الجمعة ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم بيسان أبو خالد

تكوين في المدار

ازدحم الناس
وأنت تطارد ظلك
شبحاً يعدو خلف جدار الصين
عدوت.. عدوت
خلعت حذاءك في مفترق الطرق
وما آلمك الجمر
لأن ذويك هناك
كل طيور النورس حبلى بالأمواج
ووحدك كنت مناراً يسقط ملء الآه
يعبر كل ضياع السفن..
تضلُّ.. وترجع.. في وجه القرصان
فلا تتراجعْ.. إن البحر وراءك.. إن عدو الأرض أمامك
كل السفن رماد وحدك أنت..
فكيف تواجه أرتال الأعداء؟
 
تُطرق.. لا يُرجعك الحزن إلى آفاق الحب
لا يعرفك الموت فأنت سبيُّ حياة لم تتخاذل
كيف كبرت.. وكان الله يربِّي نجلاً آخر غيرك
كنت ربيعاً يَعِدُ الورق الذابل في الغابات
هل كنتَ سوى زوبعة تُدنيك من الشجر
الآفل في الرايات
لعل العمر سيصبح عبئاً بعدك
لا تستعجل جمع بينك ليكبر أجملهم ويشيخ
صمت ملء الكون يصيح
أرض تجرح وهم الناس بقرب الفردوس
المفقود
وحدك قرب نوافذ وهمك
تحصي كم يتبقى بعد لديك
مرَّ القرن.. ومرَّ الحزن ومرَّ الفنُّ
وكنت تحاور نفسك:
كيف وُلدت وكيف تموت
لا يتبقى منك سواك
كنت تضاجع كل مساء حلمك ثم تمزقك الخيبات
تمضغ بعض بقايا القات
كي تعتاد العيش مع الأموات.
 
لم تستوقف أحداً
لم تستوقف حتى الغيم العارض في
جُنبات الظمأ الغامض
لم تستوقف نهراً يشرُع أن
يتجفف
لم تستوقف بيتاً يهوي ملء
سواد الزمن الأجوف
لم تستوقف طيراً يرحل
نحو ربيع أوحد
لم تستوقف حتى الورق الأصفر
في الطرقات ولا أحذية الناس
ولا منعطفاً كان يقودك
يوماً للآفاق
لم تستوقف شيئاً.
 
مرَّ ذووك ومر العشب الآمن
ملء سهول الأرض بدونك
مر الزمن ومر الكفن
وكنت وحيداً ما عرفوك
لم تستوقف نبضاً
لن تستوقف بعد الآن
خرائط شريان الأحزان
ولن يستوقف عمرك شيئاً
أنت قطار يرمي سكته ويموت
أنت قطار لن يتوقف
بعد الآن كل محطات الركاب سيان
أنت دخان
يبصق غيماً ملء سماء
يقتلها النسيان
ليس لديك بلاد
ما قلَّدك الله وسام الفتح
لا تستعجل موتك.. إن القبر حليف آت.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى