الثلاثاء ١٢ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم محمد إبراهيم العريني

صـوت شهـيد

بمفرده يجلس في الظلام، منزويا في أحد أركان الحجرة، إنه يتذكر تلك الأيام الخوالي التي كان يخرج فيها القمر فيراه يلعب مع الصبيان أمام ساحة بيته العامر. تلك الأيام التي كان في بيته أب وأم وإخوان، سقطت دمعة من عينه وهو يسترجع ذلك الماضي الجميل ويقارنه بالحاضر الحزين. وتساقطت دموع أكثر من عينيه وهو يردد آخر كلمات سمعها من أبيه قبل أن يقضي نحبه:

فلسطين يا ملتقي الأنبياء
ويا أملا عاش في أدمعي
أنا ما قتلت أنا ما انهزمت
لأنك أكبر من مصرعي

تردد صدي هذه الكلمات في أذنيه طويلا فأجهش بالبكاء، سمعته أمه التي كانت بالخارج تجهز الطعام، أسرعت إليه وهي تقول (عمر ياولدي ألن تكف عن هذا الحزن يا ولدي .إن أباك شهيد، والشهداء في الجنة.) نظر إليها وقال (والله لن أستريح حتى أقتل من قتله). قالت الأم وصوتها يتقطع: (يا ولدي أنت مازلت صغيرا) انتفض وقال: (لست بصغير، والله لانتقمن لأبي ولكل الشهداء).حضنته الأم وأخذت تبكي وتساقطت دموعهما، ولفهما الصمت والليل البهيم بظلامه، ولم يفصلهما إلا صوت جرافة قوية تخض المكان، وانهار البيت عليهما، صرخت الأم، ولكن الصغير صاح قائلا :

فلسطين يا ملتقي الأنبياء
ويا أملا عاش في أدمعي
أنا ما قتلت أنا ما انهزمت
لأنك أكبر من مصرعي

ثم انقطع الصوت، ولكن الأمل لم ولن ينقطع أبدا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى