الأحد ١٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم نايف عبوش

زخات المطر في فضاءات ديرتي

ها هو الخريف على وشك المغادرة،والشتاء يقترب من طرق ابواب الناس على عجل،وها هي السماء تتلبد بالغيوم،وتزخ قطرات المطر على الارض المغبرة بشكل متقطع بين الفينة والأخرى،لتشرع النفوس بالابتهاج بسقوط المطر بعد طول غياب، وتسري في أعماق القلوب عاطفة جياشة،بانسياب ماء المطر على الارض،وهو يروي عطشها بعد طول انتظار.ولعل زخات المطر بذلك الهطول المبارك،تزيح هموم راعي الغنم،وتطرد مخاوف الفلاح،وتزيل غبار الارض المتربة، وتبعث في الناس دواعي السرور، وتشيع الأمل بينهم بريع غزير.

هكذا اذن يغمر الناس شعور حالم باليمن، كلما تطلعوا الى السماء وهي تتلبد بالغيوم، وسمعوا قعقعة الرعد، بعد ومضات برقه الوهاجة التي تكاد تخطف أبصارهم بلمعانها،وهي تتداخل مع زخات المطر،فهم لما يزالون في أحضان فضاءات الطبيعة،في الشارع،وفي الحارة،وفي الطريق الى المدرسة،وفي البرية،تواصلا مع بيئة صيفهم المغادر،فتتراءى لهم الشعاب،والوديان جارية بالماء،بعد ان كانت بالأمس يبابا،والأشجار الذابلة،وهي تتراقص مبتلة جذلى بالارتواء من فيض المطر، فيجدون المتعة،ويحسون براحة البال، عندما يرسم سقوط المطر أمامهم صورة بديعة لمشهد طبيعي خلاب يسحرهم بجماله،فتحفظ ذاكرتهم تفاصيله وأحداثه،من بداية تكاثف زخات المطر التي تتجلى خلفها الهضاب،مرورا بجريان الماء في الأودية والشعاب صوب النهر،وانتهاء بصفاء الجو عقب توقف المطر،وإطلالة الشمس بأشعتها الساطعة،حيث عبق رائحة الارض يثيرها سقوط المطر فتنعش الأرواح.

ولعل عصرنا الصاخب الذي ازدحمت فيه ضجة الالة والمعماربالتحضر، واثقلت رؤسنا ضوضاء العصرنة،يجعلنا بحاجة ماسة للانفصال المؤقت عن دوامة ظروف الحياة المرهقة، ويدفنا لمشاهدة سقوط المطر خارج الحجر البيتي،الذي فرضه علينا نمط حياة العصر،لترويح النفوس بمشاهد المطر على الطبيعة،والتماس المباشر مع ايقاعاتها الساحرة،بعيدا عن حالة الرتابة، والجمود التي سئمناها،بعد ان ابتعدنا عن الاستمتاع بذلك الإيقاع الحالم،وافتقدنا التلذذ بجمال فضاءات طبيعتنا الساحرة منذ حين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى