الأربعاء ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم غزالة الزهراء

لا أصدق

لا، لا أصدق أبدا أنها زجت بي داخل زنزانة الاتهام بأفكارها الغثة السقيمة غير عابئة بما يطبع علي اتهامها من آثار سلبية موحشة، هذا الاتهام الباطل الموغل في اللا حق تغلغل حتى الشرايين كسم الأفاعي المجلجلة.

بلا قيود تكبلني أرفرف حبورا، تنقر أصابعي بابها الباهت اللون، لدقائق معدودة، وعلى أحر من اللظى أنتظر، ألج إلى الداخل و بداخلي تتأجج أطياف الشوق كما تتأجج النار في عز الشتاء، أزهر كشجرة ياسمين لأنثر حولي عطرا منعشا يحيي روحا بعد ركودها، ولأعبق أجواء باتت كئيبة، أتخذ مكانا حميميا بمحاذاتها، أشعر بموجة ساحقة من الشغف النظيف تجتاحني مثلما يجتاح الدفء الجارف الشحارير في أعشاشها.
أرنو إليها بعينين حانيتين يرقد فيهما اطمئنان كبير، أبادرها بالسؤال عن حال صحتها، ترد علي بصوت يتمزق أسفا و شظايا: حالتي الصحية ليست على ما يرام.
بحركة سريعة من يدي أفتح حقيبتي الأشد اسودادا، أسحب ما بجوفها، أدس في راحة يدها بعض المال اليسير ليخفف عنها وطأة الحاجة.
ــ أنت دوما سباقة لمؤازرتي.
من غير تنميق أقول: أنت شقيقتي الكبرى، أنت جزء مني لا ينفصم، الواجب الإنساني النبيل يحتم علي مساعدتك.

ظلت علاقتنا الأخوية فواحة كباقة ورد، و متينة على مدار سنين طويلة.
وتتغير أختي من حال إلى حال .
هاجمتني من غير تردد كما تهاجم الغزالة الشاردة في قلب البراري: ماذا قلت بشأن ابنتي وفاء؟
ــ أأنت تمزحين معي؟
ــ أنا لا أمازحك، أذعت عنها خبرا سيئا جعلني أفقد صوابي.
ــ أي خبر هذا؟
ــ قلت عنها أنها عنست، ولن تنعم بالزوج الطيب، ولا بالذرية الصالحة.
ــ أأنت متأكدة من صحة ماتقولينه، أليس في الأمر التباس؟
أطرقت برأسها هنيهة، ثم زأرت غاضبة: أنت مخطئة، ماعليك إلا الاعتذار لابنتي حتى تصفح عنك.
ــ لا حق لك في اتهامي زورا و بهتانا دون استناد إلى أدلة واضحة.
غاصت بين جنبات الصمت مثلما تغوص حبة رمل في قاع بحر، انسحبت دون أن أحظى منها بالتفاتة، وتوارت عن بصري.
إنغرست في مكاني كالصنم، ابتلعت غيظي وعيناي المشدوهتان تعومان في هوة عميقة من فراغ سحيق لا قرار له.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى