الأربعاء ٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم نضير الخزرجي

تمثلات قوافي الشهادة في الأدب الموصلي

لا يستطع المرء تذوق اللوحة الفنية والتعاطي معها روحيا ونفسيا وإدراكها عقليا إلا من خلال حادة البصر المنفتحة على البصيرة فترتسم خطوط الصورة وأجزاؤها في لوحة الذهن المتسربلة جذورها إلى قاع الذوق الفني، فيتحسسها بنفسه ويتلمسها بذائقته الفنية ويتشوفها بعدسة الفن بعد أن شاهدها بعدسة العين المجردة.

وما يقال عن ترابط بين النظر واللوحة الفنية يقال عن السمع والقوافي الشعرية، فحاسة السمع هي الأداة الأولى لتذوق الشعر والتنقل بسلاسة بين سلم قوافيه السامية المعاني بعد أن حسنت ألفاظه، فالذي يقرأ الشعر قد يحسن طرق أبواب الأبيات الشعرية بأنامل الحس ولكنه قد لا يحسن طرقها بأنامل الإحساس، وقد يحسن للأمي طرقها أكثر من المتعلم إذا ما وقعت القوافي على مسامعه نشوانة جذلة، فالتعاطي الايجابي المحفوف بالأحاسيس يتم عبر حاسة السمع، والحاسة المرهفة هي التي تملك قدرة التمييز بين الشعر الكاعب من الشعر الخائب.

والأذن تعشق قوافيا

ولا يخفى أن حاسة السمع هي المقدمة على كل الحواس لما لها من علاقة متينة بالحسِّ الظاهر والإحساس الباطن، فالذي لا يبصر يسمع ويتكلم، والذي يتكلم يسمع ويبصر وقد لا يبصر، ولكن الذي لا يسمع لا يتكلم وإن أبصر، فحاسة السمع أقرب الطرق إلى مسارب نفس الإنسان وفؤاده، وبها يتفاعل ويفعل أو يحجم، ويعقل أو يتهور، ولذلك خصها القرآن الكريم كأول حاسة جسدية لها قوة الفعل وأول حاسة معرضة للمساءلة، قال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) سورة النحل: 78، وقوله تعالى: (وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) سورة المؤمنون: 78، وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) سورة الإسراء: 36. فالتراتبية في الحواس البشرية لها شأنها في الحياة اليومية، ولها قوة التأثير على كوامن الإنسان ومنطقه وسلوكه، ولذلك كان قوم نوح (ع) وعلى سبيل المثال شديدي الحرص على عدم سماع كلام النبي نوح متلفِّعين بثيابهم، حيث يصفهم القرآن الكريم بقوله على لسان النبي نوح (ع): (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) سورة نوح: 7، وهكذا كان يفعل مشركو مكة مع دعوة النبي محمد، وكانوا يمنعون فتيانهم من سماع القرآن لأثره السحري على النفوس.

وحيث الأمثال تضرب ولا تقاس، فإن السمع هي الحاسة القادرة على تمييز قوافي الشعر، وقد لا تستطيع التمييز بين البحور، ولكنها تملك قدرة مزدوجة على الحس والشعور، فتكون أقدر على تقبل الشعر أو لفظه وتعاطيه أو نفثه. وقد أحسن الشعراء عندما ترجموا الوقائع والحوادث إلى قصائد وملاحم، وبذلك وثقوا سيرة الشخصيات العظيمة شعرا، فحفظوا لشجرة التاريخ أوراقها وأخضروا يباسها، تؤتي الأجيال أمة بعد أخرى ثمارها من شجرة ربيعية عامرة، وقد تابع المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي دواوين الشعر العربي قديمه وحديثه، فوجد أن واقعة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين (ع) وما جرى على أهل بيته وأصحابه من بعده، هي أكثر أشجار الربيع الشعرية اخضرارا وأكثرها انتشارا في ربوع الآداب الإنسانية، وكلما ابتعدنا زمنا عن واقعة الطف عام 61 هـ تكاثر أعداد الشعراء وتكاثرت معهم القصائد في النهضة الحسينية وفي كل لغات العالم الحية وغير الحية العالمية والمحلية وبكل اللهجات، وفي القرن الثاني عشر الهجري الواقع في الفترة (15/10/1689- 23/10/1786م)، تابع الأديب الكرباسي في الجزء الأول من (ديوان القرن الثاني عشر) القصائد من قافية الهمزة حتى الذال، وفي الجزء الثاني الذي صدر حديثا (1430هـ - 2009م) عن المركز الحسيني للدراسات بلندن في 513 صفحة من القطع الوزيري يتابع القوافي من الراء حتى اللام، في باب الأدب المنظوم القريض من أبواب دائرة المعارف الحسينية الستين والتي صدر منها حتى يومنا هذا نحو 60 مجلدا.

الصبر شعار ووقاء

لا يعرف المرء في رخائه قدر ما يعرف في شدته، فالشدة تكشف معادن الناس، فالكريم يعرف في الأيام العجاف، وصاحب الثأر يعرف بعفوه عند المقدرة، والصابر يعرف بصبره عند الملمات وتداعي الخطوب، وكلما كان الخطب عظيما كان الصبر أعظم لاستيعاب الضربات وتفادي الإنهيار.
ومفردة الصبر والتصابر من أبرز معالم النهضة الحسينية وما حلّ على سبط النبي محمد (ص) الإمام الحسين بن علي (ع) في عاشوراء محرم عام 61هـ وهو يرى أولاده وإخوانه وأصحابه يتساقطون على رمضاء كربلاء شهداء بحد سيف أمة جده، والعطش قد فت أكباد أطفاله ونسائه وعيال الأصحاب وماء الفرات على بعد مئات الأمتار منه، وهو ذاهب إلى حتفه شهيدا عند مليك مقتدر، تاركا العيال نهبا لغدر الزمان وعبث اللئام.

فما أشد عظم الصبر وإيلامه في مثل هذه الساعات الحرجة، ولكن أهل البيت (ع) دينهم وديدنهم الصبر على الأذى وتعليم الأمة مواجهة الأزمات بالصبر فلا يعدم الصبور الظفر إن هو ركب أعجاز المكاره وإن طال السرى، من هنا كان الإمام الحسين (ع) وهو ينعى نفسه: (صبراً على قضائك يا رب لا إله سواك يا غياث المستغيثين مالي رب سواك ولا معبود غيرك صبرا على حكمك يا غياث من لا غياث له يا دائما لا نفاذ له، يا محيي الموتى، يا قائما على كل نفس بما كسبت احكم بيني وبينهم وانت خير الحاكمين) مقتل الحسين للمقرم: 283، في الوقت نفسه يشدد على أهل بيته بالصبر، قائلا لشقيقته السيدة زينب بنت علي (ع) كما جاء في إعلام الورى بأعلام الهدى: 457 للطبري: (يا أخيّه إني أقسمت فأبرّي قسمي، لا تشقّي عليَّ جيبا – مقدمة الثوب عند الصدر- ولا تخمشي عليّ وجها، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت).

هذه الوصايا الخالدة في الصبر والتصابر أخذها الشعراء ونضدوا نثرها نظما، فالشاعر العراقي الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة المقرىء الكاظمي المتوفى حدود عام 1120هـ ينشد بلسان الحال من قصيدة من 57 بيتا من بحر الطويل، وعنوانها "فنحن بنو الهادي":

وأوصى ووصّى في يتاماه زينباً
وقال لها قد آن أن يُصرمَ العُمْرُ
فلا تخمشي وجهاً عليَّ وحاذري
تشُقِّي الجيبَ إن نابَني الدَّهرُ
وفي الصبر فاعتّدِّي إذا زَمني اعتدى
عليَّ وفي وقت البلا يُحمدُ الصَّبْرُ

أو قول الشاعر العراقي أحمد بن حسن الخياط النحوي المتوفى عام 1183 في قصيدة من 87 بيتا من بحر الكامل وعنوانها "مصاب آل المصطفى"، وهو يشبه الصبر باللباس الذي يغطي الجسد ويقيه:

لا تخمشوا الوجهَ الجميلَ وتلطموا
الخدَّ الأسيلَ إذا تناءت داري
وعليكم يا خيرَ مَن وطأ الثرى
بالصبر إنَّ الصبرَ خيرُ شعارِ

على أن الصبر خير سائس للإنسان وهكذا كانت زينب (ع) التي تحملت المصائب وجعلت في قلب الأعداء حسرة من صبرها وتجلدها، حيث يعود الشاعر عبد الرضا بن أحمد المقرئ ليصف هذا الصبر عند مجئ زينب (ع) والنساء بعد أن حزّ الأعداء رأس الحسين (ع) من القفا في قصيدة من 47 بيتا من بحر الطويل، بعنوان "له دمه غسل":

فجئنَ إليه الفاطميات جُزَّعاً
على أنها والصبرُ فيهنَّ سائسُ
تُنادي أبي هذي وتلك أخي وذي
كفيلي ومن للأهل والجار حارسُ

ولقد ضرب الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه في المعركة وقبلها وبعدها دروسا في الصبر، كما يقول الشاعر البحريني الشيخ حسن بن محمد بن علي الدمستاني المتوفى سنة 1181هـ من قصيدة في 52 بيتا من بحر البسيط بعنوان "أولياء الله":

ركب برغم العُلى فوق الثرى نزلوا
وقد أُعدَّ لهم في الجنة النُّزلُ
تُنسي المواقف أهليها مواقفُهُم
بصبرهم في البرايا يُضرب المثلُ

وهذا الصبر الحسيني ينقل بعض خيوطه، الطبري في تاريخه: 6/259، عن عبد الله بن عمار بن يغوث البارقي الذي حضر واقعة كربلاء من طرف الجيش الأموي وشهد مقتل الإمام الحسين (ع) وهو يصف اللحظات الأخيرة من شهادته (ع): (فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جاشا ولا أمضى جنانا منه ولا اجرأ مقدما، ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا شد فيها ولم يثبت له أحد).

وللموصل رثاؤها

إن بعدت الموصل عن كربلاء أرضا، فلم تبعد عنها قلبا، فكربلاء في قلب الموصل، فإن كان الموصل إسم آخر هو نينوى، فنينوى هي الأخرى اسم لكربلاء، لكن نينوى الأولى ظلت ملازمة للموصل والثانية احتفظ بها سجل تاريخ كربلاء، غير أن قلب نينوى ينبض قوافي على شهيد كربلاء، فما من شاعر موصلي استقام على عوده وتداعت إليه كربلاء إلا وكانت واقعة الطف ويوم عاشوراء هاجسه يتمثلها في قوافيه.

والأمثلة كثيرة، فمنهم أبو فراس الحارث بن سعيد الحمداني (320-357هـ)، ومنهم الشاعر عبد الباقي بن سليمان العمري (1204-1278هـ)، وفي هذا الديوان قصيدة عصماء من 43 بيتا من بحر الكامل في رثاء الإمام الحسين (ع)، للشاعر عثمان الخطيب بن يوسف الخلوتي القادري الموصلي المتوفى عام 1147هـ، بعنوان "حزناً على البدر"، ومطلعها:

قد فرَّ منّي الصبرُ بل كرَّ البلا
حُزناً على البدر الشهيد بكربلا

ثم يستمر فيها:

وَجْدي يزيدُ وحُرقتي لا تنطفي
لولا النحيبُ قضيت نحبي أولا
لا أستطيع الصبر عن أهل العبا
والقلب عنهم قط يوماً ما سلا
أيطيب عيشٌ بعد فقد حُسينهم
كلا ولا طاب الزمانُ ولا حلا

والخطيب الموصلي هو متصوف، له موشحات كثيرة في مدح النبي وآله، أو ما يعرف في الأدب الولائي (التنزيلة) أو (المنقبة)، ولهذا يغلب التصوف وطلب الشفاعة على شعره، وفي قصيدته اللامية، يتوسل بأئمة أهل البيت قائلا:

أنتم أصول الكون يا أهل العبا
فمديحكم شمل الورى وملا الملا

ثم يستنجد قائلا:

وألوذ بالأحباب عند مَنيّتي
ولدى الحساب وكلِّ أمرٍ أشكلا
وبَتولهم هي للصراط ذخيرتي
وبعزمها أرجو الجوازَ مُهرولا
والله يأبى مِنَّةً وتَكَرُّماً
لمحبِّ آل المصطفى أن يُخجلا

وأخيرا يطالب بنظرة حنونة من أهل بيت النبوة:

جودوا لعثمانَ الخطيبِ بنظرةٍ
تدعُ العسيرَ من الأمورِ مُسَهَّلا

ومن أدباء الموصل الذين زينوا قوافيهم بمشاعل الولاء لأهل البيت (ع) رغم بعد المسافة المذهبية، الشاعر حسن بن عبد الباقي العمري الموصلي المتوفى عام 1157 هـ، حيث يقول في قصيدة في مدح الإمام علي (ع) أنشأها عندما زار مرقده الشريف عام 1143هـ، بعنوان "بدريْ محمد" من بحر الطويل ومطلعها:

نعم بلغت يا صاحِ نفسي سُؤالها
وليس عليها كالنفوس ولا لها

ثم ينشد في مدح الآل:

ألا أيها الممتاز من آل هاشمٍ
ومَن كان فيهم عِزَّها واكتمالها
ألا يا أبا السبطين يا خير من رقى
لمنزلة حاشا الورى أنْ ينالها

إلى أن يقول مقفلا ما بدأ به:

أبا الحسنين المرتضى وحسينه
وفاطمة هبني لمدحي عِيالها
فَمن مطلعي حتى الختام بمدحهم
نعم بلغتْ يا صاحِ نفسي سُؤالها

صلاة وسلام
يلاحظ في شعر المنقبة أو التنزيلة أو المديح أو رثاء أهل البيت (ع) في مصابهم، حرص الشعراء في السلام أو الصلاة على النبي محمد (ص) وآله أو الجمع بينهما، كدلالة من الشاعر على تقديم الولاء للنبي وآله ابتداءاً وانتهاءاً.

والمتابع لأربع وتسعين قصيدة ومقطوعة وبيت لواحد وأربعين شاعرا، أوردهم الأديب الكرباسي في الجزء الثاني من ديوان القرن الثاني عشر الهجري، أن معظمها انتهت بالصلاة على النبي وآله وكأنها استجابة من الشاعر لنداء السماء والإمتثال للقرآن الكريم: (إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) سورة الأحزاب: 56، ومن ذلك قول الشاعر اللبناني الشيخ محمد مهدي بن محمد صالح الفتوني العاملي المتوفى سنة 1183هـ في قصيدة من 33 بيتا من بحر البسيط، بعنوان "هوى ركن الدين" ومطلعها:

تُخفي الأسى وهُمولُ الدَّمْعِ يُظْهِرُهُ
والسُّقْمُ يُثبِتُ ما قَدْ صِرْتَ تُنْكِرُهُ

ثم يختم مصلياً على الآل:

صلّى عليكمْ إلهُ العرشِ ما سَجَعَتْ
وُرْقٌ وما لاحَ فوْقَ الأُفقِ نَيَّرُهُ

ومن ذلك قصيدة الشاعر البحريني أحمد بن عبد الصمد الأرض زنجي المتوفى عام 1182هـ من بحر الطويل بعنوان "منازلهم قفر"، ومطلعها:

منازلهم بالخيف من بعدهم قفرُ
نأى ساكنوها، ثُمَّ غيَّرها الدَّهْرُ

ثم يختم بالسلام على الإمام الحسين (ع):

عليكَ سلامُ الله ما انهلَّ وابلٌ
وما بزغت شمسٌ وما أشرق البدرُ

ومن ذلك قصيدة الشاعر المصري عبد الله بن محمد الشبراوي الشافعي المتوفى سنة 1172هـ، من بحر الكامل بعنوان "يا بن الرسول" جاء فيها:

يا بْنَ الرسول بأمِّك الزهرا البتو
لِ وجدِّك المأمولِ عند الناس

ثم يختم:

صلى عليه الله ربُّ العرشِ ما
ضُربت له الأخماس في الأسداس

أو قول الشاعر الحسن بن عبد الباقي العمري الموصلي من قصيدة في 35 بيتا من بحر الخفيف، في رثاء الإمام الحسين (ع)، بعنوان "سناء الحسين" ومطلعها:

قد فرشنا لوطئ تلك النياق
ساهراتٍ كليلةَ الآماقِ

ثم يختم بقوله:

وعلى جدِّك الحبيبِ صلاةٌ
ما شدا طائرٌ على الأوراقِ

أو قول الشاعر عبد الرضا بن أحمد المقرئ في قصيدة من 35 بيتا من بحر الكامل يجمع بين الصلاة والسلام، وهي بعنوان "أيحل قتل موحد" ومطلعها:

لم يُشجني بعدَ النضارة أربُعُ
درستْ معالمها الرياحُ الأربَعُ

ثم يختم بالصلاة والسلام معاً:

وعليكمُ صلّى وسلّمَ ربُّنا
ما الشمسُ يوماً في صباحٍ تطلُعُ

تنوع وتفرد

تتسم القصائد الواردة في هذا الديوان بطابع الرثاء، ولكن عند التنقل على سلم قوافيها من بيت لآخر أو من قصيدة لأخرى، تتبدى للقارئ أغراض عدة وموضوعات متنوعة، فشاعر يتوسل بالنبي محمد (ص) وأهل بيته الكرام (ع) ، وشاعر يطلب شفاعتهم في المحشر، وآخر يتمنى شربة من ماء الكوثر، وآخر يستنجد بالمهدي الموعود لأنقاذ الأمة من ضياعها، وآخر ينظم البيت والأبيات لينال بيتا في الجنة حيث لا ينفع هناك مال ولا بنون، كما كان للحكمة حضورها، وللتضمين حضوره البارز فمرة يضمن الشاعر آية قرآنية وتارة حديثا وثالثة حكمة ورابعة شعرا.

وكان للفهارس تمثلها البارز في هذا الديوان وفي غيرها من أجزاء دائرة المعارف الحسينية، فهي من العلامات الفارقة في الدائرة، التفت إليها الخوري بولس عقل عند قراءته لهذا الجزء من الديوان، على أن القراءات التي يجريها الأعلام من جنسيات وأديان ولغات مختلفة لأجزاء الموسوعة والمتضمنة في نهاية كل جزء، هي الأخرى من مميزات الموسوعة الحسينية، يقول أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الموليزة بايطاليا في قراءة كتبها باللغة العربية من روما حيث مقر إقامته: (ويمتاز المؤلف أيضا بأنه يعتمد في أجزاء الموسوعة كافة ترتيبا فهرسيا شاملا غير مسبوق يسهّل مراجعة الموضوع بفائدة كبرى، ما يجعل دائرة المعارف الحسينية تنفرد بهذا التميّز الذي قلما نشهده في سائر دوائر المعارف المعاصرة).

كما يلتفت الخوري بولس عقل رئيس المجلس الاستشاري العلمي في جامعة الحضارة الإسلامية ببيروت إلى مسألة السيرة الذاتية المختصرة لكل شاعر، إذ: (يعطي المؤلف في الحواشي، عن جميع الشعراء الوارد ذكرهم في الموسوعة نبذة شخصية أو لمحة عن كل منهم، ما يستدعي انتباه القارئ اللبيب والباحث المدقق، وما يسدّ فراغاً يطالعنا في معظم المعاجم ودوائر المعارف).

ويشتهر الإمام الحسين (ع) كما يرى الرئيس السابق لجامعة الحكمة اللبنانية: (بأنه أبرز الشهداء قاطبة في الإسلام: لأنه اتصف بأرفع المزايا الحميدة التي تؤهل المختارين المدعوين إلى حمل الرسالة الشريفة عن طريق التضحية بالذات في سبيل الغاية الفضلى التي انتدب لإتمامها بكل صدق وجرأة وتفان وإخلاص، بحيث تهون أمامه وتُذلّ كل الصعاب التي يجبهها بكل ما أوتي من قوة وعزم لأنه يرى في الجهاد والشهادة سبيلا للخلاص والنجاة والظفر والتغلّب على كل المصائب والأهوال)، ومن رأي الأب بولس عقل أن الكتاب بمنهجيته الحديثة هو: "سفر غير مسبوق" يرجو في أن: (يسهم في إغناء المكتبة العربية بالتعريف بشخص الإمام الحسين بن علي (ع) رائداً في التضحية والشهادة ونكران الذات)، ولذلك: (ندعو عشاق لغة الضاد وأصحاب المكتبات في العالم إلى إقتناء هذا السفر النفيس والإفادة من مضمونه اللافت والمميّز).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى