الثلاثاء ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم محمد أحمد العدوي

بناء جديد

على الشاطئ الذي تمسحه الأمواج بأيد هادئة كانت تجلس طفلتان تملآن دلوين وتبنيان بيوتا من الرمال. الأولى رحاب ابنة صديقي والثانية كانت طفلة روسية بدا أنها ابنة سائح يجلس على طاولة قريبة.

لم يلحظ أحد منا متى بدءا اللعب ولا كيف تعارفا. ولم يكن يبدو عليهما في الحقيقة أي حوار منطوق. رحاب لا تعرف من الانجليزية إلا كلمة واحدة هي ( نو ) وعلى عادة الأطفال حين يتعلمون كلمة جديدة فإن رحاب تكرر (نو) في كل أحوالها فحين تطلب منها شيئا أو تسألها عن اسمها أو ماذا فعلت اليوم يكون أول جوابها (نو) مصحوبا بحركة من رأسها تفيد ذات معنى الكلمة ثم تجيبك باسترسال عما سألت عنه.

أراقبهما والطفلة الروسية تمد إليها يدها بجاروفها الصغير وهي تتحدث بجملة تردها رحاب بكلمتها الأثيرة التي تعلمتها ثم تأخذه منها وتساعدها في ملء الدلو الصغير. كانت رحاب أسرع كثيرا في بنائها لبيتها، تبنيه وتهدمه قبل أن تتم (لاستين) ملء دلوها الذي كانت أمها تصفق لها بحرارة عندما تنتهي منه.

عرفت اسمها من رحاب وهي تعلمها كيف تبني البيت سريعا. تناديها به عند كل أمر أو فعل جديد تريد أن تفعله. تعلمت لاستين سريعا كيف تشارك رحاب بناء بيتها كما تريد. بعد ساعة كنت أشعر أن كلتيهما تكمل الحركة التي بدأتها الأخرى بتلقائية جميلة.

أسأل رحاب: كنتي بتلعبي مع مين؟
 دي لاستين صاحبتي؟
 عرفتيها منين؟
 هي كانت قاعدة تلعب لوحدها وبعدين لعبت معايا وبعدين بقينا صحاب.

لا تعرف رحاب من أي بلد أتت لاستين ولا أي لغة تتحدث. ومع ذلك بقيت معها كل النهار حتى نادتها أمها وهي تستعد للرحيل.

انشغلت فلم ألحظ وداعهما كما لم ألحظ تعارفهما. كانت رحاب قد انهت جمع ألعابها وعادت إلينا ولاستين أيضا قد وصلت إلى طاولتها.

قبل أن نرحل ألقيت نظرة إلى آثار بيوتهما. كان هناك طفلين قد هدماها و نشروا أدواتهم لبناء جديد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى