الثلاثاء ١٨ آذار (مارس) ٢٠٠٨
استضافة إسرائيل للمهرجانات في ذكرى النكبة
بقلم رانية عقلة حداد

مازال هناك ما يمكن فعله ذكرى للنكبة

ستون عاما مضت على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين... ستون عاما على قتل إسرائيل للأبرياء وتزوير الحقائق وانتهاك حقوق الإنسان، ازاء كل هذا ماذا قدمت السينما العربية والفلسطينية كما ونوعا يتلاءم وفداحة الحدث؟

يسترعي الانتباه ويستدعي التوقف ما حدث وما سيحدث لاحقا في عدة مهرجانات سينمائية عالمية هذا العام مع اقتراب الذكرة الستين للنكبة، حيث تمكنت الدوائر الصهيونية من استقطاب إدارة هذه المهرجانات لتبني وجهة نظرها بما يخص الصراع العربي الإسرائيلي وإقامة احتفاليات خاصة بمناسبة مرور 60 عاما على تأسيس الدولة الإسرائيلية، بدل من اقامة تظاهرة تستذكر النكبة الفلسطينية وتستنكر 60 عاما من الفظائع التي لا زالت اسرائيل ترتكبها بحق فلسطين والشعب الفلسطيني، كما حدث مؤخرا في مهرجان برلين السينمائي ال 58 - وهو من المهرجانات السينمائية الاوروبية المهمة- ومهرجان مونس لافلام الحب ال 24 في بلجيكا والحبل على الجرار، فالمهرجان الأول زاد عدد الأفلام الإسرائيلية المشاركة إلى خمسة أفلام بمناسبة تأسيس دولة إسرائيل، وأما الثاني فعرض عشرة أفلام إسرائيلية ضمن فقرة مخصصة للاحتفال بهذه المناسبة، مع عدم الاعلان عن هذه الاحتفالية مسبقا للمشاركين العرب، إنما وضعهم تحت سياسة الأمر الواقع، مما استدعى انسحاب المشاركين العرب وأفلامهم من المهرجان.

من الجدير بالذكر أن هذا التوجه والنشاط غير مقتصر على المهرجانات السينمائية، إنما يتسع ليشمل نشاطات ثقافية عديدة ودول آخرى كان بعضها نصير للقضية الفلسطينية كإيطاليا، فها هي في معرض تورينو للكتاب الذي سيقام في أيار القادم، تخصص احتفالية بهذه المناسبة وتستضيف إسرائيل كضيف شرف، مما أدى إلى انسحاب عدد من المشاركين العرب، واستصدار بعضها بيان استنكار... وكذلك الأمر مع معرض باريس...

إنما هذا يُظهر التخطيط والتنظيم الجيد من قبل الطرف الإسرائيلي على مدى سنوات، لتوسيع دائرة المتضامنين والداعمين لادعاءاتهم بما يخص الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص تلك الجهات المؤثرة في الرأي العام العالمي، كالمهرجانات السينمائية العالمية ومعارض الكتب، الامبراطوريات الإعلامية... فهناك اهتمام بتوجيه خطابهم للخارج وليس للداخل كما نفعل في الغالب، ومن جهة اخرى رصد الأموال سنويا لانتاج أفلام سينمائية تشارك بمهرجانات عالمية.

مقابل هذا النشاط الإسرائيلي ماذا هناك عربيا سوى الصمت شبه التام، فيغيب التخطيط من أجل استقطاب إدارة تلك الفعاليات السينمائية الدولية المهمة والمؤثرة في الرأي العام العالمي، وكسب دعمها للتعريف بقضيتنا واظهار الحقائق التي يحاول الطرف الإسرائيلي قلبها، كما يغيب اهتمام أصحاب رؤوس الأموال العربية باستثمار بعض أموالهم في انتاج سينمائي يخدم هذه القضية، فعدد الأفلام العربية المنتجة لتقدم حقائق الصراع العربي الإسرائيلي قليل جدا، وبعض هذا القليل قد لا لا يرقى لمستوى الحدث، الأكثر من هذا إنا نرحب كعرب بتمويل بعض مشاريعنا السينمائية، وأفلامنا العربية من قبل منظمات أوروبية وأمريكية تدعم التواجد الإسرائيلي في المنطقة العربية بمختلف الوسائل، وتحت شعار حوار الحضارات وقبول الآخر، تسعى إلى ترسيخ فكرة التطبيع مع إسرائيل، متوارية في فعاليات أو مهرجانات أو انتاجات تحمل اسم الشرق أو الشرق الأوسط أو المتوسطية أو الأورومتوسطية... وما إلى ذلك من التسميات.

لكن رغم هذا هذا الغياب العربي لا زال هناك ما يمكن فعله ازاء احتضان بعض المهرجانات السينمائية العالمية والفعاليات الثقافية المختلفة للمشروع الإسرائيلي الصهيوني، فلا يكفي انسحاب الفناننين العرب من هذه المهرجانات وحده، إنما يجب أن يكون هناك تحرك عربي - غير فردي- لعمل فعاليات ومهرجانات مضادة موازية لتلك المهرجانات التي تحتفي بانشاء دولة اسرائيل، بالتنسيق مع جهات وهيئات مناصرة للقضية الفلسطنية في ذات البلد، يعرض من خلالها مختلف الأفلام التي انتجها العرب والمناصرين للقضية الفلسطينية من غير العرب، والتي تبرز حقائق القضية الفلسطينية، وتؤكد مظاهر الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، كما تذكر بالمجازر والفظائع التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى