السبت ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
بقلم مهند عدنان صلاحات

مسلسل (زمن الخيول البيضاء)

بين أيدي نجدت أنزور
ابراهيم نصرالله
ابراهيم نصرالله

كشف محمد زعيتر المدير التنفيذي لشركة طارق زعيتر وشركاه في الأردن والتي سبق لها أن أنتجت باب الحارة بجزأيه الأول والثاني وعدد أخر من الأعمال التلفزيونية، إلى أن العمل التلفزيوني الضخم الذي قد تم الإعلان عن إنتاجه نهاية العام الماضي (زمن الخيول البيضاء) في ثلاثين حلقة تلفزيونية، عن رواية تحمل ذات الاسم للروائي والشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله، قد أصبح الآن بين أيدي المخرج السوري نجدت أنزور، والذي سيباشر خلال الأيام القادمة الإعداد لأماكن التصوير، وتجهيز طاقم الممثلين، ليكون العمل ضمن عروض شهر رمضان 2009.

كما أوضح زعيتر بذات السياق، أن حلقات العمل التي انتهى مؤخراً من كتابتها نصر الله نفسه، ترصد كما في الرواية جزءاً هاماً من تاريخ الشعب الفلسطيني، تشكل واحدة من أهم الروايات التي عالجت الواقع الفلسطيني في ثلاثة حقب زمنية (العثمانية، البريطانية، الإسرائيلية) وتعاملت مع الجوانب الإنسانية في القضية بوصفها قضية إنسانية خالصة، وبرؤية تُظهر تفاصيل الحياة الفلسطينية بكل عاداتها وتقاليدها وتراثها وروح الإنسان الفلسطيني النبيلة.

مضيفاً: أن العمل التلفزيوني سيبدأ أحداثه في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وصولاً لعام النكبة عام 1948، شاملاً العديد من المفاصل الكبرى لهذه الفترة الزمنية الصاخبة بالأحداث بالغة التعدد، والصراع المرّ بين الفلاحين الفلسطينيين من جهة وزعامات الإقطاع في هذا الريف الفلسطيني والمدينة والأتراك والإنجليز والمهاجرين اليهود والقيادات العربية من جهة ثانية، متعمقاً كذلك في الصراع بين رهبان الكنيسة الشرقيين والغربيين من جهة أخرى، حيث يصور بشكل غير مسبوق ذلك الصراع الذي نشأة بين المسيحيين الغربيين والشرقيين _الفلسطينيين، على زعامة الكنيسة في القدس والأديرة التي قامت حولها من ناحية أخرى، وعلى اختلاف الرؤى والمواقف الوطنية تجاه القضية الفلسطينية.

وعلى جانب أخر، تبتعد الرواية عن التفصيل في استعراض المشاهد والأحداث الكبرى التاريخية، كي تخرج عن إطار العمل الوثائقي، وتبقي نفسها ضمن رؤية تلفزيونية لمرحلة زمنية حقيقية، فإن العمل التلفزيوني هذا سيركز أكثر على العادات والتقاليد الفلسطينية، والحكاية الشعبية والشهادة الشفوية والأغنيات والأهازيج الشعبية والمتعلقة عادة بالمواسم الزراعية أو الأحداث؛ وما بين تفاصيل الحياة اليومية الشعبية الريفية والمدينية، وتفاصيل اللجوء، والحب والحرب في مشهد إنساني خالص.

ولأول مرة في عمل عربي تلفزيوني ستلعب الخيول دوراً رئيسياً في العمل، ليس فقط بمسمياتها كما يحدث بالعادة في الأعمال التلفزيونية العربية، إنما في قيام الخيل بالتدخل في مجرى الحدث الدرامي، ورسم خطوطه، لتضيء ذلك المشهد الفريد ميثولوجيا الخيل أعمق زوايا أرواح الشخصيات والقيم الكبرى لمجتمع بالغ الحيوية في طقوسه وحكاياته وأغانيه، حيث تلعب الخيول أدواراً رئيسية كشخوص أساسية في العمل الروائي الذي يأخذ الإبداع الروائي الخيالي جانباً منه، وجانباً أخر يعتمد على التوثيق للتاريخ الاجتماعي الفلسطيني.

وأشار محمد زعيتر كذلك إلى أن أهمية هذا العمل التلفزيوني، كأهمية الرواية المقتبس عنها العمل، هو ذلك الزخم الكبير الموظف بشكل متقن، لتلك العادات والتقاليد والسلوك الاجتماعي لتلك المرحلة التي بدأت تتلاشى عاداتها وتقاليدها، فيعيد رسم تلك المرحلة بشكل يجعل المشاهد العربي يعيش تلك التفاصيل مرة أخرى وكأنها حدثت البارحة.

أما عن اللهجة التي سيتم استخدامها، فهي بالغالب لهجة فلسطينية متوسطة ما بين لهجات المجتمع الفلسطيني ككل، فهنالك لهجات ريفية، مدنية، بدوية، تحضر فيها بشكل كبير مفردات شعبية خاصة في واقع البيئة ذاتها، في سعي دؤوب لإحيائها، ليضيف في كل خط درامي في العمل معلومة جديدة منتقاة بدقة من مصادر عدة، عاد لها نصر الله، مستعرضاً عبرها كذلك حكمة رجال الريف الفلسطيني، عبر مواقف تجلت بها هذه الحكمة التي حملت الكثير من الصبر، كما حملت رؤية الانفتاح الاجتماعي الذي تجلى أيضاً في احترام المرأة والفرس أيضاً التي شكلت هي الأخرى في ذلك الوقت شرفاً يستحق الذود لأجله كما المرأة، مما يستوجب إعادة قراءة التراث والتاريخ العربي والفلسطيني المعاصر مرة أخرى برؤية عصرية.

يقول بطل الرواية الحاج خالد، في أحد فصولها: (أنا لا أقاتل كي أنتصر بل كي لا يضيع حقي. لم يحدث أبداً أن ظلّت أمّة منتصرة إلى الأبد. أنا أخاف شيئاً واحداً: أن ننكسر إلى الأبد، لأن الذي ينكسر إلى الأبد لا يمكن أن ينهض ثانية، قل لهم احرصوا على ألا تُهزموا إلى الأبد)، فيلخص بهذه العبارة الفكرة الأساس التي يحملها العمل، وتصوراتها ونظرته الإنسانية الخالصة للقضية الفلسطينية العربية بعد مضي ما يقارب الواحد والستين عام على احتلال فلسطين.

مسلسل "زمن الخيول البيضاء، دعوة للبحث عن الحياة في فصول التاريخ والحاضر، وحكاية شعب حقيقي من لحم ودم كان يحيا فوق أرض حقيقية له فيها تراث وتفاصيل أكثر من أن تحصى وأكثر من أن يغيّبها النسيان، ووجود ممتلئ صخبا وتوترا وفرحا ومآسي وأحزانا. رواية ملحمية كبيرة تقول: لقد كان الفلسطينيون دائما هنا، ولدوا هنا وعاشوا هنا وماتوا ويعيشون..

وتغطي (زمن الخيول البيضاء) وحدها ستين سنة من تاريخ الشعب الفلسطيني، بدءاً من نهايات القرن التاسع عشر، حتى نكبة فلسطين عام 1948. ليأتي توقيت صدور هذه الملحمة متزامنا مع اقتراب الذكرى الواحدة والستين لنكبة فلسطين وكذلك إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية. حيث يذهب العمل إلى فترة زمنية لم يسبق للرواية أن ذهبت إليه، لتصوِّر حياة الشعب الفلسطيني في فترة قاتمة هي نهايات الإمبراطورية العثمانية، حيث يولد بطل الرواية الذي يشغل الأجواء القروية المحيطة به بحكايات شجاعته وحكايات حبه، وتعلّقه المجنون بمهرته البيضاء "الحمامة". ومع زوال الحكم التركي وبداية عصر الانتداب الإنجليزي على فلسطين تبدأ الهوية الإنسانية والوطنية لهذا البطل الملحمي بالتشكل أكثر، مصورة أيضاً طموحات الشعب الفلسطيني وبدايات تشكل هويته بعد قرون طويلة من الحكم التركي، في زمن تتدافع فيه أكثر من قوة لسلبه هويته وأحلامه المشروعة.

بين أيدي نجدت أنزور

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى