الأحد ١٢ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم سهيل عيساوى

قراءة في قصة الولد الخفي

قصة الولد الخفي، معدة للأطفال مترجمة من اللغة الانجليزية، تأليف لترودي لودفغ، رسومات لباتريس بارتون، صدرت الطبعة الأولى عام 2013، النص بالعربية لأياد برغوثي، تحرير النص وتدقيقه منى سروجي. القصة التي بين ايدينا اصدار مكتبة الفانوس 2019، ووزعت لطلاب الصف الأول ضمن مشروع مكتبة الفانوس، وطبعت في مطبعة الحكيم - الناصرة.

القصة: تتحدث القصة عن ولد خفي، حتى أن المعلمة لا تراه، لأن لديها مشاكل مع ادم الذي يرتفع صوته كثيرا، ونورة التي تئن ودائمة الشكوى والتذمر، عندما تشعر أن الامور لا تسير كما تريد، ادم ونورة يستحوذان على مساحة كبيرة من حيز اهتمام المعلمة والتلاميذ، أما راني فلا مكان له. عند اختيار اللاعبين، يتم اختيار جميع الطلاب للعب في الاستراحة عدا راني، يبقى وحده يتأمل وينتظر دون جدوى، تتحدث مايا عن حفلة عيد ميلادها، يتذكر الجميع أجمل المشاهد واللحظات خلال الحفل، أما راني لم يدع أصلا الى الحفل، وخلال درس الفنون، يلعب الأطفال ألعاب الطاولة ويقرأون الكتب، أما راني، يبدع في رسمه، يرسم تنينا يتسلق بناية عالية وينفث النار من فمه، يرسم كائنات فضائية عالقة في معارك بين المجرات، وقراصنة طماعين يبحثون عن الكنز، وأبطال خارقين لديهم القدرة على كسب الاصدقاء، يدخل تلميذ جديد الى الصف، اسمه يونج، المعلمة سلوى تعرفهم عليه، في استراحة الغذاء يأكل يونج بالعودين، يضحك عليه جميع الطلاب عدا راني، ويتسأل راني في سره ايهما أفضل أن يضحك عليك التلاميذ، أم أن تكون ولد خفي؟

يجد راني طبشورة على الأرض يرسم رسمة، الرسمة تعجب يونج، عندما تطلب المعلمة من الطلاب ان يتوزعوا الى مجموعات يحاول راني الانضمام الى يونج لكن فادي يصرخ في وجهه ويقول "سبقتك ! أنا مع بونج، ابحث عن شخص اخر" عندها ينظر راني الى الأرض، ويتمنى لو يستطيع، أن يرسم عليها حفرة لتبتلعه وتخفيه عن الأنظار.

تطلب المعلمة من التلاميذ كتابة قصة وفق ما يشاهدون في الصورة، فادي يستفسر "أي نوع من الناس يمكن أن يسكن في بناية مثل هذه" يونج يشير الى راني ويقول يمكنه أن يرسم سكان البناية ليناسبوا القصة التي سوف يكتبوها، يبسم راني ويتناول قلمه الذي يجلب له الحظ، راني لا يحب الاستراحة يشعر بطولها وثقلها، لكن يونج يناديه، ليجلس بينه وبين فادي على نفس المائدة وفادي يهز براسه مرحبا، تنتهي القصة " ربما راني ليس خفيا الى هذه الدرجة"

رسالة الكاتب:

ضرورة ان يبحث كل منا في المدرسة والصف عن الولد الخفي، من أجل دمجه مع اقرانه واترابه بالصورة المثلى.

علينا الانتباه الى ظاهرة الاقصاء، وابعاد بعض التلاميذ من مجريات الامور في الصف والمدرسة مما يسبب لهم الألم والاحباط.

حتى المربية ممكن ان تكون شريكة، في اقصاء بعض التلاميذ، من خلال الا مبالاة، وعدم الاكتراث بما يجري بين التلاميذ خلال الحصة والاستراحة ومن خلال انشغالها عنهم والتأقلم مع الوضع القائم.

علينا الانتباه كمربين خلال الاستراحة، الى التلاميذ الذين يجلسون بهدوء ولا احد يحدثهم او يلعب معهم.

الطالب الخفي، في كثير من الاحيان، لا يملك الجسارة ليحدث المربي أو الأهل أو الاصدقاء عن عذاباته اليومية، هو في الأصل يمكن ان يكون يعاني من الانطواء والخجل ومن العسر التعليمي.

تأثير المجموعة وضغطها على الافراد بشكل سلبي.

الافكار المسبقة عن الاشخاص ومدى خطورتها، تهدم الشخصية وتقيد والعمل المشترك وتشوه الحقائق وتحبط العزائم وتعرقل الابداع.

تشجيع العمل في مجموعات في المدرسة، لأن هذه الطريقة قد تمنح الفرصة للجميع للعطاء، وتشجع على دمج الطلاب الذين بحاجة لدعم معنوي وتعليمي.

الولد الخفي، يمكن ان يمتلك العديد من المهارات كالرسم ولعبة كرة القدم والقراءة والحفظ، لكنه بحاجة ماسة الى من يرشده ويشجعه، ويعزز مكانته أمام اترابه، راني كان يملك مهارة الرسم والابداع، وحتى معلمة الفنون لم تلتفت له رغم انه رسم التنين الناري والمخلوقات الفضائية والكواكب،والقراصنة، وأول ممن اعجب به وبرسوماته، الطالب الجديد يونج، لكنه لا ينتمي الى المجموعة التي تقصي راني، ولا يعتمد على افكار مسبقة، كما انه شعر انهم سخروا من طريقة اكله، لكنه لم يهتم واندمج مع المجموعة بسرعة وكان دائما يلفت انتباههم الى راني ومهارته وبحقه في الجلوس والاكل معهم على نفس المائدة.

الولد الحفي يمكن ان يكون في المدرسة والبيت والعمل، وقد يكون في داخل كل منا في مواقف معينة، علينا ان نبحث عنه، وان ندعمه ونعزز وجوده، ونمنحه الفرصة اللازمة، ونشجع مواهبه، ونبحث عن الانسان الساكن في داخله.

خلاصة: قصة الولد الخفي، نجح الكاتب في اختيار العنوان المناسب، العنوان يحمل في طياته، مأساة الطالب الذي لا يلتفت اليه المعلم والطلاب، وحتى افراد المجتمع، ويتم هضم حقوقه، يبتلع الاهانات والاقصاء على مضض، كانه غير موجود بينهم على الاطلاق كانه شبح، أو وهم وغير مرئي، لكنه موجود بينهم، بكل حواسه وجوارحه، دوما يشعر بالضيق، رغم ان هذا الولد ممكن ان تكون لديه مهارات عديدة يفتقدها معظم التلاميذ،مثل الرسم المتقن والخيال الواسع والخصب، اضافة ان راني طالب خلوق، لم يكن يزعج معلمته خلال الحصة. القصة تعالج ظاهرة متفشية، وجود شخص لا نعيره اهتمامنا رغم حقه الانساني والشرعي في المساواة والعدل والانصاف. ايضا على الأهل التكاتف مع المدرسة لدعم هؤلاء التلاميذ، والعمل على دمجهم في المدرسة والمجتمع والبحث عن مواهبهم وتطويرها وتنميتها، والعمل على صقل شخصيتهم لمواجه التحديات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى