الجمعة ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
عشاء
بقلم رانية عقلة حداد

مقاربة لمشاعر الشخصيات الداخلية

العشاء الذي يسبق الموت... أنه العشاء الاخير الذي اعدته الاسرة لأبنتهم، وقصة الأبنة تلك تشبه قصص واقعية كثيرة لفتيات ذهبن ضحية جرائم الشرف في مجتمعنا العربي، واذ يتناولها هنا الفيلم البحريني القصير "عشاء"انتاج 2007، إلا أن المخرج حسين الرفاعي يولي الاهتمأم لأبراز المشاعر الداخلية لشخصياته وتحديدا في اليوم الذي حدثت فيه الجريمة.

لم يعتمد المخرج في اسلوبه على الحوار كاداة تعبير، انما جاء الحوار بالقدر اللازم لمعرفة معطيات قصة الفتاة من خلال بوحها لالة التسجيل، فنعلم حينها انها احبت شأبا غرر بها فاضطرت أن تجهض الجنين الذي حملت به بعد أن هربت من منزل اسرتها، لكنها لم تقوَ على العيش بعيدا عن اسرتها فعادت طالبة السماح والمغفرة منهم عما حدث معها، فنفهم لاحقا مبررات فعل القتل الانيق الذي تقوم به الاسرة (الأب، الأم، الاخ) من خلال وضع السم في طبق الأبنة بينما يتناولون العشاء سوية حول الطاولة، اسلفنا أن المخرج لم يعتمد على الحوار لكنه اشتغل على شخصياته كي تعبر عن غضبها الداخلي من خلال الصمت وقسمات الوجه ونظرات العين وباشاحة النظر احيانا، وكان ذلك كافيا لخلق حالة التوتر والترقب لدى المشاهد لما سيحدث وخصوصا في المشهد المطبخ حيث الأم تعد العشاء يدخل الأبن وبعده الأب ويتبادل ثلاثتهم نظرات تشي بان شيئا ما مقلق يتم ترتيبه ويبقى مبهما... ولم يضعف الايقاع الهادئ للفيلم حالة التوتر على العكس فقد كانت النظرات المتبادلة تشحن بعضها البعض وتشحن المشاهد معها كلما طالت، ولكني اذ اقول الشخصيات فاقصد بها؛ الأب والأم والأبن والأبنة قبل دخول الاخ عليها في الغرفة لان الحالة النفسية والقلق الذي عشناه معها في الكأبوس الذي استيقظت عليه في مطلع الفيلم والدم يسيل منها، والحالة الاسى التي كانت تصاحب صوتها وهي تبوح لالة التسجيل، لم يجد له استمرارية فيما بعد، انما بدت مستغربة لتحول معأملة اهلها وكأنها لا تدرك هول الفعل بالنسبة لهم وبان الأمر لن يمضي بسهولة، في الوقت الذي لم يصدر فيه من الاهل اي فعل او ايماءة تدل على أمكانية المسأمحة، فجاءت ردة فعلها واستغرأبها واستمرارها بالتعأمل مع الوضع بشكل طبيعي غير مقنع، نتفهم أن المخرج ارد أن يقدم الأبنة بمظهر البريئة التي ستصبح ضحية الاهل والمجتمع...

لكن في الواقع ظهرت سذاجة في استغرأبها وعدم استشعرها الخطر، أن هذه الملاحظات لا تنتقص من الجهد المبذول في العمل، ولا بالاسلوب الخاص الذي يتمتع به المخرج في باكورة افلأمه، وهي من الافلأم ذات الميزانية المنخفضة التي غأمر المخرج وقأم بانتاجها بنفسه.

ملاحظة اخيرة بدت الأم في الفيلم اكثر الشخصيات قسوة رغم انها لم تكن صاحبة القرار ولا المحرضة على الفعل انما الأب كما فهمنا من النظرات المتبادلة، إلا أن غضب الأب كان واضحا حين تجاهل وجود أبنته وهي تحادثه محاولة رأب الصدع، بينما في احد المشاهد كانت الأم تمشط شعر أبنتها بقلب بارد وهي تدرك الجريمة التي ستشارك بفعلها لاحقا، فبدت اكثر قسوة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى