الخميس ٢٨ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم خديجة علوان

فرائس الجوع

«سأموت يوما – كما أنتم- فاشهدي يا عظامُ، ويا أرضا ولدتُ فيها ذكريهم أني كنت هنا ومتُّ جوعا، وتذكروا يا أنتم كلما أكلتم خبزا أنني لطالما لُكتُ التراب خبزا» خ/ع

يا الحزن المعلنُ في مساءات البوح الجريحة، ارقص حول قربان الحزانى، وغني لصمت هز أرواحا تنتظر قطرة ماء، وقطعة خبز لتحيا، ويا القلب المنكسر مرات ومرات لملم شظاياك فقد تصاب بألم فقدان الشظية...

للضمير المنفي وللبطون المليئة بأشهى الطعام كلام و وصية...

يا أيها الجوع الذي يستل سيفه ليقطع رقاب الصغار، ويمزق أجسادا بانت عظامها، وباتت فريسة للقادمين من السماء البعيدة... ترفق بأنّاتهم، كفاك تمزق أحشاءهم، وتفتح لهم نافذة للعذاب والرحيل الأخير...

لا ثدي للغمام ترضعه يا صغيري وثدي الأم جف من طعام ... والأرض قحط والموت يحوم حول الأرواح وقد بانت أنيابه لخوفهم الذي يكبر كلما اقترب من عيونهم الجاحظة، وكيف لا يكبر وهم يزحفون إلى النهاية،لا يد تعيدهم للحياة الأولى ولو خطوة....

يا للعالم القاسي، كيف ينام بعضه على وسائد من قطن ويعاف الطعام الشهي ويبني حضارته على العظام الهشة،ويغض الطرف عن توسلاتهم، وهم يمسكون بآخر طرف من ثوب الحياة الفضفاض الذي يكسو أجسامهم المترفة بل وينفضونهم عن ثوبهم الثمين، أما تأملوا يوما صدورهم العارية وخريطة الجوع التي برزت من فوق جلودهم، فلا أرض هناك تجود، ولا سماء تهبُ الحياة... ولاشيء يغني للحياة، فقط عناوين الموت العريضة، عقاب، ومقابر أعدت مسبقا لاستقبال أفواج الموتى عطشا وجوعا...، الجرح ألوانٌ، إلا هناك وحده الأسودُ القاتم يصنع الجراح، ويزينها بتراب الأنفاس الناشفة...

قدركم أن تكونوا بذورا لأرض حمراء قاحلة تزرعونها آهة وتحصدون جوعا وموتا... قدركم أن العالم قاسٍ جدا جدا...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى