السبت ٩ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم محمود سلامة الهايشة

بصمات لا تُمحى!

كلَّ يوم يسقطُ جنودٌ أمريكان، على طُرقات أفغانستان، بقنابل مفخَّخة تُوقِع بهم، وضعتْ بأيدي مقاوميهم، ضاق قادةُ الجيش ذَرْعًا، فلم يعودوا يحتملون تلك الخسائر، لا يعرفون كيف يُحدِّدون الجناة، فأرْسلوا لمدير الشرطة الجنائية في المباحِث الفيدرالية، يسألون عن وسيلةٍ للحصول على بصمات تلك الأيدي، مِن على الأسطح المعدنية، حتى لو قاموا بمَحْوها.

بمجرَّد أن وصلتْه رسالة الاستغاثة، حوَّلها برُمَّتها إلى الدكتور جون بوند، مدير الدَّعْم العلمي بشرطة نورث هامتون شاير، فبدأ يفكِّر في الأمر، فدخل معملَه الخاص الذي أقامه بمنزله، ظلَّ يبحث عن طريقة لرَصْد بصمات ثابتة، يصعُب محوها، إلى أنْ هداه عقله إلى طريقة تكشف التآكُل الذي يحدُث في الأسطح المعدنية، عندما تلمَسُها أصابع الإنسان؛ نتيجةَ الآثار الضئيلة التي تتركها الأملاح الموجودة بالعَرَق البشري.

ظل يجرِّب ويدرس، إلى أنْ صمَّم جهازًا متكاملاً يقوم بعدَّة مراحل، حتى الحصول على صُور ضوئية للبَصمات، حتى جاء يوم المؤتمر الصحفي للإعلان عن الابتكار الجديد، فسألتْه إحدى الصحفيات:

• هل من الممكن أن تشرحَ لنا تلك التقنية الجديدة؟

فنَظَر لها والابتسامة تملأ وجهه:

• ببساطة شديدة، جئتُ بالمعدن المراد رفْع البصمات مِن عليه، وعرَّضتُه إلى تيار كهربائي مقداره 2500 فولت، ثم أتيت بخرَز من السيراميك مغلَّف بمسحوق ناعِم يشبه المسحوق المستخدَم في ماكينات التصوير، ثم قمتُ بشحْن هذا الخرز السِّيراميكي بالمثل، وصبِّه على المعدن؛ فأظْهر المسحوق أماكِنَ التآكل في المعدن، ثم حرقْتُه بالفرن؛ كي يحتفظَ بشكل الأجزاء المتآكِلة، بعدها صورتُها فوتوغرافيًّا لمضاهاة البصمات.

فرفَع أحد الحاضرين المؤتمرَ الصحفي يده، يريد أخْذ الكلمة، عرَّف نفسه، بأنَّه محقِّق في المباحث الفيدرالية، وجَّه سؤاله للدكتور بوند:

• يعني ذلك أنَّنا نستطيع الآن أن نُعيدَ النظر في القضايا القديمة التي تمَّ تجميدُها؛ لعدم الوصول إلى دليل؟

• إنَّ العلاماتِ التي يكشف عنها على أسطحِ المعدن بتلك التقنية لا يمكن مَحْوُها، كما أنَّها لا تفسد!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى