير الشعبية فقط ، بل تستثمر في بناء فضائها المتخيل على نصوص حديثة جزئيا أو كليا، واستثمار الخطاب النقدي التنظيري للرواية مع توظيف الشعر أو خاصيات الكتابة التقريرية والرسائل الإخوانية والغرامية،،، إلخ .وهذا النمط من الكتابة التهجينية هو السائد الآن وظهرت له فروع متنوعة كالرواية الثقافية مثلا.

وفي تحليله لرواية مسالك الأحبة ،يدرس الباحث مكون اختراق المحاكاة حيث تنتمي الكتابة في هذه الرواية إلى كتابة الإحياء ،ذلك أنها تتخذ من الموروث الشعبي والفصيح مادة حكائية تعيد تشكيلها وصياغتها بطرائق مختلفة حتى تكسبها وجودا جديدا في الزمان والأفهام. وليس ضروريا البحث عن المرجع المستوحى والمسترجع. لأنه فقط توهيم ولأن الرواية بعث من /للسديم وتشكيل خيالي قد يقف عند محاكاة الأساليب كاعتماد العناوين المسجوعة أو اعتماد تقنيات الكتابة وطرائق توليد الأحداث وبعث الشخصيات الروائية.

إذا على القارئ إلغاء كل محاولة للمقارنة أو العودة إلى المصادر أو المراجع المشار إليها ضمن النص المبتكر، واعتماد النص كلغة وكمتخيل مبتدع يستدعي الخارجي الثقافي للإيهام والتمويه (توسيع معنى الرمز) لأن في ذلك بعثا للتشويق وإثارة لغايات ومقاصد الحكي. ولأنه أساسا يقيم ميثاقا وثيقا بين القارئ والكاتب.

من أهم شروط هذا الميثاق السردي التخييلي التصديق وإبعاد إمكانية طرح السؤال حول/عن حقيقة الوقائع والشخصيات لأن في طرح السؤال تمزيق لعرف التواصل.

وفي محور أخير قارب محمد معتصم تقنيات الكتابة في خمس نقط هي التحويل باعتباره سيرورة دينامية ويتمظهر في المسخ والظهور والاختفاء وتقلب الأحوال.
ثم التقابلات.والنقطة الثالثة التوسيع في الحكاية ومستوياتها(الحكي الذاتي والحكي الخارجي).أما الرابعة فتتعلق بتبطىء الحكي (الوصف المسرود ،تقطيع وتفريغ النص، اللغة الواصفة،الحذف).ثم تقنية تسريع ألحكي.

وخلص الباحث في النهاية أن (مسالك الأحبة) رواية اختارت تيار الإحياء ،واختارت الاشتغال على الموروث وإعادة تشكيله من جديد مؤكدة على أن الإبداع صنعة، وعلى أن المبدع يكون قادرا على بعث الجمال من خلال المهمل والمنسي لأن الجمال وجهة نظر . وأن المبدع الخلاق يمكنه تبليغ رسالته الاجتماعية من خلال تقويض البناءات السالفة وإعادة بنائها بما يوافق العصر. ففي مسالك الأحبة نعثر على العديد من النصوص القديمة الحاضرة بأشكال مختلفة ؛أي أنها حاضرة بالفعل أو أنها محاكاة ساخرة ،محاكاة تقليد فقط. لكن الأساس هو أن روح الكتب القديمة التي تنبني على الارتقاء والبحث عن الجوهر. والكتب التي كانت تشكل متخيلها من عوالم الجنة والجنة قد مثلتها الرواية المعاصرة. وفي مشهد الحوريات تمثيل لما نجده من ترغيب في كتب التفسير ، التي تناولت (الإسراء والمعراج) ،وهي طريقة استخدمها أبو العلاء المعري في (رسالة الغفران) ، ودانتي في (الكوميديا الالهية) ووظفها الكاتب الفرنسي فينيلون في (مغامرات تليماك).

شعيب حليفي قدم قراءة أولية في رواية ( كيد النساء) آخر إصدارات خيري ، والتي هي استمرارية في البحث عن الرواية من خلال بنائه لنص مشدود إلى حبلي الواقع والسحر والتداخلات "الضرورية" بينهما، مثلما تحقق ذلك بين بديعة ونور الدين وبين ما ينمو في أحشاء حب فادح بين، ابنتهما، فتحية ورمضان.

تقدم ( كيد النساء) مساحات واسعة من الحكي الفاعل والمنفعل مع الحياة من أجل تفكيك عوالم سفلية للمتخيل الشعبي بقضاياه اليومية التي تحيا إلى جانب أساطيره وخرافاته، وهو ما تمثل في زواج السحر بالبلطجة (بديعة ونور الدين).. ومكنت الرواة من اختطاط بحوث وتقديم رواية إبداعية لواقع آخر يتحرك باستمرار.

كما تطرق شعيب إلى خاصية خيري عبد الجواد في استعماله للسرد الحكائي الذي يستثمر أساليب تراثية بلغة حداثية تنم عن صنعة روائي متمكن من أدواته لإشعال فتيل المتخيل ولرؤية الراهن بعيون وأساليب متعددة. وختم الباحث بحثه بالتأويل الذي تقدمه مقاربة رواية (كيد النساء) وخلص أن الرواية هي صرخة احتجاج مشبعة بالحس الجمعي الانتقادي الذي يتخفى في رموز متعددة.

سعيد غصان تحدث عما حققته أعمال خيري من تطور وتطوير للكتابة الروائية ومن خلال أسلوبه الذي وظفه في رواية الجني وهو يتمحور حول شخصية الطفل الجني الذي يقدم عالمه المتخيل للتعرف على صورته الإنسانية ورصد ملامحها.

ويبدو ذلك واضحا –كما يقول غصان- منذ الصفحات الأولى التي تشير إلى خصوصية هذا الطفل غير العادي انطلاقا من مناورات أبيه أو مع والديه معا أثناء النوم.ثم شرع في تحليل الفقرات التسع من خلال عنصري التوتر والألم عبر الوسائط التقنية التي ساعدته على بناء نصه من الوصف والحوار والتأمل والحلم ...ثم تحول الباحث إلى تشريح سيرورة الأفعال الروائية والأحلام وتغذية المتخيل مما ينوع للخطاب قنواته..مثل استثمار الخطاب الساخر والعجائبي لاستكمال نسج العوالم الحكائية.
تشييد الحكاية :

الجلسة الثانية افتتحها النقد نور الدين صدوق بورقة حول (مفارقات الكتابة والتجربة) مؤكدا أن أية مفارقة ممكنة لتجربة الروائي خيري عبد الجواد لا يمكن أن تتحقق ألا بالنظر إلى المنطلق التأسيسي لهذه التجربة، والمتمثل أصلا وأساسا في روايته النواة (حكاية العاشق والمعشوق)، حيث تم تحديد الأطر التي تنتظم من ناحية القول الروائي ، ومن أخرى التوجه الذي يمكن التأسيس له بحثا عن تميز وفرادة.

ويضيف صدوق بأن الرواية تتأطر ضمن التجارب التي انفتحت على الصوغ الروائي التراثي القديم..لهذا فهي تفيد من محكي التراث متمثلا في ا لحكاية، بهدف التأسيس لتشكل كتابة مغايرة يراهن فيها على ربط الرواية بمرجعيتها، إلى محاولة تبيئة الشكل المغاير،إذا ما ألمحنا للسياق الذي جاءت فيه، والمتمثل في النزوع إلى الانفتاح على التراثي والاحتفاء به..
لقد تمثل هذا النزوع بما جاء به: محمود المسعدي، جمال الغيطاني، اميل حبيبي، يحيى الطاهر عبد الله...فالحكاية وفق هذا التصور، الوعاء الاطار الذي يتشكل من خلاله البناء الروائى..وانطلاقامنه تتعدد، تتناسل الحكايات بحثا عن ترتيب موضوعي للقول الروائي، حيث تشتغل مادة الحب أو العشق وفق تباين مظاهرها ومفاهيمها ضمن حكاية العاشق و المعشوق
ويمكن القول أن هذه التجربة توسعت في اللاحق مع (كيد النساء) ولكن في دائرة التنويع عليها، وليس إعادة إنتاجها.

إن خيري عبد الجواد من خلال تجربته:

1-يراهن على تأسيس قول روائي مفارق.

2-يتشكل انطلاقا من التراثي مجسدا في الحكاية.

3-ويهدف تعضيد سياق إبداعي مفتوح على التداول التراثي القديم.

مداخلة الشريشي لمعاشي جاءت في موضوع (المعمار الروائي وتشييدات الحكي) حيث قسم بحثه إلى ثلاثة محاور كبرى مهد لها بتقديم نظري في مفهوم المعمار والتشييد والحكي ثم انطلق محللا عتبات رواية (يومية هروب) في ارتباطها بما سيأتي من تشييد للحكي وتيماته كما تحدث عن كون عتبات سرود خيري عبد الجواد تمتاز بإيحائية عتباتها وقوتها الرمزية.
المحور الثاني حول تشييد الحكي حيث استدعت الرواية بعض آليات توسيع متخيل محكيها فكان تضمين خمس حكايات يتناوب على سردها خمس نساء، إذ يتشذر السرد ويتفرع وتتعدد المحكيات، غير أن المصائر تتوحد والرغائب تهفو بعبثها. إن تشييد الحكاية – يقول الباحث – جاء وفق عملية الهروب باعتباره سمة لازمة للشخصية ، وهو رمز للبحث عن الممكن في أزمان المستحيل وهو أيضا علامة للبحث عن الضوء عبر خرق المواثيق والتسييجات الموبوءة .
إن التشييد الحكائي في (يومية هروب) يكشف عن حنكة سارد درب، متمرس على بناء الحكاية وتفتيته في آن .
المحور الثالث في مداخلة الشريشي لمعاشي ( رئيس نادي القلم المغربي) كان حول تشكل التيمات وتدرجها وصولا إلى تيمة الجنس التي هي نسغ الحكايات الخمس المروية، وهي مرآة لدلالات أعمق تكشف عن عاهات المجتمع الساكن.
وخلص الباحث إلى وضعه يده على الأطروحة الكبرى والمتمثلة في الضياع وتزوير التاريخ .

وعاد في المداخلة ما قبل الأخيرة شمس الدين بلقايد لقراءة رواية(مسالك الأحبة)من خلال المفاهيم المحركة للسرد والتي اشتغلت عليها: الرحلة، الحلم، المسالك، التيه،مصير الخائبين والواهمين والسالكين.
أما المداخلة الأخيرة لعبد الحق نجاح فجاءت قراء ة امتاعية للمجموعة القصصية (قرن غزال) باحثا في القصص الخمس عن تحولات الشخصية والعنصر القصصي بالإضافة إلى الحدثية والتشكل الحكائي.

شهادة الكاتب: هذا زمن القابض فيه على حكاياته كالقابض على الجمر:قرئت في نهاية هذا اللقاء الشهادة التي بعث خيري عبد الجواد وقد جاء فيها:

الأخوة والأصدقاء والأساتذة الأعزاء ، تحية عطرة أرسلها إليكم من القاهرة التي تتشوف دائما لرؤياكم ، فأنتم منها في القلب ، تأكدوا من هذا ، ولعل بعضكم قد لمس ذلك عند زيارته للقاهرة وعرف مدى الحب الذي نكنه نحن أدباء مصر وكتابها للمغرب والمغاربة أخوتنا وزملاء المهنة الواحدة ، فلا فضل لمغاربى على مصري إلا بالفن والإبداع الجيد وهانحن نلتقي ونتجمع عن طريق الفن ، فوحده يجمع ما فرقته السياسة والحدود والملل والنحل المختلفة .
لقد شعرت بسعادة طاغية حين علمت باجتماعكم على دراسة بعض ما اجتهدت في كتابته على مدى ربع قرن من روايات وقصص ، واني على أمل ألا يخيب ظنكم فيما كتبت ، وأن تجدوا فيه ما يستحق عناء بحثكم ، وألا تكونوا قد أضعتم وقتكم فيما لا يستحق .

الأخوة الكرام ، لقد بدأت الكتابة في فترة مبكرة جدا من حياتي ، كان ذلك في بداية السبعينيات من القرن الماضي ، وكان عندي وقتها عشر سنوات ، فقد ولدت في ( 24/7/1960) وكانت أول قصة كتبتها آنذاك هي قصة بوليسية تشبه تماما القصص البوليسية والألغاز التي أدمنت قراءتها في تلك الفترة ـ ومازلت حتى الآن ـ لكن البداية الحقيقية جاءت مع نشر أول قصة قصيرة لي في مجلة الجديد والتي كان يشرف عليها الناقد والمسرحي د . رشاد رشدي ، كان ذلك في أكتوبر 1980 ومنذ ذلك التاريخ وحتى ظهور أول مجموعة قصصية لي وهى " حكايات الديب رماح" عام 1987، كنت قد نشرت أكثر من ثلاثين قصة في الصحف والمجلات المصرية والعربية ، والغريب أنني لم أختر من بين هذه القصص التي نشرتها ما يكون مجموعتي الأولى ، بل أنني كتبتها كلها خصيصا كي تكون كتابي الأول .
ولدت في أحد الأحياء الشعبية الموجودة في قلب العاصمة القاهرة ، وهو حي " بولاق الدكرور" ، وقد يحدثكم الدكتور شعيب حليفي عن بعض انطباعاته عن هذا الحي فقد شاهده معي ، وقد أطلق عليه البعض اسم " الصين الشعبية" نظرا لازدحامه الشديد ، في هذا الحي عشت كل عمري وتشبعت بهذا الخليط من البشر بما يحمله من ثقافات شعبية مختلفة بعضها ينتمي للجنوب ، والآخر ينتمي للشمال ودلتا النيل ، وبينهما ثقافة العاصمة ، لقد رضعت من تلك الثقافة ـ العشوائية ـ وعبرت عنها في كل كتاباتي ، كانت " حكايات الديب رماح " هي حجر الزاوية في كل ما سوف أكتبه بعد ذلك ، ولقد تساءل الروائي والناقد الكبير " ادوار الخراط " في دراسته التي قدم بها كتابي الأول : هل هذه الكتابة حكايات شعبية أم قصص حداثية ؟ وخلص في نهاية الدراسة إلى أنها قصصا حداثية تمتح من بئر الخرافة الشعبية . لن أقول بالطبع ، أو أدعى ، أنني كنت على وعى كامل بما أكتبه في تلك الفترة ، بل على العكس من ذلك ،لم أكن منتبها لذلك الكنز الذي بين يدي والذي نبهتني إليه كتابات ادوار الخراط والكثير من النقاد الذين تناولوا أعمالي فيما بعد ، لقد كتبت هذه المجموعة بالفطرة وحدها وبوعي ضئيل بأنني أريد أن أكتب هذه الكتابة بالذات والتي تحمل ثقافتي الوحيدة التي أعرفها آنذاك ، فأنا ابن لهذه الطبقة الشعبية ولست ذلك المثقف الذي يكتب عنها ، بل منها وفيها ، بهذا التصور كتبت مجموعتي الثانية " حرب أطاليا" على إن الوعي كان قد تطور قليلا وبدأ ينظر إلى أبعد من ذلك ، كانت ألف ليلة وليلة ، والسير الشعبية ، وحكايات الجان ، وكتب السحر ، وأهازيج الأطفال ، وكتب الأخبار والرحالة العرب ، والأساطير ، سواء كانت شفهية أم كتابية ، وتراث المحكي العربي على اتساعه وامتداده ، هي مجال تجوالي فيما بعد بحثا عن أشكال عربية للقصة والرواية ، وبالفعل فقد وجدت بعض الأشكال والتقنيات التراثية القديمة والتي تصلح لإثارة الدهشة الآن ، فمثلا بهرني استخدام " الحارث المحاسبي" وهو متصوف من القرن الثالث الهجري لشكل التوهم للجنة والنار وللحياة الأخروية ، وقد قررت استخدام هذا الشكل ، أي شكل التوهم ، في روايتي الأولى " كتاب التوهمات" التي صدرت عام 1992 ، وفيها طوعت هذا الشكل التراثي القديم لشروط الحداثة كما أفهمها ، ثم بعد ذلك جاءت رواية " العاشق والمعشوق" والتي أحدثت بعض التفاعل الايجابي في الأوساط الأدبية المصرية والعربية على السواء ، وقد لفتت الانتباه ـ وبشدة ـ لكتاباتي .

الأساتذة الأجلاء ، لا أريد الإطالة عليكم ، لكنى فقط أردت استجلاء بعض الخطوط العريضة والتي تحركت من خلالها عبرعملى خلال ربع قرن في محاولة لكتابة جادة لا تقلد كتابة أخرى ، لكنها كتابة مسكونة بما ومن سبقها ، ومرة أخرى فان اجتماعكم اليوم من أجل النظر فيما كتبت هو فى حد ذاته شرف لي وتاج أضعه فوق رأسي
أشكركم مرة أخرى على ما قدمتموه من أجلى ، والى أن نلتقى ، لكم محبتي .

خيري عبد الجواد


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى