الثلاثاء ٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٨
بقلم سلوى أبو مدين

القناعُ الممزّقُ

لا يضيرُنِي لونُ بشرتِي القاتمُ ذو الصبغةِ الزنجيةِ

وردائِي الممزقُ الذِي ربطتُهُ حولَ جسدِي..

ومقرُّ قبيلتِي التي عشتُ بينَ حقولِهَا وأشواكِهَا
وترابِهَا الأحمرِ.

وعاداتِهَا الباليةِ التي صنعتْ منّي
امرأةً مقهورةً متمرّدةً تقفُ على حدودِ الوجعِ
تفتشُ عن حقيقةٍ واهيةٍ، وشخصيةٍ قابلةٍ للانفصامِ..!

قهرتْ مشاعرِي؛ وعصبتْ دمِي .
بقايا الخزِي والاحتقار ِ.
هكذَا يتوارثُ أهلُ قبيلتِي، الذلَّ والهوانَ..
و تحيَا النسوةُ بقناعٍ ممزّقٍ
بعقائدِهم المتهرئةِ.

المرأةُ في قبيلتِي تُجرّدُ من حواسِّهَا
وتُعاملُ بهمجيةٍ وعنفوانٍ.

كانَ لابدّ أنْ أفصلَ ما بينَ أنوثتِي..
والعاداتِ التي خطّتهَا عقولُهم المتحجرةُ.

ربّما أنَا أوّلُ الحكايَا، وأصبحتُ مثالاً متداولاً
بينَ نسائِهَا.
أو ْمَا يعادلُ عقولَهم وتفكيرَهم المتصدّع.

ما زالَ يتملّكنِي ذاكَ الدافعُ لأصنعَ منّي في
نهايةِ المطافِ امرأةً
مجرّدةً من الوعي والإحساسِ.

تتحرّكُ حسبمَا يُملى عليهَا..
أقرب لآلةٍ متحركةٍ..
رسمتْ على خارطةِ عقولِهم التي
وضعتنِي في زاويةِ الخطيئةِ،
لأكفّرَ عن ذنوبِي..!
منذُ طرحتنِي تقاليدُهم التعسفيةُ..!
وحملتُ أوزارًا ليسَ لي فيهَا ذنبٌ!

وبدتْ سياطُ الصفعِ والقسوةِ تخطُّ
جسدِي الذي أحالُوه كألوانِ الطيفِ.

وحملتنِي أيديهم الآثمةُ إلى هزالة
بل خرافةٍ
شكّلوها مثلمَا أرادُوا
وألقُوا بهَا إلى زرائبِ الحيواناتِ
لتدوسهَا بأقدامِهَا
حينمَا سئمُوا منهَا..!

هكذَا تتشكّلُ صورتِي وتاريخِي
وفرائضُ طقوسِهم
عندمَا تعومُ أفكارُهم في بحيرةٍ راكدةٍ.
تغطي مساحاتٍ من عقولِهم
التي لوحتهَا الشمسُ بحرارتِهَا
وسكنتهَا العناكبُ..!
فأتحوّلُ إلى جسدٍ لطّخَ بالقذَى

آآآه..
لو كنتُ أعلمُ أنّني سأولدُ أنثَى
لوجدتُ
ألفَ طريقةٍ لأحوّلَ رغباتِ
البغضِ إلى كرةٍ ثلجيةٍ
يعبثُ بها الصغارُ.

ولكنْ في رحيلِي امتطِي صهوةَ النورِ
وأسكبُ عطرَ الترابِ من حولي
علّ الليلَ، يرسمُني نجمةً
في فضائِهِ الحالِكِ.
ليذكرنِي الزمنُ يومًا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى