الأربعاء ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم لطفي خلف

جولات ميتشل المتكررة!

ما ان ينتهي ميتشل من جولة له في الشرق الأوسط حتى يبدأ شوطا جديدا من المباحثات، محاولا كسر الجمود السياسي للعملية التفاوضية من أجل إنعاش وترميم ما يمكن ترميمه من هيكل صرح المفاوضات الذي قارب على الانهيار تماما بفعل بلدوزرات الصلف والعناد الإسرائيلي المتواصل، وعدم تقديم شيء من الاستحقاقات المطلوبة من إسرائيل منذ اتفاق أوسلو المشؤوم.

راسمو السياسة الإسرائيلية في الوقت الحالي لا يريدون النزول حتى ولو عن غصن واحد من شجرة الاستعلاء والاستكبار والعنجهية، لا بل يريدون من الجانب الفلسطيني الضحية وصاحب الحق والأرض المسلوبة والقضية أن يتنازل عن كافة حقوقه التي أقرتها الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتلاحقة منذ أول عام للنكبة الفلسطينية ويهبط عن شجرته الصغيرة التي حجّمها الانحياز الغربي والأمريكي للجانب الإسرائيلي وساهم في تقليم كلّ ما طال من أغصان لها لتضيق مساحة هامش المطالب الفلسطينية ولتصغر في نهاية المطاف وتتمحور حول الحقوق الإنسانية في الغذاء والصحة والتعليم لتكون هي الغاية القصوى وما ينقص الشعب

الفلسطيني وكأنه بتحقيقها قد أنجز الشيء الكبير من الثوابت الأساسية وحقق ما لا يمكن تحقيقه في الأحلام، وكأننا بهذا نقر ونعترف -كسلطة مفاوضة – بوجود المحتل واستمرار الاستيطان وتقطيع أواصر مدن الضفة الغربية واستمرار الحواجز، وأصبح همنا الوحيد هو الغذاء والدواء مع البقاء تحت نير الظلم والاستعباد والهوان الناجم عن الاحتلال وغطرسته وجبروته و كيانه المصطنع، ليظل جاثما على صدور أبناء هذا الشعب الأبي الذي كاد ينجح، لا بل نجح إلى حد ما على إجبار إسرائيل قبل أوسلو على الرضوخ لشروط المنتفض الفلسطيني الأعزل إلا من إرادته وحجره ونقيفته ومقلاعه، والبحث عن وسائل وأساليب جديدة والوقوف على مفترقات عديدة ومريرة في آن واحد للتخلص من غضب الشعب الفلسطيني وانتفاضته العظيمة التي بدأت ترسم لنفسها وبإرادتها الذاتية معالم جديدة وآفاق فجر جديد على أرض الواقع في الشرق الأوسط.

أما المفاوض الفلسطيني هذه الأيام فهو يصمد على استحياء للإبقاء على ورقة التوت الأخيرة التي تغطي آخر ما تبقى من عورة له، لأنه بسقوطها سيسقط هو كمفاوض وتتبعه السلطة الوطنية إلى غير رجعة، لأنه بذلك يكون قد تنازل عن الثوابت والتي تعتبرها أقرب الفصائل للسلطة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه، لأنه سيسقط بالتالي في عيون الشارع العربي وأحرار العالم.

الجسم التفاوضي الفلسطيني يبدو هذه الأيام وكأنه مصاب بضمور في عضلاته

ووظائفها التقليدية فهي متشنجة تماما وغير قادرة على إنجاز شيء يذكر ليقدمه للرباعية أو لأمريكا والأمم المتحدة وكأنه يعيش في غيبوبة تامة.

أين المطالب الفلسطينية التي كانت تعرض سابقا وترتكز على أرضية صلبة ومتينة ترفع من رصيد معنويات الإنسان العربي والفلسطيني حتى يلتقط أنفاسه بعد أمواج الظلم العالمية العاتية التي تعلو وسط بحر العملية السلمية؟ هل أضحى العالم بسكوت معظم دوله وحكوماته على ما يجري في فلسطين من قمع وظلم وتنكيل على مدى عقود طويلة منحازا إلى صوت الجلاد؟ أم أنه الهزيع الأخير والصمت الذي يسبق الزلزال والحرب والعاصفة؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى