الاثنين ١٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
علياء فاضل الكاظمي ..
بقلم حسن خاطر

روائية كويتية ترفرف وتغرد في سماء الإبداع

جولة مع مجموعتها الروائية الجديدة "جمان"

صدرت مؤخرا المجموعة القصصية الثانية للكاتبة الكويتية علياء فاضل الكاظمي المعنونة بـ "جمان" ، وفي حقيقة الأمر كان يجب أن تسميها الكاتبة "مجموعة روائية" وليس "مجموعة قصصية" حيث أن هذه المجموعة عبارة عن ستة روايات كاملة كتبتها الكاتبة علياء الكاظمي بأسلوب رائع ومشوق وتعد جميعها من الرقي لدرجة أنها تجذبك لقراءتها جميعا من الغلاف إلى الغلاف دفعة واحدة فكل فصل من فصول أي من الروايات الستة ما أن تنتهي منه حتى يجذبك قراءة الفصل التالي له وتسرع إلى الفصل التالي ثم إلى الفصل الذي يليه وهكذا حتى تجد نفسك وقد انسدل ظلام الليل وراح وأشرقت شمس الصباح عليك وأنت تسبح في قراءة مجموعتها الروائية كاملة دون أن تدري ..

تقول الكاتبة في مقدمة روايتها "جمان" : "بعد النجاح الجميل الذي حققته روايتي الأولى "ويبقى الأمل ينبض في القلوب" وجدت نفسي وأنا أكتب عملي التالي أكثر خوفا وأكثر حرصا ليأتي هذا العمل مميزا بحيث أحقق به نجاحا جديدا يضاف إلى رصيدي الأدبي" .

وتستطرد قائلة : " بداية كانت فكرتي أن أقوم بإصدار كتاب يحتوي رواية واحدة طويلة وفعلا كتبت رواية "حنين وأشواق" لكن وجدت نفسي في يوم آخر أبدأ بكتابة رواية "الضرير" وهي رواية تم نشرها في مجلة اليقظة على شكل حلقات وحققت نجاحا كبيرا . ثم جاءني طلب خاص من مركز إشراق للفتيات يطلبون مني كتابة رواية خاصة تتحدث عن عمر المراهقة ، حيث سيتم تنفيذها كعمل سينمائي في القريب العاجل .. فكتبت قصة "غالية" ، عندها تغيرت فكرتي – والكلام لا يزال للكاتبة علياء الكاظمي – بخصوص كتابي الثاني فرأيت أن اصدر كتابا يحتوي هذه المجموعة القصصية بعد أن أضفت لها قصة "عندما تعود الأفراح" وهي الرواية الأقرب إلى نفسي لأنني شعرت وأنا اكتبها باندماج رهيب وعشت فيها بعمق وتركيز مما أعطاها رونقا خاصا وإحساسا صادقا كما لو أنني عشت مع أبطالها واختبرت معاناتهم ، وأخيرا أصل إلى رواية "جمان" وهي الرواية التي سمي الكتاب باسمها ، وهي الرواية التي تعكس نفسية المرأة الخليجية وما يفرضه الزواج عليها من قيود .. لقد بذلت مجهودا كبيرا في سبيل إصدار هذا العمل ، والذي ينال إعجاب القراء الأحباء وإستحسانهم .."

أود بداية أن أسجل إعجابي بالكاتبة علياء الكاظمي لأنها كاتبة لا تجري وراء الإثراء السريع حيث أنه كان بإمكانها أن تصدر هذه المجموعة في خمسة روايات منفصلة مع قليلا من المط في أحداث كل منها و بذلك كان يمكن لها أن تضع سعرا مختلفا على كل منها وكانت بالتالي يمكن أن تربح من وراء ذلك ربحا كبيرا ولكنها فضلت أن تضعها جميعها في كتاب واحد جاء في 526 صفحة كي يعرف القراء من هي علياء الكاظمي من عملها الثاني ، وإن كنت أود أسجل رأيا خاصا في المقدمة التي كتبتها الكاتبة في صدر كتابها الروائي الثاني "جمان" حيث أنها ذكرت أن رواية : "عندما تعود الأفراح" وهي الرواية الأقرب إلى نفسها لأنها شعرت وهي تكتبها باندماج رهيب مما أعطاها رونقا خاصا وإحساسا صادقا كما لو أنها – على حد قولها – عاشت مع أبطالها واختبرت معاناتهم وأنا أرى أن الروايات الخمسة جاءت روايات مميزة وصادقة ولم تخرج لنا بهذا النجاح إلا إذا كانت قد كتبت بقلم صادق وحس مرهف بدت وكأن من كتبتها ما هي سوى بطلة من بطلات الروايات الخمسة كل على حدة .
بدأت الكاتبة برواية "حنين وأشواق" وقد أهدتها إلى "صديقة عمري ورفيقة دربي إلى حبيبتي وحلمي .. أختي بثينة" ويبدو أن رباط الأخوة هو الدافع وراء كتابة علياء الكاظمي لهذه الرواية .. جاءت الرواية في 149 صفحة كتبتها الكاتبة بأسلوب مشوق ورائع يجذب القارئ ويضعه في مأزق أنه لا بد وأن يدبر الوقت لقراءة الرواية من بدايتها إلى نهايتها حيث يشدك الأسلوب الجميل الذي كتبت به الكاتبة روايتها وحواراتها الجميلة وسردها المنطقي لأحداث الرواية يجعل القارئ لا يمل ولا يصاب بضيق أثناء قراءته للرواية .. وفي نهاية الرواية تضع الكاتبة ملخصا جميلا وبديعا لأحوال أبطال الرواية بعد أن رست أحوال كل منهم وهدأت العواصف والصراعات بين الخير والشر لكي ينتصر الخير في النهاية حيث وجدناها تكتب تقول عن بطلات وأبطال الرواية :

حنين : عاشت حنين حياتها بسعادة وأنجبت ولدا آخر وحافظ كريم على وعده لها وبقة مصدرا للأمان في حياتها ، وبقى مخلصا لها طول العمر .
أشواق : أنجبت أشواق بنتا وولدا .. وكانت أما رائعة عظيمة .. وقد أحسنت إدارة حياتها وهي سعيدة وقلبها ملئ بحب عبدالرحمن زوجها ووالد أبنائها ، إنه جعل لحياتها معنى ولكيانها وجودا .

الأب : عاش الأب هانئا مع وداد إنه راض وسعيد فهي تفهمه وقد عوضته سنوات الوحدة التي عاشها .
الأم : تحسنت علاقتها بإبنتيها كثيرا ولم تعد تستطيع الإبتعاد عنهما رغم تذمر زوجها وإعتراضاته التي لا تنتهي .. لكنهما ستظلان إبنتيها سواء تقبل ذلك أم لا .. ولن تفرط في حقها أن تظل في حياتهما إلى الأبد .
نوال : تفوقت نوال في دراستها ودخلت كلية الحقوق وأصبحت أشواق صديقتها المفضلة .. إنها لا تخفي عنها شيئا وهي أقرب الناس إليها وكاتمة أسرارها .

شهد " تزوجت شهد برجل كبير في السن لكنه فاحش الثراء وبعد خمس سنوات توفى زوجها بعد أن سجل لها جميع ممتلكاته .. ورغم المشاكل التي أثارها أولاد زوجها المتوفى إلا أنها سعيدة ، فالمال بنظرها مصدر للسعادة وهي الآن تملكه كما أرادت ذلك دائما .
باسل : بقى باسل مع إيمان وقد احتاج وقتا طويلا ليبعد شبح أشواق عن حياته وأصبح حريصا جدا على تجنب زميلاته في العمل ولا أحاديث جانبية مع الزميلات .. لا للزمالة ولا للصداقة مع الجنس الآخر .

وملخص النهاية التي سردته الكاتبة على هذه الصورة يعد طريقة جميلة ورائعة وجديدة لوضع النهاية كاملة بين يدي القارئ في ابسط طريقة وهذا يحسب للكاتبة ولا يختلف إثنان على هذا .

" عندما تعود الأفراح"

وتأتي الرواية الثانية للكاتبة بعنوان "عندما تعود الأفراح" 91 صفحة استهلتها الكاتبة بمقدمة موجزة قالت فيها : "إن هذه القصة كتبتها بروحي وقلبي .. أحس بها قريبة من نفسي بشكل خاص ، ربما لأنها مليئة بالعواطف والأحاسيس الإنسانية الصادقة ، لكني أظن أني وضعت الكثير مني بين سطورها".
وكيف لا يهرع القارئ لقراءة قصة كتبتها صاحبتها بروحها وقلبها ؟ .. فمن المؤكد أن القارئ بدأ قراءة هذه المجموعة بقراءة هذه القصة أولا ليقف بنفسه على أسلوب كاتبة جندت الروح والقلب من أجلها ..
وكالعادة تأتي الرواية مليئة بالصراع بين الخير والشر لتكون الغلبة في النهاية للخير وهذا ما ترجمته الكاتبة على لسان بطلة الرواية في فصلها الأخير حيث كتبت تقول : "... وبقيت فرح تفكر .. ثم شعرت بطفلها يتحرك في أحشائها فربتت على بطنها وقالت : أنت أملي أنت سعادتي القادمة .. طفلي .. أنا سعيدة لأن عمران لم يخني .. سعيدة لأنني عرفت الحقيقة ، لكنني لست وحدي الآن لأقرر العودة إليه .. أنت معي وسأبقى لأجلك فأنت تحتاجني أكثر"
واستطردت تقول على لسان فرح : "لا تتصور كم أنا سعيدة لقدومه أنه عندما يأتي ستعود الأفراح بلا شك .. نعم ستعود الأفراح من جديد .. وعندما تعود سأكون بانتظارها لأستقبلها بقلب جديد".

"الضرير"

وتأتي الرواية الثالثة بعنوان "الضرير" في حوالي 50 صفحة وكالعادة استهلتها الكاتبة علياء الكاظمي بمقدمة صغيرة قالت فيها :
"في قلب منا مساحة من النور .. نور يختلف عن نور العيون .. أشد وضوحا وأكثر ضياء .. يضيء لنا الطريق ويمدنا بالأمل ويشعرنا بقيمة الحياة إنه نور الحب الذي يعيش في القلوب .. نور اليقين الذي يسكن في النفوس .." .

تناولت الرواية قصة تراجيدية حيث تزوجت نور الطالبة الجامعية من عيسى ذلك الموسيقار الضرير الذي استطاع في النهاية أن ينال حب وإعجاب زوجته ولهذا فقد ترجمت هذا الكاتبة في موقف مؤثر وحوار مشوق وبديع ومتقن دار بين نور وزوجها عيسى في نهاية الرواية حيث صاغته الكاتبة بطريقة تنم على موهبة أدبية ليها حقا فقد كتبت على لسان نور موجهة كلامها لزوجها عيسى : "ببساطة .. لقد اكتشفت أنني لا أستطيع العيش بدونك ، نعم يا عيسى في البداية كنت مجبرة على الزواج بك ، لكنني الآن أخبرك أنني وبكامل إرادتي أريدك زوجا لي ولن أفرط بك مهما حصل ، لقد أحببتك يا عيسى بكل قلبي وجوارحي ، بكل ذرة من أحاسيسي ، بكل مشاعري ، أحبك ولن أتركك أبدا ، لن أتخلى عنك يوما .. أنا لك العمر كله وسأعمل على إسعادك .. أرجو أن تنسى ما فات وأن نبدأ معا حياة جديدة مليئة بالحب والوفاء .. وانهمرت دموع عيسى .. دموع الفرح والحب .. دموع الإخلاص والوفاء ومدت نور يديها والتقطت يد عيسى وضعتها على شعرها الناعم المنسدل تحت طرحتها تماما كما في ليلة زواجهما .. وهمست له : إنني أرتدي ثوبا ابيض ، ثوب زفاف .. ثوب عروس .. وهكذا التقى النور والظلام .. وأضاءت نور حياة عيسى إلى الأبد" .

"قصة غالية"

وفي الرواية الرابعة للكاتبة الرائعة .. تناولت قصة أربع صديقات مراهقات ليكن عبرة لغيرهن في مثل أعمارهن حيث تناولت قصة "غالية" وحيدة والديها التي طالما حظيت بالدلال والإهتمام في منزلها ورغم ثراء والديها إلا أنها تتطلع للزواج من رجل ثري لتعيش في نعيم المال وهذا ما نصحت به زميلتها "فجر" الطالبة الطموحة والتي قالت لها عندما رأت أنها تتطلع لدخول كلية الهندسة بعد أن تنهي دراستها الثانوية : "الأسهل لك أن تسعين للزواج برجل ثري يريحك من هذا العناء والتعب" .. أما تهاني التي تعيش في مستوى إجتماعي متواضع بسبب بخل والدها وذات يوم صاحت قائلة : "يا رب متى ينتهي كابوس البخل والفقر الذي أعيش فيه" .. وها هي "أوراد" المدللة العاشقة للمظاهر .. وتدور أحداث الرواية لكل من الصديقات الأربع في قالب من الكوارث الاجتماعية التي تعد – وبحق – عبرة وعظة لكل فتاة مراهقة تحيد عن الطريق القويم .
جاءت هذه الرواية الجميلة في حوالي 103 صفحة مشوقة تجذب القارئ لقراءتها جميعا دفعة واحدة .

"جمان"

هذه هي الرواية الخامسة والأخيرة للكاتبة علياء الكاظمي التي اتخذت من عنوان هذه الرواية عنوانا للمجموعة كاملة .. وحسنا فعلت عندما أوضحت في بداية الرواية معنى عنوانها حيث كتبت قائلة : "الجمان هو اللؤلؤ .. والجمان حب يصاغ من الفضة على شكل اللؤلؤ ، والجمان نسيج من جلد مطرز بخرز ملون تتوشح به المرأة ، وفي الجمان زينة وجمال وحلية تبهر النساء والرجال" .

أهدت الكاتبة الرواية إلى كل امرأة قائلة "إلى كل امرأة عاشت القيود إلينا جميعا" . . جاءت الرواية في 123 صفحة قامت الكاتبة بسردها سردا رائعا لا يقل روعة عن سردها للروايات الأربع السابقة وجاء أسلوبها جذاب ومشوق يجعل القارئ لا يعرف للملل طريقا ولا يفكر في أن يغلق الرواية قبل أن ينهي قراءتها .. ولقد أنهت الكاتبة روايتها بخاتمة على لسان بطلة الرواية "جمان" قالت فيها : "هل تعرفون ما معنى أن تملك بيتا مع أسرة تخصك ، أن تكون سيدا في مملكتك الخاصة .. أن تعيش مع أشخاص يحبونك وتحبهم وتكون مستعدا لفعل أي شيء لإسعادهم ، لقد عرفت معنى ذلك .. الآن أنا في الخامسة والثلاثين من عمري ، لقد تركت العمل نهائيا وتفرغت لمنزلي .. كيف لا وقد أجبت توأما جميلا ، بنتا وولدا ، أسميت إبنتي الجديدة منار تيمنا باسم صديقة عمري المخلصة وابني الثاني عبدالله على اسم خالي والد هشام (زوجها) " . وتستطرد الكاتبة على لسان جمان قائلة : "إن حياتي رائعة مستقرة وأعيش كل لحظاتي منهمكة في بناء أسرتي ورعاية أبنائي والأهم رعاية طفلي وحبيبي وصديقي زوجي هشام . إنني سعيدة هادئة مطمئنة أعرف قيمة ما لدي من نعم ، ولن أفرط فيها أبدا فلا شيء يعوض عيش أطفالي بين والديهم ولا شيء يعوض عيشي إلى جانب الرجل الذي أحبه" .

وفي النهاية لا بد وأن أذكر أن روايات الكاتبة الروائية علياء الكاظمي جاءت بقلم كاتبة واعية مثقفة دخلت إلى الساحة وهي ترفع شعار "أكون أولا أكون" بمعنى أنها إما أن تقدم الروايات الرائعة القوية البنية السليمة السرد الراقية الفكرة الرائعة الأسلوب وإلا فلا يكون لها وجود بين كتاب وكاتبات الرواية داخل الكويت وخارجها ، ولأنها كانت قد عقدت العزم على أن ترفرف مغردة في "علياء" سماء الرواية الجميلة التي تجذب القراء وتشدهم وتجعلهم يسبحون معهم في عالم الخيال الجميل فقد خرجت علينا علياء الكاظمي بمجموعتها القصصية الأولى "ويبقى الأمل ينبض في القلوب" التي لاقت نجاحا كبيرا وقبولا رائعا من القراء .. ثم ما لبثت وأن خرجت علينا بمجموعتها الروائية التي نحن بصددها حاليا "جمان" فقد جاءت أكثر قوة وأكثر رونقا وأكثر إتقانا من مجموعتها الأولى وهذا يوحي بأن الكاتبة علياء الكاظمي تسير في حياتها كروائية من نجاح إلى نجاح أكبر منه ومن خطوة نحو الرقي والسمو والرفعة إلى خطوة أفضل منها ومن جمال وروعة إلى أكثر جمالا واكثر روعة وفي هذا مؤشر واضح قوي إلى أننا أمام روائية واعدة ينتظرها مستقبل مشرق وضاح في عالم الرواية اسمها "علياء فاضل الكاظمي" .

جولة مع مجموعتها الروائية الجديدة "جمان"

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى