الخميس ٢٧ تموز (يوليو) ٢٠١٧
بقلم أميرة فهد الخضيري

ذات عيد

الساعة السابعة مساءً، سابع أيام عيد الفطر، حيث اضطرت صديقتي أن تذهب لتشارك والدتها إحدى تجمعات العيد، تاركة لي دعوة جميلة تحميني أثناء وحدتي. 
اشعر بوهن شديد وتعب، لا أعلم ما بي؛ قررت أن أخلد إلى النوم مبكراً. 

أحلامٌ راودتني في نومي، وصور تظهر وتختفي، وكأن شريطًا من الصور الفوتوغرافية يعرض بشكل سريع، فإذا بأمي توصيني ثم أبي يظهر وإخوتي يتهامسون، وأراك أنت تبتسم وترحل. 

فزعت من نومي، وكأنني رأيت كابوساً أيقظني، جسمي متعرق حرارتي جداً مرتفعة، يبدو أنني محمومة بعض الشيء. 

التفت إلى الساعة، فإذا هي الثانية صباحاً، ذهبت لأشرب الماء وأتناول بعض الأقراص المسكنة وكأن عظامي قد ضربت بمطرقة، ألم بجسمي شديد. 

عدت إلى غرفتي، فتحت نوافذها المطلة على الشارع داخل حارتنا الصغيرة، علِّي أبرد بعض الشيء. 

أطفأت الضوء واستلقيت على فراشي وعانقت مخدتي، حاولت أن أرتاح، محتاجة للراحة فألمي في ازدياد. 

دخل ضوء حارتنا إلى غرفتي بلا استئذان وكأنه قرر أن يصاحبني ويسهر معي قليلاً!! 
يا لله حتى صافرات الليل لا تهدأ فأصواتها بازدياد جذبني صوتها لأن أنظر قليلاً عبر النافذة، فإذا بمنزل مضاء بجميع الألوان يا لجمال العيد!!!
لم أستطع أن أستمر واقفة ارتميت على سريري من التعب أشعر بوهن شديد وكأن عظامي وعضلاتي ترفض أن تساندني هي الأخرى. 

وإذ بحاسة سمعي تزداد قوة وتحاول ان تراقب ما يحصل خارجاً، ما عجزت عنه عيناي قامت به أذناي وكأنهما تحاولان مواساتي على وضعي الحالي. 

وإذ بموسيقى تضج من أحد المنازل، استغربت حقاً! فليس بالأمر المعتاد أن تضج حارتنا هكذا في مثل هذا الوقت، أظن بأن أحدهم يحتفل بخطبةٍ ما، أو مناسبة خاصة. 
يا لله ازداد علي الالم، جسمي يرتعش وكأني قد رأيت ما يثير الهلع. 

حاولت أن أهدئ نفسي وأسترخي، على هذه الأقراص تسكن بعضاً من وجعي، واجد القليل من الشفاء. 

عادت أذني تسمعني الضجيج، أناس يتهافتون ويتوادعون على ما أظن بدأت حفلاتهم بالانتهاء. 

سيارات تذهب وتجيء، هنا روح العيد تتراقص يا لحارتي الصغيرة كم تنبض بالحياة!

لا أعلم ما حدث لي، بدأت أنهار لا أعلم يقظة كنت أم نائمة، أم هي هلوسات الحمى. 

سمعت صوت رجل ينادي، الوقت متأخر والنَّاس ما زالوا مستيقظين أم أنه العيد!!!

عاد الصوت وإذ برجل ينادي بصوت واضح، للحظة شعرت بأنه يصدر من غرفتي لا من الخارج: 
يا ولدي سوف أرحل وسوف تبقى عند جدتك، انتبه لنفسك وعليك بالمعرفة، عليك بالمعرفة؛ فهي ما جعلني ما أنا عليه الآن.

لا أعرف من يكون ومن أي بيت، وعن أي معرفة يتحدث . 
أصوات تسللت لذاكرتي فقط، حلمٌ أم يقظة لا أعلم. 
خفتت الأضواء، ورحلت كل الأصوات، وعمّ الهدوء.

رغبت وقتها ان أحادثك، أستمع لصوتك علِّي أهدأ قليلاً، وأنسى الألم، لكن الالم أقوى أخذني مني الي بعيداً عن الكل، بأنانية مفرطة ،وقوة متجبرة طاغية، لم أقدر على هزيمتها وإذ بي أغرق في سبات عميق، علي استفيق وأنتصر على الألم الذي تمكن مني.

الساعة الثلاثة و النصف، أيقظتني تلك الرائحة المميزة التي لا طالما احببتها، الأركيدة بجانبي على السرير. استيقظت، وكأني نمت دهراً. استيقظت فرحة جيداً وكأن عافيتي عادت لي، رحل التعب
وبدأت اشعر بالطاقة والقوة تعود الي وكأني لم اكن في صراع مع المرض.

علمت انه انت، تمنيت ان احادثك فإذا بك تأتي وتجلب شفائي بين يديك.

أميرة الخضيري


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى