السبت ٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم محمد إبراهيم العريني

حلم بلال

عشر سنوات كئيبات مرت على ذلك اليوم الحزين، يوم أن بكت الشمس وولول القمر عندما استقرت رصاصات الغدر في جسم الطفولة البريء، يوم أن سالت دماء الطهر لتروي ثري الأرض المكلومة، كان حقا يوما حزينا عندما قتل (محمد الدرة) طفل العرب الشهيد برصاص أبناء القردة والخنازير، وها هو اليوم يتكرر، وهاهي الأحزان تزداد، فاليوم قتل (بلال) طفلا آخر من أطفال العرب، ومن العجيب أن عمره أيضا عشرة أعوام، نفس السن التي قتل فيها الدرة، ولكن الألم الذي ألم بي بعد قتله يضاعف الألم القديم، ولم لا والرصاصة التي أردته ليست يهودية، وإنما عربية؟!!

خرج (بلال) الصابر- طوال سنوات عمره الصغير- على الظلم، خرج ليقول لا للاستعباد، لا لقتل الكلمات في جوف الأحرار، لا لتضييع الأرض وإفساد بلاد الأخيار، لم يكن يتوقع أن الفرق بين من يقول لهم لا وبين قتلة الدرة لا يعدو الاختلاف في الأسماء، فذلك الذي يقبع في قصرتل أبيب لا يختلف كثيرا عمن يسكن قصر العروبة.

كان بلال يحلم ككل أطفال العروبة بيوم ينتقم فيه ممن قتل الدرة، كان يقضي وقته يتغنى بأمجاد قومه وماضي حضارته العريقة، لم يكن يفكر فقط في مصر الأبية، بل كان فكره اكبر وأعظم، كان يري وطنه يمتد إلى ربوع الهند وجبال أفغانستان وجليد الشيشان وجمال تركيا وعذوبة الفرات وصفاء الخليج وخضرة تونس وسمار السودان وأصالة المغرب وعروبة موريتانيا، يرى وطنه يمتد على كل شبر يُذكر فيه اسم الله مقترنا بالصلاة علي خير الأنام، كان يحلم بيوم تتحد فيه الأوطان وتعلو كلمة الحق علي صخب الباطل، كان يحلم بعودة حضارة أضاءت الدنيا زمانا فلم لا تعود الآن لتبدد ظلمات حضارة القتل والتخريب؟!

خرج ( بلال ) ثائرا على من خان الأوطان، على من قيد كلمة الحق و دمر أحلام الفتيان، لم يخطر بباله أن تجرؤ أيدي المكر على قتل البراءة، لم يكن يعلم أن حب الكراسي والسلطان قد أحال القوم إلى وحوش تفتك بأبنائها وتقتل براءة الصغار، سقط صريعا وعيناه ترقبان السماء، وعلي ثغره ارتسمت ابتسامة النصر.

واليوم أظن أن دماء بلال قد أشعلت النيران في كرسي من قتله، وأرى سقوط واحد ممن تآمروا على أرضهم وعملوا لصالح الشيطان، فكما لم يمت الدرة هباء، لم يمت بلال عبثا، ولعل دمائه الطاهرة ألهمت كثيرا من بني وطنه الكبير الممتد ضرورة العمل على تحقيق حلمه في التخلص ممن كبلوا الأوطان، استعداد للانتقام ممن قتل الدرة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى