الأربعاء ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم أحمد أبو سليم

محكمة إبراهيم

في مَكَّةَ أَعلَنتُ حِدادي

أَسكَنتُ بِوادٍ مَهجورٍ غَيمَةَ حُزنٍ

دَمعي

هاجَرَ، وَالمَوتَ

وَعُصفوراً يَضحَكُ لِلذِّئبِ

وَهُدهُدَةً نامَتْ يَومينِ عَلى كَتِفي

عَطشى

تَحلُمُ بِالماءِ السّاكِنِ تَحتَ العَرشِ البَلّوريِّ

يُبَلِلُها مَطَراً...

أَلبَستُ رِدائي لِلدّوريِّ الهارِبِ مِثلي

مِن نارٍ ظَلَّت أعواماً في مَكَّةَ

توقَدُ مِن أَجلي

مِن قَلَمِ القاضي المَصقولِ كَحَدِّ السَّيفِ

لِيَحفِرَ آياتٍ عَنّي فَوقَ عِظامي

مِن مَحكَمَةِ المَقهورينَ

"وَإبراهيمْ"

قالوا وَالسَّيفُ عَلى عُنُقي

إنّي عَلَّقتُ عَلى كَتِفِ الوَثَنِ الأَكبَرِ

فَأسي ظُلماً

حَطَّمتُ بِفأسي آلِهةً

كانَت تَبكي طِفلاً مَنسيّاً في الطُّوفانْ

إنَّ الأَوثانَ لَها قَلبٌ- مِثلي-

وَدَمٌ، وَلِسانٌ

وَالحِنّاءُ عَلى كَفّي مُنذُ قُرونٍ

بَعضُ دِماءٍ مِمّا نَزَفَت

لَعنَةُ صَنَمٍ

إنَّ الوَثَنَ الأكبَرَ يبكي قَهراً بَحرَ دِماءٍ

سَيَفيضُ مِياهاً تُغرِقُ يَوماً وَجهَ الأَرضْ..

وَرَميتُ بِهاجَرَ في الصَّحراءِ

لِيَشرَبَها رَملُ الصَّحراءِ

وَتُمسي نِفطاً بَعدَ قُرونٍ

في أَسواقِ النَخّاسينَ

ذَبَحتُ عَلى بابِ الكَعبَةِ اسحق

وَإسماعيلْ

زَعَموا أَنَّ المَوتى في غَزَّةَ أَصنامٌ

عُجِنَت مِن ماءِ السَّيلِ الآسِنِ

وَالرَّملِ الأَسودْ

سَقَطَت في يَومِ الحُزنِ الأَكبَرِ

تَحتَ سَنابِكِ خَيلِ الشَّمسِ

المَجبولَةِ مِن عَرَقِ الشَّمسْ

وَاحتَرَقَت مِثلَ الأَشجارْ

نَسَجَت أَثوابَ حِدادٍ مِن زَبَدٍ

وَاغتَسَلَت بِرَحيقِ البَحرِ السّاكِنِ

لَيلاً

وَاصطَنَعَت عَرشاً كَذِباً مِن ماءِ البَحرْ..

قَد يَذكُرُ يا هاجَرُ بَحرٌ بَعضَ المَوتى

قَد يَذكُرُ بَعضَ الأَسماءْ

قَد يَبكي بَحرٌ عاماً مَوتاهُ وَيَنسى

لكِنَّ البَحرَ المَسكونَ بِغَزَّةَ لا يَنسى

أَنَّ المَوتى صاروا بَعضَ خُيوطِ الماءْ..

عَلَّقتُ عَلى كَتِفِ القاضي الأَكبَرِ فَأسي

وَبَكيتْ...

كانَ القاضي وَثَناً يَحفِرُ بِالسَّيفِ

عَلى بابِ الكَعبَةِ وَجهي ميزاناً مَقلوباً

وَالطُّرُقاتُ إلى هاجَرَ صَمتٌ

مِن غَزَّةَ حَتّى مَكَّةَ يَحرُسُهُ صَمتُ الأَوثانْ

كانوا آلهةً مِن رَملٍ

تَهتِفُ بالبَرقِ المُتَحَدِّرِ مِن غَيمٍ داجٍ :

"المَوتُ لإِبراهيمْ"

مَطَرٌ يَتَفَجَّرُ مِن غَيمٍ /حَجَرٍ

مَطَرٌ

وَالنّارُ تَموتُ بِطَعنَةِ ماءٍ في القَلبْ

وَأَنا أَمشي

وَحدي في اللَّيلِ إلى هاجَرَ

وَالموتِ

وَعصفورٍ يَضحَكُ لِلذِّئبِ

وَهُدهُدَةٍ عَطشى

تَحلُمُ بِالماءِ السّاكِنِ تَحتَ العَرشِ البَلّوريِّ

يُبَلِلُها مَطراً يَتَفَجَّرُ مِن غَيمٍ /حَجَرٍٍ

مَطَراً يَتَفَجَّرُ مِن حَجَرٍ

طوفاناً يَغسِلُ خَلفي وَجهَ الأَرضْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى