الثلاثاء ٢٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم مروة كريديه

رواية جديدة للروائي التونسي الهادي ثابت

الاغتصاب رواية جديدة للروائي التونسي الهادي ثابت؛ وهو الأديب المعروف ومترجم للعديد من الأعمال الأدبية الفرنسية لا سيما ما يعنى بأدب الخيال ، وتقع الرواية في نحو 224 صفحة من القطع الكبير وصدرت عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة أما تشكيل الغلاف فهو للفنان أمين الصيرفي.

تعد هذه الرواية من أجرأ الروايات التي تعني بالأوضاع السياسية والأيديولوجية في الدول العربية، وهي ترصد بعمق معظم التحولات الثقافية والاجتماعية في بنية المجتمع التونسي خلال فترة الستينيات من القرن العشرين وما صاحبها من انعكاسات على تشكيل الهوية الوطنية .

يشكل أبطال هذه الرواية المشهد الإجتماعي والثقافي للأحداث الدائرة فيها وهم: العاتي بطل الرواية، وعمران وبرهان ووردة وهرقل وفرجاني والإسطمبولي وغيرهم، حيث تعيش هذه الشخصيات في فترة نكبات وانكسار سياسي.

فالعاتي يمثل الشعب الذي تعرض للحبس والتعذيب ، اثر أحداث الشغب التي تلت موت الفتي في زقاق حي البرج، وهو إذ يرفض الإدلاء بأي معلومة عن التنظيم اليساري الشيوعي وأسماء المنتسبين اليه فإنه يتعرض للاغتصاب على يد جلاديه، ورغم إيمانه الشديد بقضاياه و بقيمه ومبادئه إلا أنه يتحول عنها جميعا نتيجة للهزائم المتكررة والاغتصاب الجسدي والفكري الذي أنهك قلبه .

وينتقل بعدها الى باريس حيث يتعرف على احد الأصوليين الذي يعرض عليه السفر الى باكستان، و من ثَم فإنه يُجند في صفوفهم بعد أن يتحول عن أفكاره اليسارية ليتبنى الأفكار الأصولية وينتهي المشهد الأخير للرواية في باكستان

تعالج الرواية اشكالية هامة جدا في مجتمعاتنا العربية حيث ان التطرف يكون وليد القمع والاغتصاب الجسدي والفكري والروحي، فالكاتب عرض لاغتصاب الجسد الذي تعرض له العاتي، كما تعرضت له أيضا وردة تلك الفتاة التي انخرطت في التنظيم، واغتصاب الروح الذي يتعرض له المجتمع كله كل يوم .. واغتصاب الفكر الذي تعرض له المثقف الذي يدفع ثمن أفكاره ....

لقد اهتمت الرواية بنقد السلوك المجتمعي السائد، من خلال انتقاد التأويلات التي يعتمدها أبناء المجتمع كثوابت جاهزة، وهي نفسها التي تقف وراء تخلف الشعوب كما تمنع الأفراد من استشراف التجارب البشرية .

فقد اتجه الكاتب الى المنحى التاريخي الأركولوجي ممزوجًا بالرؤية السياسية لسرد احداث روايته التي تناقش العديد من القضايا التي تتعلق بالأحداث الراهنة والتي تعد مناقشتها من المحرمات . حيث ينجح من خلال سرده المملوء بالتحليل والاستنطاق والوصف، في تفكيك وزلزلة الثوابت المجتمعية من خلال تركيب صورة خاصة للشخصيات التي تساعده في بناء العالم التخييلي للنص ، اما فيما يتعلق بالزمان فإن الاحداث متسلسلة تقع بين مشهدين القتل بداية الرواية والسفر في نهايتها ، مصورا آلالا م الاشخاص بسكل سوريالي احيانا

يذكر أن الكاتب يطل علينا بروايته هذه بعد تجربة طويلة في مجال أدب الخيال العلمي، وبعدأن نال عن روايته "القرنفل لا يعيش في الصحراء" جائزة كومار الذهبية عام 2004 ، حيث تشكل الرواية التجليات الايديلوجية والعقائدية والثقافية فاتحًا أفقًا جديدة في عالم الابداع .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى