الأربعاء ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم سلمان ناطور

ليس للجنرال ما يهديه...

لم يحلم الجنرال ليلة السابع والعشرين قبل نهاية العام، حلما مرعبا، فلم يستيقظ مذعورا ليصدر الأوامر الى طياريه بان يبدأوا القصف.

كان الجنرال منضبط الأعصاب تماما عندما أصدر الأوامر.

كان الجنرال واثقا من نفسه ومن قدرته الفائقة على التدمير.

الجنرال بطبيعته وطبعه يحب الانهاء السريع .

الجنرال بطبيعته وطبعه يتمنى ان ينتهي كل شيء بقذيفة واحدة.

الجنرال يحب أن يفاجيء وأن ينزل بالخصم ضربة قاصمة تقضي عليه من الآن والى بلاغ جديد.

انتظر الجنرال سماء صافية فوق غزة وسماء صافية فوق العرب وسماء صافية فوق العالم.

ضايقه سقوط المطر في عصر انحباس المطر واشتداد حرارة الكرة الأرضية وذوبان الثلج.

انشغل الجنرال بالبحث عن اسم شاعري يليق بالعملية.

في نظره ( يعتقد أنه ذو نظرة ثاقبة) هي عملية جراحية لاستئصال ما.

لا يهم ماذا يستأصل.

المهم أن يقتلع شيئا من مكانه الطبيعي، أن لا يترك شيئا قائما على حاله، والا كيف يكون التدمير ان لم يكن عملية استئصال؟

سوف يغبط الجنرال أن عمارة من عشرة طوابق قد استؤصلت ، أو أن عائلة من سبعة أفراد قد استؤصلت أو أن مدرسة قد استؤصلت.

الاستئصال هو المعنى الحداثي للابادة.

الجنرال فكر كثيرا وسأل واستشار علماء اللغة والشعر بحثا عن اسم.

الجنرال يحب الأطفال ويحب أن يقدم لهم الهدايا في العيد.

في سادس أيام عيد الحانوكا – الانوار، قدم الجنرال هداياه للاطفال الذين يحبهم:.

ثلاثة أطفال في الموجة الأولى، وخمسة آخرين في الموجة الثانية، وسبعة في الثالثة، وثلاثين في الرابعة.

عندما قدم الجنرال صورهم هدية الى الأطفال الذين يحبهم، قالوا له:

الصور ليست جميلة والأطفال يبدون قذرين بسبب الدم الذي يلطخهم.

(أطفال أيديهم ملطخة بالدم).

هكذا قال المراسل العسكري.

تفو..تفو..تفو..

تقول أغنية الحانوكا التي ينشدها اطفال سديروت [1]:

(معلمي أحضر لي لعبة رأسها من (الرصاص المصبوب) ..

هل تعرفون على شرف من؟

على شرف الحانوكا).

الجنرال يحب الأطفال الذين يحتفلون بعيد الأنوار بلعبة راسها من الرصاص

يصبون عليها غضبهم ومزاجهم الثقيل

الجنرال يحب الأطفال الذين يكاتبون أمهاتهم بال s m s

الجنرال يحب ألأطفال الذين يلعبون مع قططهم الصغيرة في ساعات الفراغ

الجنرال لا يحب الأطفال الذين يكبرون في بيت فيه عشرة أطفال

ولا يشربون "الشوكو" قبل أن يذهبوا الى المدرسة

ولا يصبون شرابهم في اوان من فضة بل من قصدير ورصاص

ولا يقرأون قصائد بياليك

فليس للجنرال ما يهديه للأطفال سوى الرصاص المصبوب.


[1من أغنية للاطفال للشاعر اليهودي القومي حايم نحمان بياليك


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى