الأحد ٢٣ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم مروة كريديه

بين "قربان" المقاومة و "مقاومة " القربان

تلتقي أطروحات النخب العلمانية واليسارية والقوى السلفية وكافة الحركات المناهضة لما يسمى ب " العولمة"..... في موقف واحد رافض " مقاوم " تجاه ما يطلق عليها بمشاريع "السيطرة " بالرغم من التباين الصارخ بين كل هذه الفئات, وبغض النظر عن منطلقات كل واحدة منها والمرتكزات الفكرية والفلسفية والإيديولوجية المتباينة لها في ظل الفوضى والخلط بين المنطلقات الإيديولوجية والصورة الواقعية والطموحات والأمنيات.

فمفاهيم " المقاومة " و مفرداتها عميقة وراسخة، ومفهوم " القربان " قديم قدم البشرية نفسها هذا التجذر التاريخي للمفهوم تشكل عبر العصور التاريخية بصورٍ متعددة ومتنوعة وكلها في النهاية واحدة منها " التضحية " و "الجهاد " و " الصلب " و"القربان " و " الشهادة " و " النضال " و "الثورة ".........كل هذه المصطلحات والمفاهيم لها جذورها العريقة في الحضارات القديمة كافّة وليست حكرًَا على الحضارات الشرقية أو الحضارة العربية والإسلامية كما يحلو للبعض أن يُصوّرها.

وعملية نسف هذا المخزون المتأصل في اللاشعور الإنساني و اللاوعي الأممي ليس بالأمر اليسير ، فهي ظاهرة مرتبطة بوجود الإنسان نفسه , وحق "مقاومة" أي خطر رد فعل طبيعي, وحق الدفاع عن النفس حق أزلي فطري قائم في الكينونة الإنسانية فالميتولوجيا الحضارية القديمة و الأيديولوجيات الحديثة و المنطلقات العقائدية والفكر الديني.......كلها تُكرّس مفهوم "البذل" وتضفي "الشرعية" على "المقاومة".

فهناك إجماع حضاري إنساني أزلي على " حق المقاومة " وهناك اختلاف حقيقي حول حجم "القربان “ المقدم أثناء عملية " المقاومة " ونوع هذا "القربان " ", ففي حين يرى البعض أن القربان ينبغي أن يتمثل بشخص واحد نجد آخرون يقدمون عشرات القرابين و عشرات الأشخاص أو حتى الأمة بأسرها وقد قال أحدهم " إذا وزنت الأمة الإسلامية جمعاء بالقدس لرجحت كفة القدس فلا بأس من أن نضحي بالأمة كلها من أجل تحرير بيت المقدس " هذا طبعًا على حد قوله

و البعض يحصر " المقاومة " بالقول والبعض الآخر ب "السلاح"، وهذا يراها في "الجانب الفكري " و ذاك ينزل بها إلى "الشارع" ..

و هناك من يحصر مقاومته لل " العسكري " المحتل ويحصرها ب الفرد " الحربي " والبعض الآخر يعمم فيرفض كافة مظاهر " الاحتلال " بما فيها "المدني " أو حتى " الفكري " ....

إن عملية نسف هذا المخزون المتأصل في اللا شعور الإنساني واللاوعي الأممي ليس بالامر اليسير , فهي ظاهرة مرتبطة بوجود الإنسان نفسه , وحق مقاومة أي خطر رد فعل طبيعي وحق الدفاع نفس حق أزلي فطري قائم في الكينونة الإنسانية
إنما السؤال الكبير الذي ينبغي علينا طرحه والإشكالية الكبرى التي ينبغي على النخب الفكرية جمعاء معالجتها هو ما هو حجم " القربان " وما هو نوع " القربان " ومتى وكيف ومتى يكون القربان قربانا ومتى يصبح " سفكا للدماء" وتتحول التضحية إلى تعدّ وتعسف في استخدام الحق ؟؟؟؟؟؟؟ بحيث ينقلب هذا الحق الى باطل , وما هو المعيار الذي ينبغي ان نستند إليه لتميز " المقاومة " عن " التعدي "

والناظر اليوم بتمعن إلى المواقف "المتطرفة " بقطبيها ، يجد أن هناك " متطرف " يتمثل بقوى تتمادى وتريد نزع ونسف حق البشر في الدفاع عن أنفسهم وتنصب نفسها زعيمة لل" بشرية " جمعاء، وتريد أن تقضي على مفهوم " المقاومة " أو كل من تسول له نفسه ان يقاوم مشروعها، وتحاول إن تنسفه من أساسه وتلغيه عن بكرة أبيه حتى على المستوى الفكري وتريد أن تحول الكائن البشري إلى آلة طيعة بين يديها لا تعي ولا تدافع حتى عن حياتها...

وبالمقابل وفي الطرف الآخر نجد متطرفّا آخر يتمادى في تقديم " القرابين " حتى تغدو أفراد البشرية كلها " قربانا " و " قرابين " .

وبين متطرف وآخر , يبقى السواد الأعظم من الشعوب تتلقى الضربات على رأسها وتمعس معسا بين مطرقة " المعتدي " وسندان " المقاوم " .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى