السبت ٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم عبد القادر ياسين

عبد الرحيم محمود

حوشوا البنات من الشوارع
أو حتموا لبس البراقع
 
فبناتكن موائعُ
وشبابكم والله صايع
 
تلك الكنافة لا يليق
بأن تمر أمام جامع
 
حتما يُرَيٍل من يراها
أو يمدُ لها الأصابع

بهذه القصيدة، التى نأى بها صاحبها عن الميدان الوطنى، تعمد الشاعر الفلسطينى عبد الرحيم محمود. وقد تضمنت هذه القصيدة الكثير من الدعابة. فقد وفد محمود، من ريف نابلس (عنبتا)، إلى عاصمة اللواء، طالبا فى مدرسة النجاح (جامعة النجاح، الآن). واللافت أن الفتى أخفى قصيدته هذه بين ضلوعه، إلى يوم حصوله على المتريولكشين (الثانوية العامة فى زمن الانتداب البريطانى)، فى 24 / 1/ 1931، وكان صاحبنا فى السابعة عشر من عمره، حين ألقى قنبلة فى وجوه رجال نابلس، خلال حفل التخرج. وقد حوت قصيدته تلك 22 بيتاً.

حين مر الأمير سعود بن عبد العزيز (الملك لاحقا) بقرية الشاعر، عنبتا، خاطبه الأخير (14 / 8/ 1935 ).

المسجد الأقصى أجئت تزوره
أم جئت من قبل الضياع تودعه؟!.

مسح شاعرنا الحدود بين القول والعمل، حين اتخذ طريقه مقاتلا فى ثورة 1936 و1939 الوطنية الفلسطينية. وينشر القصيدة التى خلدت اسمه، والتى تنبأ فيها بالطريقة التى سيتشهد فيها:

سأحمل روحى على راحتى
وألقى بها فى مهاوى الردى
 
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى
 
...
 
لعمرك إنى أرى مصرعى
ولكن أغذ إليه الخطى
 
أرى دون حقى السليب
ودون بلادى هو المبتغى

حين استشهد القائد العسكرى للثورة، عبد الرحيم الحاج محمد، فى 26/ 3/ 1939، فى قرية صافور (الضفة الغربية) رثاه محمود:

إذا أنشدت يوفيك نشيدى
حقك الواجب يا خير شهيد
 
أى لفظ يسع المعنى الذى
منك أستوحيه يا وحى قصيدى؟

تتوالى قصائد شاعرنا، على المنوال نفسه:

شعب تمرس بالصعاب
فلم تنل منه الصعاب
 
متمرد لم يرض يوماً
أن يقر على عذاب
 
عرف الطريق لحقه
ومشى له الجدد الصواب
 
الحق ليس براجع
لذويه إلا بالحراب
 
والحملة الشعواء تجدى
لا التلطف والعتاب

ولد شاعرنا فى بلدة عنبتا (مدينة الآن) 1913، وتلقى دراسته الابتدائية فى قريته، وفى طولكرم نفسها، قبل أن ينتقل إلى نابلس، ويتخرج من مدرسة النجاح الثانوية فيها.

بعد تخرجه عمل فى سلك الشرطة، لكنه استقال حين أرادت سلطات الانتداب توريطه بأعمال قمع الثوار الفلسطينيين. وانخرط فى سلك التدريس، معلما فى مدرسة النجاح الثانوية بنابلس.

انخرط فى ثورة 36 - كما سبق وأشرنا- وحين توقفت هذه الثورة، تعرض صاحبنا لمطاردة سلطات الانتداب البريطانى، فأفلت إلى العراق، وهناك التحق بالكلية العسكرية، قبل أن يعود إلى فلسطين، سنة1941، بعد أن أصدر الانتداب عفواً عاماً عن الثوار.

ما أن صدر قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة(29/ 11 / 1947) حتى سارع صاحبنا إلى الالتحاق بالثوار، من جديد، ليقاتل فى صفوفهم. وفى 12 /7 /1948 أصيب بجروح خلال معركة الشجرة مع الصهاينة. فنقلته سيارة إسعاف ،سرعان ما هوت فى أحد الوديان، وهنا كان استشهاد شاعرنا، على النحو الذى توقعه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى