الأربعاء ١٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم محمد الحريشي

مائة دِرْهَمْ

اليوم... يوم أحد
والوقت صباح باكر...
انسل دون أن يحدث ضجيجا...تاركا أهل البيت غارقين في نوم عميق
وجهته السوق الأسبوعي ..وسلاحه آخر مائة درهم ..
كان الجو باردا ...الأبواب موصدة..وصمت رهيب يمتد على طول الطريق الذي سلكه إلى محطة أخر الحي...
مازال الوقت مبكرا على انطلاق الحافلات... سيارات الأجرة كانت تمر متكاسلة بين الفينة والأخرى ..دون أن تثير اهتمامه.. كان ينتظر ً (خطافة) تحمله مباشرة إلى السوق بثمن ارحم على جيبه المتهالك..
لم يمر وقت طويل حتى بدأ الناس يتقاطرون ... وما هي إلا هنيهة حتى استقل هو وستة آخرون سيارة مرسيدس بيضاء متهرئة ..وأخذوا يطوون المدينة شارعا شارعا ..
لم يكن منشغلا كغيره بمراقبة صمت المدينة الصباحي...فقد سبح بعيدا في هموم الدنيا، مصائب الكراء والكهرباء وطلبات الأولاد وقلة ذات اليد في هذا في الزمن الأعجف ..
السوق عالم أخر.صخب وضجيج، وكأن صمت المدينة المطبق تمخض هنا.فأوجد هده الفوضى المنظمة.
كان يحس بالجوع وهو يجتاز المقاهي الشعبية ..... فلم يكن قد تناول فطوره بعد.. ولن يفكر في يتناوله هنا فما هي إلا ساعة أو ساعتين ويعود إلى البيت فما بحوزته من مال لن يكفيه حتى لما هو ضروري للبيت .
اجتاز سوق الدراجات .. الملابس... الأغنام ....دكاكين الجزارين دون أدنى اهتمامـ
فمند إحالته على التقاعد هجر أجزاء كبرى من السوق...وأضحى يكتفي بالتجوال في رحبة الخض، أو الملابس في أحسن الأحوال .
شكوى الخارجين من سوق الخضار أشعرته بالتذمر قبل أن يجله، الكل كان متذمرا من الغلاء والفوضى.
ومن خضار لآخر .. كان يشتري حينا ويطأطئ رأسه أحيانا .... ...بطاطس.. طماطم.. وبعض الفاكهة الموسمية الرخيصة ..هكذا امتص السوق دراهمه المعدودة ..وجعله يأخذ للطريق المختصر عبر رحبة البهائم إلى خارج السوق بحثا عن وسيلة نقل ارخص للعودة إلى البيت .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى