السبت ٢٨ آذار (مارس) ٢٠٢٠
بقلم علي بدوان

العم «ابو مراد» وقصة كفاح الفلسطيني

العم أبو مراد، الفلسطيني المكافح، الذي خرج من بلدته (أم الفحم) من منطقة المثلث في فلسطين، الى سوريا عام النكبة 1948، فاشتق طريقه في العمل المضني، واستطاع أن يبني لذاته ولأسرته، مستقبلاً جيداً، حين عركته الأيام، وخبرته ميادين العمل، في اليمن التي وصلها ساعياً وراء رزقه، وعودته الى دمشق بعد سنوات، وافتتاحه متجراً لبناء الملابس الجاهزة في (حي الحريقة) التجاري وسط دمشق، فضلاً عن صالون الحميدية وسط سوق الحميدية الدمشقي الشهير.

نرفق صورة تم الحصول عليها من الأصل، وفق الماسح الإلكتروني (السكنر)، والصورة عبارة عن شهادة ميلاد العم محمود مراد (أبو مراد)، المولود في (أم الفحم) بفلسطين، بتاريخ 19/12/1926، والمتوفي بدمشق العام 1980، وهو ينتمي لعائلة كبيرة في أم الفحم، من تلك العائلات الفحماوية المعروفة : إغبارية، ومحاميد، وجبارين...

وثيقة ميلاد المرحوم محمود مراد (أبو مراد) عام 1926، تُلخص بشكلٍ أو بأخر، الشوط الكبير الذي كانت فلسطين قد قطعته في ميادين التطور الحضاري بمختلف مناحيه، في ظل حكومة فلسطين، والتي وإن كانت تحت هيمنة سلطات الإنتداب البريطاني على فلسطين. ففلسطين التي جرى فصلها واقتطاعها عن وطنها الأم (سوريا الطبيعية) بفعل التوافق الفرنسي البريطاني، تمهيداً للسير باتجاه "تنفيذ بناء دولة لليهود" على حساب الشعب العربي الفلسطيني وحقه التاريخي فوق أرض وطنه، كانت منارة الشرق الأوسط بأسره. وكان مُقدراً لها أن تكون النجمة اللامعة التي ستضىء المنطقة من خلال صعودها الحضاري على كل المستويات قياساً بمعظم البلدان العربية في حينها.

لنلاحظ معاً، وثيقة الميلاد إياها، وتنظيمها المُتقن، من ناحية التبويب، والتقسيم بين الأعمدة، والبرمجة، ومن ناحية التفاصيل واكتفائها، وتاريخ الولادة 19/12/1926، وتاريخ تسجيل واقعة الولادة 31/1/1927، ورقم سجل الولادة (رقم النمرة في السجل 1893)، والإسم الرباعي (محمود مراد عبد الرحيم أبو مراد)، واسم الأم (بهية مراد)، والجنسية فلسطيني، اضافة الخاتم الرسمي، والطابع المالي... حيث تصلح الى الآن لإعتماد نموذجها في البرمجة الإلكترونية وفق نظام (Access) لسجلات واحصاءات السكان.

وثيقة الميلاد، التي نطلق عليها في سوريا، قيد النفوس، معنونة بعبارة (حكومة فلسطين) باللغة العربية أولاً، ثم الإنكليزية، ثم العبرية. فمن أين جاءت اللغة العبرية في تلك الترويسة (أو العنوان)، ولماذا ...؟؟

الحقيقة، أن مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين من قبل عصبة الأمم المتحدة، والمقر بتاريخ 6 يوليو/ تموز 1921، والمصادق عليه في 24 يوليو/ تموز 1922، تضمن مقدمة جاء فيها في تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية، وأن تكون مسؤولة أيضاً عن صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين بقطع النظر عن الجنس والدين. وعلى أن تكون الإنجليزية والعربية والعبرية اللغات الرسمية لفلسطين، وكل عبارة أو كتابة بالعربية وردت على طوابع أو عملة تستعمل في فلسطين يجب أن تُكرر باللغة العبرية. ومن هنا ومنذ صدور صك الإنتداب القسري على فلسطين (وفلسطين لم تكن أصلاً بحاجة لوصاية أو انتداب) فإن بريطانيا فرضت على حكومة فلسطين وجود اللغة العبرية في أي عنوان أو (ترويسة) لأي وثيقة من وثائقها، على أن تكون اللغة العربية أولاً، ثم الإنكليزية، وبعدها العبرية. وكل ذلك في سياق ماكانت تعمل له بريطانيا في الخفاء لإنشاء "دولة يهودية" على ارض فلسطين.

وفي العودة للوثيقة المشار اليها اعلاه، فإن ارشيف وموجودات الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سوريا، تحتوي على كمٍ كبير من تلك الوثائق التي تم تسليمها عند لجوء شعبنا الى سوريا، ومنها (وثائق ميلاد، جوازات سفر، كواشين طابو وملكية أراضي ...الخ).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى