الاثنين ٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم وائل وجدي

حالك

نفضت هواجسك ، الملونة .. ارتقيت سلم عيادة ، طبيب العائلة ، الذي مازالت ملامحه : غائرة في سراديب ذاكرتك : بسمته المهندم ؛ لعله لم تغيره ، السنين المنصرمة..

أخرجت من حافظة نقودك : ورقة المائة جنيه . ناولتها إلى الممـرض
 مستعجل .. من فضلك .

رفع رأسه ، ونتر قلمه الجاف ، على المكتب .. حدجك ، بعينيه الناريتي اللحـظ :

 كما ترى .. العيادة ممتلئة .. كل المرضى مستعجلون..

هززت رأسك ، بحركة آلية ..وألقيت بنفسك ، فوق أقرب كرسي .. يداك يغسلهما العرق ؛ في لحظات الانتظار ، والقلق .. لاتحب رائحة العيادات والمستشفيات .. الدوار ، يلف برأسك، والطنين بأذنيك ، يزداد ..
حالتك ، أصبحت تصطك لها خلاياك .. حاولت أن تضعها في بؤرة اللاشعور ، لكنها أبت ...
حدقت إلى عقارب ساعتك - العتيقة - وهي تتحرك ببطيء شديد.. لم يمر سوى ساعتين ..
نظرات السخرية ، تطل من عيون الجيران ، الأصدقاء...
سؤال طفا في عقلك - فجأة - هل ما صرت إليه .. حقيقة ، أم كابوس كالح ؟!

جاءك ، صوت الممرض، الأجش :

 تفضل يا أستاذ ..

نقرت على باب حجرة الطبيب ، ودخلت تحييه . أومأت برأسك- المتعب - قعدت على كرسي، لصق المكتب .. تطالعك رأسه ، التي غزاها الشيب . ونظارته ، بعدساتها السميكة . لم يفقد ملامح الهدوء والطيبة ..

بادرك ، بأسنانه الناصعة البياض :

- منذ سنوات طويلة ، لم أرك .. ماهى شكواك ..؟

اغرورقت عيناك بالدموع :

- منذ أسبوع ، أشعر أن أنفى يزداد طولاً ..

بنظرات ، مرتابة:

- ماذا ؟!

 ما أقوله ، ليس تخريفًا ..كل يوم أنظر في المرآة : لاحظت التغيير؛ المطرد في أنفى ..

قام الطبيب من وراء مكتبه . اقترب ، وربت كتفك :

 قم معي إلى سرير الكشف..

قلت ، وعصب وجنتك اليسرى ؛ يختلج :

 أرجوك .. اكتب لي علاجًا .. لم أعد أطيق حالتي ..

 بصراحة ، وبعد الكشف عليك .. أنت سليم .."

 صدقني يا دكتور .. أنفي ؛ يزداد طولاً..

سرح الطبيب، بنظراته إلى لوحة ، معلقة على الحائط : شمس المغيب ، وجدائلها القانية ، تقاوم السقوط في بحر متلاطم ...
وعيناك تتابعانه بسأم ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى