الاثنين ٣٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم عادل صيام

صفحات من مذكرات مريض نفسي

طلبت منه أن يكتب مذكراته لعلها تساعدني في معرفة مشكلته و السبب الاصلي في عدم توافقه و رغبته في الانقطاع عن العالم

 و هل فعل يا دكتور ؟

 نعم فعل.

 و لماذا يبدو علي حضرتك عدم الرضا ؟

 من البداية مذكراته توحي بأنه هذا المريض المثقف الأديب، وضعها تحت عنوان مذكرات مريض نفسي و هو في هذا يعترف بمرضه.

 و لكن هذا الاعتراف منه بالمرض ألا يعد خطوة جيدة جدا في الطريق لحل المشكلة؟

 الشفاء.. الشفاء هو ما أسعي إليه.

 و لكن أعتراف المريض بمرضه يعد خطوة أساسية في السعي لهذا الهدف.

 أنت تعرف يا صديقي أن مجرد حضوره إلي هنا يعني اعترافه الضمني بشعوره في الرغبة بل و الحاجة إلي العناية و المساعدة النفسية.

 إذن ما هي المشكلة في علاجه ؟

 المشكلة هو أن هذا المريض يعرف الكثير عن علم النفس، و يعرف الكثير في مختلف الميداين و هذا ينعكس علي مذكراته، و يبدو واضحا في كل فقرة منها.

 كيف يا دكتور هل من الممكن أن توضح اكثر ؟

 يتضح الأمر من طريقة تنظيم مذكراته فقد وضعها تحت عناوين جانبية رئيسية تتكرر في كل يوم، و بوجه عام لغته لغة أدبية عالية المستوي و رفيعة استخدام القواعد، و الأكثر من ذلك أنه قام بترتيب مذكراته بشكل تحليلي ربما قد لا يتأتي إلي خاطر أي شخص يرغب في التحليل .

 من الممكن أن تعرض لنا فكرة عن تلك المذكرات يا دكتور؟

 سأعرض لكم الفكرة العامة و بعد ذلك سأعطي كل منكم صورة من أهم الصفحات، لقد قام بوضع كل مذكراته تحت عنوانين جانبية كما قلت لكم تتكرر في كل يوم هذه العناوين هي الأصوات، الصور، الأسئلة، الأجوبة، الحوارات و كل تلك العنأوين ترد تحت تاريخ اليوم في بعض الأيام لا توجد كل العناوين و لكن يشترك فيها جميعا الأصوات بينما قام بإهمال الحوارات في الكثير من الأيام الأسئلة يغلب عليها الطابع الاستفزازي، بينما الأجوبة يغلب عليها في كثير من الأحيان طابع السخرية و في أحيان أخري العصبية الشديدة .

 و لكن ما طبيعة الأفكار التي يعرضها تحت تلك العناوين ؟

 سأعرض لكم مذكراته ليوم واحد:

الأصوات

 الراديو يقول اليوم السبت الساعة 13

 الماء ينزل من الصنبور بقوة مصحوب بصوت السخان و النيران التي تندفع مع الغاز، مرفوقا بصوت خافت جدا لاانحسار الماء عبر الحوض في طريقه للصرف.

صوت الاندفاع عبر الصنبور يخفت صوت السخان يتلاشي، صوت الماء في طريقه للصرف يبدو وحيدا قويا، سرعان ما يتلاشي
فجأة صوت انسكاب المكرونه من العلبة في الماء الذي يغلي
تنفتح الثلاجة.. صوت احتكاك زجاجة الكاتشب باطار باب الثلاجة.. تنغلق الثلاجة
ابن الجيران يجري علي السلم
مفتاح نور في المطبخ يغلق

نافذة المرحاض تفتح. المرحاض يعري، ريح شديد مصحوب بخروج الفضلات، الماء يندفع من السيفون بقوة، يعاود امتلاء السيفون مرة أخري ببطء
ـ جارتي ــ سلفانا ــ تئن في نشوة، كلبها يكاد يخلع باب الحجرة من الخارج، أوف انتظر يا ميشو

ـ أقدام ثقيلة علي السلم، باب سلفانا ينفتح بسرعة و ينغلق في عنف، أقدام تعبر الصالة في خفة للحجرة المقابلة

الصور

طفل صغير ينظر من ثقب الباب

امرأة في البلكون تطعم عصفور، عصفور وحيد في القفص

امرأة في الخامسة و الخمسين تضع يدها في يد شاب في الثلاثين
ـ سيدة تجلس في المقهي أمامها سيارة صغيرة من تلك التي تخص الاطفال الرضع، بها طفل أسود البشرة بينما هي بشرتها بيضاء أوروبية

كتب كثيرة جدا جدا علي أرفف غير منظمة

رجل عجوز يطعم العصافير و يطرد الحمام

قبر عليه رمز لمسلة فرعونية

جاك شيراك يصافح حسني مبارك

فتاة تجلس علي ساقي فتي في المترو، الكرسي المجاور خالي

الآلاف من الشباب و الشبابات يجرون علي الباتيناج في شارع ريببليك

قط أبيض يجلس في نافذة منزل، و قط أسود يجلس في نافذة المنزل المواجه له

جندي اسرائيلي يساعد سيدة أصيبت في قدمها برصاص الجنود الاسرائيليين

صاروخ يندفع بسرعة جنونية ليهدم مئذنة مسجد

امرأة عجوز تعرض جسدها للبيع

شيخ الأزهر يأخذ عمام البابا شنودة يضعها على رأسه توقيرا له.

صورة قبة الصخرة

فتاة نصف عارية تعلن ماركة تليفون محمول

الرئيس الأمريكي يصافح الرئيس الروسي

الرئيس المصري يشير ــ باي باي ــ

انفجارت شديدة

نفس الانفجارت على كل القنوات

بقع من الحبر

طابور على ماكينة استعارة افلام الفيديو كاسيت

 رجل ينام في الطريق دون غطاء يحميه من المطر

 الكثير من الملابس ملقاة في صندوق القمامة

 جهاز تليفزيون عشرين بوصة على الرصيف

 رجل اشعث الشعر يجلس على مقعد خشبي في الحديقة و إلى جوارة عبوات ماء بلستيكية مملوءة بالخمر

الأسئلة

ماذا تريد ؟

هل معك سيجارة ؟

لماذا تأخرت ؟

كم تساوي ؟

ما هذا ؟

في أي مجال تعمل ؟

هل تحب الشيكولاته؟

تفضل الشأي باللبن أو بدون ؟

هل تشرب الكوكاولا ؟

ماذا ؟

ألم تسمع ؟

لماذا لم تفتح الباب بسرعة ؟

هل غسلت وجهك ؟

ما هذه الرائحة ؟

هل تحب القطط ؟

هل أحضرت الملابس من المغسلة ؟

هل تناولت الدواء ؟

متي ستنتهي من العمل ؟

ماذا ستفعل هذه الليلة ؟

هل شاهدت التليفزيون أمس ؟

هل تناولت الغداء ؟

منذ متي لم تذهب للصلاة ؟

كم عمرك ؟

ما آخر كتاب قرأته ؟

هل أنت متزوج ؟

هل قرأت جريدة الصباح ؟

ما اسمك ؟

أين موقف الأوتوبيس ؟

اين ميدان ريببليك ؟

ما هو لونك المفضل ؟

لماذا لم تأكل الحلوي ؟

هل ما زلت تحبني ؟

هل تجيد استخدام الكومبيوتر ؟

ماذا تستطيع أن تطهو ؟

ما هي طبيعة عملك ؟

هل تود عصير نصف ليمونة مع البرتقال و الكثير من السكر ؟

تسمح لي بالكبريت ؟

أليس لديك فرصة ؟

لماذا لا تأتي ؟

ألا تشرب القهوة معي في الباستيل ؟

هل صعدت قمة الهيمالايا ؟

هل سمعت الأخبار اليوم ؟

هل تفضل الرز أم الماكرونه ؟

أتعرف أنني أحبك ؟

ما لون عينيك، و لون بشرتك، و شعرك، و هل هو قصير أم طويل، كم سم تبلغ قامتك ؟

هل أنت مشغول ؟

كم يبلغ راتبك ؟

هل غسلت أسنانك ؟

كم من الوقت ستستغرق ؟

ممكن أقبل شفتيك ؟

هل أنت مستاء من شئ ما ؟

متي ؟

هل اعجبتك ؟

متي حضرت ؟

كم ؟

أين كنت ؟

كيف ؟

هل تريد هذا حقا ؟

من هذا ؟

من ذا الذي يعرف ؟

و ما أدراك ؟

و من أدراك ؟؟

ما الفارق؟

بكم هذا ؟

أين نحن ؟

من نحن ؟

من أنا ؟

من أنا بالنسبة لك ؟

ما دورك ؟

ما قيمته ؟

القصة من مجموعة قصص قصيرة بعنوان المستقبل - تأليف عادل صيام
الغلاف و الرسوم الداخلية: عرفه عبد المعز
صادرة عن دار التيسير


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى