الجمعة ١٨ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم صلاح عليوة

فجر ميدان التحرير

ماذا قال الفجرُ لميدَانِ التحرير؟
ماذا ؟ ..
و حشودُ الشهداءِ تشقُ الليل
و ظلُ الموت يرفرفُ مشدوهاً
ما بين شهيقٍ و زفيرْ
ماذا قال الفجرُ لميدان التحرير؟
قال الظلم يزولُ .. يزولُ
و ليل الظالم مهما اشتدّ
و مهما امتدّ قصيرْ
قال : الثوارُ يديرون الدفةَ ..
يختارون الوجهةَ ..
ينسون كلامَ الصمتِ
و يطوون نعاسَ المقهى
و يسوقون نهاراً سحرياً
و يشقون طريقاَ براقاَ
و يصوغون شروقاً
من مجدٍ و سرورْ
قال: قلاعُ الظالم تهوي
و الشعبُ يرجّ بروجَ التاريخِ
و جيلُ الثورة يطلق فوق عروشِ الظلمِ
أعاصيرَ التغييرْ
ماذا قال الفجر لميدان التحرير؟
قال سيهوي السورُ وراء السورِ ..
و يومُ الظالم آتٍ
رغم أقاويلِ الحراسِ
و أحجارِ المتراسِ
و أبراجِ حديدٍ و نحاسٍ
و خداعِ حُمَاةِ الطغيان المقبورْ
قال بأن اليأسَ خرافيٌ
يهتزُ كأحجارِ الوهمِ
و حين يحينُ الوقتُ
يصير الخوفُ حشوداً و صموداً
ورعوداً
و هديراً يتهاوى
في صمتِ القصر المهجورْ
ماذا قال الفجرُ لميدان التحرير؟
قال سيبقى الشهداءُ نجوماً
و يصير الدمعُ غيوماً
و يصير الثوارُ شموساً
و يصير الغدُ مدائنَ أملٍ
و تصير الأيامُ ضفافاً
لبريقِ الدرِ المنثورْ
قال: ندائي أعلى من برج اليأسِ
و أمضي من حد الفأسِ ..
و أقوى من موج الخوفِ
و أنقى من صوت العصفورْ
قال: الشعبُ يعودُ لمنبعهِ ..
ينقشُ مجدَ ملامحهِ ..
يلقي فوق الريح وصاياه ..
يقول إذا أصبحتُ غضوباً
تتهاوى حممٌ من غضبي و تطيرْ
قال: سكتُّ .. سكتُّ.. سكتُّ
و عاثَ الذئبُ و ماجَ الضبعُ
و مرّ الثعلبُ مَزهوّاً
و أنا الأسدُ الصامتُ
أقعي في قفصي و أدورْ
قال : الشهداءُ يطوفونَ الأرجاءَ
يصيرونَ لآلئَ نبلٍ و وفاءٍ
و يصوغونَ على مهلٍ أسماءَ الأشياءِ ..
و قال: الثوارُ يزيحونَ الأصفادَ ..
يمرون كنهرٍ أزلي يتأرجحُ
في كف النورْ
قال سمائي غطاها الحزنُ
و طال الليل ُ, و كنت حزيناً
أتأمل أمجادي , أحزن عبثاً
أرزحُ رهنَ القاتلِ و المتآمرِ
أعبرُ بين سماسرةِ الطغيانِ
و أبواقِ السلطانِ
و سيفِ السفاحِ المأجورْ
قال :سأفتح أبهى أبوابي
أخرجُ من ليل غيابي
أجعلُ كفي مأوى المجد ..
و صوتي ورقاً ذهبياً
يتألقُ في شجرِ النورْ
قال الشهداءُ وجوهٌ تبقى
هم أقمارُ الذكرى ..
هم مدوا أطواقاً للغرقى
مدوا الغد سماءاُ و غناءاً ..
جعلوا الأفقَ فضاءاً
لرفيف الطيرِ المأسورْ
ماذا قال الفجر لميدان التحرير؟
قال ثقيلاً كان القيدُ ..
طويلاً كان الليلُ
قصياً كان المرسى
و بعيداً كان الأملُ .. بعيداً
يتلوي كسرابٍ خدّاعٍ
يترحّلُ في الأفقِ المغدورْ
ماذا قال الفجرُ لميدانِ التحرير؟
قال سيبقى الشهداءُ نجوماً
و يصير الدمعُ غيوماً
و يصير الثوارُ شموساً
و يصير الغد مدائنَ أملٍ
و تصير الأيامُ ضفافاً
لبريق الدر المنثورْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى