الثلاثاء ٢ شباط (فبراير) ٢٠١٠
في مجتمعنا
بقلم عبد الهادي الخلاقي

سياسة تخلق الأزمات وتفرق الجماعات 

 
الدين المعاملة كلام العلماء وإن كان معناه مما اتفق عليه كافة العلماء وهو ضرورة التحلى بكافة الأخلاق الإسلامية، والعبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية واضحة، إن العلاقة بين أفراد المجتمع يجب أن تقوم على المحبة والاحترام والتقدير ودينناالإسلامي الحنيف يزخر بالنصائح التي تدعو إلى المعاملة الطيبة، والرفق والحنو إذ يقول تعالي في كتابه العزيز: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة حيث يقول: "اتقي الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن".

ربط الإسلام الإنسانية بالأخلاق الحميدة فجعل الرسل اصحاب اخلاق حميدة وإنسانية قال تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، وربط الاسلام الاخلاق بالسياسة أيضا، فليست السياسة الإسلامية سياسة "ميكافيلية" ترى أن الغاية تبرر الوسيلة أيا كانت صفتها ومع من تمارس وضد من، بل هي سياسة مبادئ وقيم يلتزم بها المسلم ولا يتخلى عنها ولو في أحلك الظروف. إن الإسلام يرفض كل الرفض الوسيلة القذرة، ولو كانت للوصول إلى غاية شريفة: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"، فالخبيث من الوسائل، كالخبيث من الغايات مرفوض، ولا بد من الوسيلة النظيفة للغاية الشريفة.

مع الأسف بأتت تمارس في مجتمعنا البحريني المسلم سياسة خبيثة، سياسة قائمة على مبدء المصالح الفردية وليس المصلحة العامة حتى وإن ادعت فئة من السياسيين الذين يمارسون هذه السياسة الخبيثة الهدامة غير ذلك، واكدوا خوفهم على مصلحة الوطن والمواطن فالكثير منهم يسعى الى خلق ازمات سياسية في المجتمع البحريني كتزوير الحقائق وتلفيق التهم للأخرين بغرض الحصول على مصالحة شخصية وتاييد من قبل فئة من الناس، وهذا بدوره يؤدي إلى إنحدار المجتمع الى حالة من التشرذم والتعصبات وخلق تكتلات تؤدي الى تقسيم المجتمع الى فئات وتيارات وانتمائات مختلفة تنشأ عنها صراعات والخاسر فيها الوطن والمواطن، وتقوم هذه الجماعات من اصحاب السياسات الهدامة بالمشاركة في عملية نشر الفساد وخلق عدائات بين المواطنين وبين المواطن والنظام الحاكم حتى يتسنى لهم اثبات نظرياتهم وادعائاتهم بأن هناك فساد وتمييز في المجتمع تعجز الدولة عن حله أو تتغاضى عن حله فتمارس هذه الجماعات السياسية بكل ما يمكنها فعله لتبرير غايتها ولاثبات مدى مصداقيتها فيما تتعاطاه من سياسية خبيثة بعيدة عن النزاهة والمصداقية وتتخذ من المصطلحات السياسية مثل«المصلحة الوطنية، حقوق المواطن، تحسين المستوى المعيشي، البطالة، الفساد» وغيرها من المصطلحات سمفونية تعزف بها للمجتمع المحلي والدولي هذه الآلية التي تبدأ بفتات الوعود لإحداث الشروخ في المجتمع وهدم بنيانه الداخلي وتماسكه, في حين لا يدرك الكثير منا مدى تزييف المصداقية لهذه الوعود في جميع الاتجاهات وعلى جميع المستويات وجميع القضايا التي تسعى لاثبات وجودها من خلالها.‏

إن الخطر الأكبر في هذه الممارسات يكمن في خداع الذات عندما نصدق تلك الأساليب من التضليل والخداع بالتعامي عن رؤية الحقائق تارة وباللهاث المحموم وراء أوهام الخداع المرسوم والتآمر المسموم على الجميع تارة أخرى، فالمطلوب تحقيق مصالحة سياسية وجر المجتمع الى حياة الغاب تحت شعارات ومزاعم لا تمت إلى الحقيقة بأية صلة.‏ 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى