الأحد ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠١٩
بقلم عبد المجيد رشيدي

مخترع «كرة العين» المغربي محمد حمان

يبدو أن عقدة التفوق الأجنبي مازالت مستقرة عند الكثيرين منا، وربما أن لذلك الكثير من الأسباب، ولكن حتى مع وجود إحساس كهذا لدى البعض، فيجب أن لا نتخلى عن الثقة بأنفسنا، وبقدراتنا على المساهمة والإبداع، خصوصاً وأن لدينا أمثلة عربية أثبتت هذه الإبتكارات والقدرات، ولكن من يعلم أن مبتكري مجموعة من الألعاب الرياضية هم رجال عرب.
وبالمقابل فإن قائمة الألعاب الرياضية التي تمارس في العالم تربوا اليوم على المائة، يدخل ثلثها ضمن المنهاج الأولمبي تقريباً، وبإضافة الألعاب الشعبية تزيد عن المائتين أو أكثر، ومن ضمن الرياضات التي حصل بعضها على اعتراف عالمي، بينما لا زال بعضها الآخر ينتظر، ومن بين هذه الرياضات لعبة كرة العين، وهي أيضاً من ابتكار مغربي يدعى محمد حمان.

نعلم أن هناك ألعاباً رياضية ابتكرها عرب وحظيت بالإعتراف الدولي، إنها حقائق قد تعيد لنا بعض الثقة بقدراتنا وإمكانياتنا البشرية، وهي الأساس، وأن الكثيرين من العرب لا يقلون عن أقرانهم من الدول الأخرى إن لم يفوقوهم، وأن كل ما يحتاجون إليه هو الثقة والفرصة، سنحاول أن نلقي الضوء على هذه الرياضة وعلى مبتكرها.

إنه موضوع يستحق البحث والاهتمام، ولمناقشة هذه اللعبة يحضر معنا الدكتور محمد حمان (مبتكر لعبة كرة العين، ومؤسس ورئيس الجمعية المغربية لكرة العين).

س _ من هو محمد حمان؟

ج _ محمد حمان، مغربي من مواليد سنة 1964 بمدينة الدارالبيضاء من أصول سوسية، ترعرع وسط أسرة متوسطة الحال، درس سنتان بعد الباكالوريا، ثم حصل على ديبلوم تقني متخصص من المعهد الوطني للنسيج بفاس، التحق بعد ذلك بميدان العمل مباشرة، لكن طموحه للعلم جعله يلتحق بأحد المعاهد الكبرى ليتوج بدبلوم من المدرسة العليا للتسيير والتدبير بالدار البيضاء، ثم ديبلوم لتسيير المقاولات من سويسرا، ثم الإجازة المهنية من مؤسسة الاتحاد الأوروبي للتسيير فرع المغرب.

س _ كيف ولجت إلى عالم الرياضة خصوصا أنك من ابتكر كرة العين؟

ج _ من المفارقات أنني في طفولتي كنت لا أحب الرياضة ولا أحب المشاركة مع أقراني كون أبي رحمه الله منذ صغري كان يمنعني من الخروج إلى الشارع ليس قمعا ولكن خوفا عني خصوصا أنه لم يكن في حينا ملاعب أو أماكن مخصصة للترفيه، فكان الشارع هو المكان الوحيد للعب، و بعد التحاقي بالدراسة الإعدادية كان لازما علينا أن نمارس الرياضة بحكم وجود مادة التربية البدنية، لكن في كل مرحلة كنت أقدم شهادة طبية لكي لا أجد نفسي محرجا أمام زملائي الذين كانوا يجيدون ممارسة الرياضة من كرة القدم واليد والسلة وغيرها، غير أنه في أحد السنوات قدمت شهادة طبية كالعادة لأستاذ التربية المدنية السيد محمد الرحيوي، وكان بطلا في كرة السلة آنذاك، فمزقها في وجهي وأمرني بالإلتحاق بالتلاميذ للمشاركة وبعد أخذ ورد رضخت للأمر الواقع وانخرطت في الاندماج حتى بدأت أنسجم مع الرياضات، ومع ذلك كنت دائما أحتاط من الإصابات داخل الملعب لدرجة أنني في بعض الأحيان كنت أهرب من الكرة ومن مواجهة اللاعبين الذين يمتازون بالقوة البدنية، ومع مرور الوقت ودخولي إلى سوق العمل ابتعدت عن الممارسة الرياضية شيئا ما، خصوصا عند تواجدي بسويسرا وفي أحد الأيام قامت المدرسة برحلة إلى إحدى النوادي الرياضية وكنا أمام ملعب للبولينغ لعبنا فيه بعض الوقت وفي وجبة الغذاء حكى لنا الأستاذ "ريديرهوف" قصة إنشاء رياضة البولينغ ومراحل تطورها عبر العالم وكيف وصلت للعالمية رغم أن صاحب الفكرة كان فلاحا بسيطا.

منذ ذلك الحين وفكرة رياضة جديدة مترسخة في ذهني، لم أكن أتصور يوما أن أكون صاحب هذا الإنجاز، لكن كنت أفكر في رياضة ينعدم فيها العنف والإصطدام وتتوفر فيها تكافؤ الفرص في اللعب، كما تجمع بين مختلف فئات المجتمع في آن واحد، والحمد لله بعد عدة تجارب ومحاولات كلفتني جهدا بدنيا وفكريا وماديا خرجت كرة العين للوجود سنة 2006.

وبما أن هناك كرة القدم، وكرة اليد، لأنهما تعتمدان على هذه الأعضاء سميت هذه الرياضة بكرة العين، لأنها تعتمد على العين من البداية إلى النهاية، خصوصا أن اللعب فيها يرتكز على أربعة ألوان وهي : الأحمر والأخضر والأزرق والاصفر.

س _ أظن أنك تعرضت لعدة انتقادات ومضايقات على ابتكارك هذه الرياضة .. كيف استطعت أن تقنع بعض الجهات وتحول الفكرة إلى واقع؟

ج _ نعم كانت هناك عدة ضغوطات من عدة جهات وأنت تعلم ما أكثر أعداء النجاح، لكن التحدي كان هو السلاح الوحيد للمواجهة، والحمد لله استطعت أن أصل بهذا المشروع للعالمية، حيث كان أول مدعم لهذه الرياضة هو محمد بن راشد آل مكتوم ، عندما تم تنظيم جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي، والتي جاءت في وقت كنت في أمس الحاجة للدعم، فكانت بداية لخروج هذه اللعبة للعالمية، حيث التقيت في دبي بعدة شخصيات مهتمة بكرة العين، ومنذ ذلك الحين بدأت الدعوات تتقاطر علينا من مختلف الجامعات والكليات، من موناكو بدولة فرنسا، والجزائر، وإيطاليا، والعراق، وماليزيا، وبلجيكا، وروسيا .. حيث مكنتني هذه العلاقات ولله الحمد باقتراح إنشاء الاتحاد الدولي للعبة كرة العين، وكان ذلك سنة 2015 بمقر المدرسة العليا للأساتذة بالدار البيضاء، حيث ضم الاتحاد 16 دولة يمثلها 28 عضو.

حاليا والحمد لله وصلت كرة العين إلى ما يناهز 28 دولة أوروبية وإفريقية وآسيوية، وتعتبر البطولة الجامعية الدولية التي نظمناها مؤخرا في الدار البيضاء لخير دليل على هذا النجاح، حيث كانت من نصيب الشقيقة الأردن التي فازت باللقب ممثلة في الجامعة الهاشمية .

س_ هل دخلت بعض الدول في شراكة معكم بعد تأسيسكم للجمعية المغربية لكرة العين؟ أم أنكم مازلتم تبحثون عمن يحتضن هذه اللعبة؟

ج _ للأسف كان من الواجب أن يكون البلد الأم هو الشريك الأول والمحتضن الرسمي لهذه الرياضة لكن لحدود الساعة لم نجد تجاوبا حقيقيا، إلا من بعض المقاطعات والجماعات المحلية، وقد كان لي لقاء سابق بالسيد معالي وزير الشبيبة والرياضة، وكان اللقاء هادفا ومثمرا .

س_ بالنسبة للدول الخارجية هل هناك بعض الشراكات؟ أم أنكم مازلتم تبحثون عن من يحتضن هذه اللعبة الجميلة؟

ج _ تعتبر فرنسا هي أول بلد كان مساندا لنا حيث وفرت لنا مقرا للإتحاد الدولي، بعد لقائي بالوزير الأول الفرنسي ومستشاره في الرياضة بدعوة من هذا الأخير، وكان ذلك بعد لقاء السيد ماسيغليا رئيس اللجنة الأولمبية الفرنسية، في إطار الملتقى الرياضي الذي شهدته مدينة مارسيليا، اللعبة الآن هي تحت لواء الإتحاد الدولي لكرة العين، ووطنيا تحت لواء الجمعية المغربية لكرة العين، وقد بلغ عدد الجمعيات المهتمة بهذه الرياضة والمنضوية تحت لواء الجمعية وطنيا حوالي ثمانية عشر جمعية من مختلف مناطق المغرب، في انتظار تأسيس اللجنة الوطنية لوضع ملف رسمي لإنشاء الجامعة الملكية المغربية لكرة العين، هناك الجامعة الهندية لكرة العين وتضم تقريبا 35 نادي وجمعية، وجامعة غينية، وجامعة فرنسية، وجامعة جزائرية، في طور التأسيس.

س_ هل تفكرون في بطولة وطنية لهذه اللعبة مستقبلا؟

ج _ لقد نظمنا أربع بطولات لحد الآن، آخرها تتويج نادي الأمانة بطنجة، والدورات الثلاثة الأولى كانت على التوالي من نصيب جمعية شباب ميدلت لكرة العين.

س _ هل رياضة كرة العين لاقت مواكبة وتغطية إعلامية؟

ج _ للأسف الإعلام لا يواكب أنشطتنا رغم تواصلنا الدائم معه، ونتمنى أن يلتفت إلى هذه الرياضة الجميلة، وكما ذكرت لكم هدفنا الرئيسي حاليا هو إخراج الجامعة إلى الوجود، أما على الصعيد الدولي فنحن منهمكون في الاستعداد للدورة الثالثة للمؤتمر الدولي لكرة العين بمارسيليا، والذي لم نحدد تاريخه بعد، ثم استعدادنا للمشاركة في الدورة الثانية للبطولة الجامعية الدولية في الأردن، والمشاركة شهر غشت المقبل في مؤتمر الرياضة بالأردن كما ستنظم دورة تكوينية للحكام على هامش المؤتمر، ناهيك أننا سنقوم بزيارة لهيئة الرياضة برام الله بفلسطين، ولقاء السيد وزير الرياضة الفليسطيني بدعوة منه مباشرة بعد مؤتمر الأردن بحول الله.

من هذا المنبر أشكر السيد وزير الشباب والرياضة على دعمه ومساندته لهذه الرياضة ولهذا المشروع، فأنا أعتبرها مساندة للرياضة الوطنية خاصة والرياضة العربية بصفة عامة، وأن المغرب هو المستفيد الأول، لأن ترتيبه في الميدان الرياضي عالميا سيجعله يقفز قفزة متميزة كونه من البلدان التي وضعت للأجيال المستقبلية نشاطا رياضيا جديدا سيفتح الآفاق على عدة واجهات رياضية واقتصادية واجتماعية وسياحية وحتى سياسية، وهذا منصوص عليه في الرسالة الملكية حول المناظرة الوطنية للرياضة.

صراحة كنت سعيدا بلقائي بالسيد الوزير الذي كان متحمسا وفخورا بهذا المشروع المغربي، حيث أعرب لي عن اهتمامه بالموضوع، وأنه سيقوم بخطوات إيجابية من أجل إخراج الجامعة للوجود حتى نتمكن من السير قدما نحو تحقيق الأهداف المنشودة، وجعل رياضة كرة العين واحدة من الرياضات التي تنضاف إلى باقي الرياضات على الصعيدين الوطني والدولي.

يشار إلى أن محمد حمان، انتخب مؤخرا رئيسا للإتحاد الدولي لكرة العين خلال الجمع العام التأسيسي بمدينة الدارالبيضاء.


مشاركة منتدى

  • احيي و اثمن كثيرا هذا الاختراع الرائع و اتمنى له التوفيق و الانتشار في بقاع المعمور و ان تصبح رياضة شعبية في المستقبل و لما ان اكون انا ايضا لاعبا في هذه الرياضة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى