الجمعة ٢ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
قراءة في عنوان مقالة للأستاذ محمد المعزوز
بقلم محمد المهدي السقال

ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية *1

موقف شخصي أم استنتاج علمي ؟

ملاحظة العنوان :

لست أدري فيما إذا كان الأستاذ المعزوز، قد أنجز بحثا أكاديميا حول النقابات من موقع تخصصه كباحث في الأنتربولوجيا السياسية ، حتى يمكن الاستـئـناس بـمسـتـنـتجاته في التعاطي مع الشأن النقابي ...

ولست أعرف للأستاذ الباحث ، حضورا على الساحة الفكرية ، كطرف ينظر لأطروحات يعـتـقـدها أو يـقـتـنع بفاعـليتها في إعادة بناء
الحياة المعرفية والفكرية ، ذات الصلة بالموضوع التربوي ....

بل لم أعرف للأستاذ توجها يذكر به في السجال الثقافي والسياسي ، في خضم السؤال عن المشروع المجتمعي ، سواء قبل أو بعد إرهاصات التحول نحو ما يسمى بالمجتمع الديمقراطي الحداثي ....

لكنني أعرف الأستاذ محمد المعزوز، مسؤولا عن تسيير الإدارة التربوية والتعليمية ، في إطار التنفيذ الوظيفي لأدوات أجرأة ميثاق التربية والتكوين ، باعتباره نائبا عن الإدارة الوصية ....

وليس غريبا أن يكون الأستاذ مهتما بموضوع الإضرابات في الوسط التعليمي ، بحكم معايشته للظاهرة و انشغاله بأسبابها وتبعاتها ، ضمن التفكير في تجاوز ما يمكن أن يكون عائقا في وجه تمرير ما هو ملزم بتطبيقه ...

لكن الغريب ، أن يشهر مقولاته حول مجال بالغ التعقيد ، إن لم يكن عميق الحساسية ، بالنظر لتأثيراته على مسار التبادل التواصلي ، بين مختلف الفرقاء المعنيين بحيثيات فعل الإضراب ،لأن ممارسة النقابات للإضراب، أكبر من أن تحجـم في مفردات ، أبعد ما تكون عن الحقل التربوي والتعليمي ، خاصة إذا كانت تصدر عن أستاذ باحث في الأنتربولوجيا السياسية ... يفترض فيه أن يكون مهتما بحفريات الظواهر وتوصيفاتها العينية ، قبل تولي إصدار أحكام قيمة ، محكومة بالظرفي والذاتي .
كم تمنيت لو أنه عالج قضايا وظواهر في الحياة التعليمية بنيابته من موقع تخصصه ، فربما أفاد واستفاد ، وربما ساهم بالبحث الميداني ، في حل كثير من المشكلات التي يعرفها الإقليم الغربي , ضمن سياق الاختلالات التي يعانيها التطبيق على أرض الواقع
....
و كم كنت أتمنى ، لو أن الباحث في الأنتربولوجيا السياسية ، يسمح لنفسه بالظهور في الناس ، من خلال موقعه المهني تصريحا ، كنائب لوزير التربية الوطنية ، بعد استئذان السلطة الوصية عليه طبعا ، لأن ما صدر عنه الباحث في تأليف خطابه ، ليس بحثا ميدانيا ، تتوفر فيه أبسط الشروط العلمية قبل الأكاديمية ، بقدر ما هو موقف أملته ظروف المعاينة و المعايشة لمسارات احتجاجية في الوسط التعليمي بنيابته الإقليمية ، يدل على ذلك ، الطابع الانفعالي في تركيب العبارات ، والميل إلى استباق إصدار أحكام تعميمية ، تأخذ لبوس الاستنتاج العلمي تحت غطاء الصفة .

أما بعد :

فلست هنا بصدد التعليق على أطروحات المقالة ، لأني أتركها لذوي الاختصاص ، كي يفندوا ما بها من تخريجات انتربولوجية ، إن لم تكن تقليعات إعلامية ، وقد لا يجد المبتدئ في المجال النقابي ، مهما كانت حساسيته ، صعوبة في الرد عليه بأمثلة من الواقع المعيش ، تنفي ما ذهب إليه من ادعاء ، بأن * ممارسة النقابات للإضراب ، تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية * ، خاصة إذا تم إدراج كتابة المقال الموجز من غير تكثيف ، ضمن سياق التعبيرات الظرفية’(النص في الأصل استجواب صحفي مع الدكتور) ، عن مواقف الخطاب المضاد ، من الفعل النقابي على الساحة التعليمية ، وهي في مجملها تؤسس لثقافة نقابية رسمية ، يمكن من خلالها احتواء ما تبقى من شرارة الحضور النقابي الفاعل وطنيا ، تحت أغطية شتى ، منها البحث الانتربولوجي السياس ، والبحث منها براء .

وما سأقوم به ، ليس أكثر من وقفة متأنية مع العنوان ، من خلال تحليل مكوناته على أساس الخلفية المعجمية ، وما تحيل عليه من إيحاءات ، نربطها عادة بالتأسيس لفرضية القراءة ، في التعامل مع النصوص في الصف التعليمي.

لكن لماذا هذا التعامل بالذات ؟ مع مقال :

* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية ظلامية *

بعد قراءة ما كتبه الأستاذ محمد المعزوز ، وجدت أن صاحبه قد استنفد القول المراد بالنص ، في جملة العنوان الطويل ، بألفاظ لا تربط بينها وحدة الدلالة ، ناهيك عن أن تكون مرتبطة بالمضمون الذي راهن الكاتب على الإقناع به ، لأن الحقول الدلالية التي ترتبط بها كل كلمة في العنوان ، متنافرة من حيث مجال الاشتغال ، بل يمكن الذهاب إلى أن الرابط بينها، لا يقوم إلا على الـتـمـحـل والقـسـر، باعتبار التباعد والخرق الذي يرفضه حتى المجاز، بين الإضراب والدكتاتورية مثلا... لأن الأمر لا يعدو أن يكون ضربا من الوجهين : إما أن استعمال الألفاظ عائد على الحقيقة بما هو متواضع عليه في الأصل اللغوي ، والاحتكام في الفصل بين مدلولاتها إلى المعاجم بالضرورة لرفع الإبهام ، و إما أن استعمال الألفاظ عائد على المجاز، وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له في الأصل لعلاقة غير المشابهة ، لأنه ينتقل إلى الاستعارة على التشبيه, وكلاهما محكومان في التعريف بالقرينة المانعة لفظا أو معنى .

ووجدت بعد القراءة الأولى أيضا ، أن الموضوع المعالج في مقالة الأستاذ الباحث الأنتربولوجي في السياسة ، قد أغـمـط حقه عرضا وتناولا وتحليلا ، حين تم الاكتفاء فيه بالتلويح والتلميح ، على طريقة : إياك أعني واسمعي يا جارة .... فلا عمق في التفكير ولا بعد في الدلالة ، بل لا مقاربة تتوسل بالمنهج في الطرح والتحليل ، وبدا لي جليا أن المقالة ستذهب أدراج الرياح ، لأن المعنيين بالخطاب النقابي وحتى السياسي ، لن يجدوا فيها رؤية جديدة أو بديلة ، تغني الحوار و ترتفع به عن الذاتي المـنـاسـبـتـي ، مما سيجعلها في النهاية عرضة للتلف والضياع، مثلما ما يحدث لبعض الكتابات التي يكون الداعي إليها تسرع ينتهي إلى التسطيح ، إن لم يكن لغاية في نفس يعقوب ....

ثم كان السؤال عن مرجعية مفردات العنوان : * ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية ظلامية * ، قبل التساؤل حول خلفية تركيبه اللغوي ، في الذهن تفكيرا و رؤية ، في اتجاه تكويـن الانطباع في النفس والعقل ، بأن صاحب المقالة للأسف ، لم يكلف نفسه عناء التقصي في المبنى اللغوي ، بعدما لم يكلف نفسه عناء التحري في المعنى المستهدف بالإبلاغ .

وقد كانت العودة للمعاجم اللغوية و التاريخية ضرورية ، للتحليل والتعليق ، غير أن ضيق حيز النشر ، لا يبدو مسعفا لتقديم الجرد المطول بالمصادر المستأنس بها كالقاموس ولسان العرب والخصائص والعين وتاج العروس والمصباح وغيرها ، لذا سيتم الاقتصار على التنبيه و الإشارة إليها ضمن السياق .

الممارسة ، ما يصدر من فعل عن الإنسان على سبيل الاتصال في الزمان والمكان ، إما على سبيل القيام بالموكول إليه ، وإما استجابة لرغبة ذاتية تنزع إليها النفس عن هوى أو اقتناع .... والممارسة من * مرس* بزيادة الألف للمفاعـلة ...... والممارسة إفرادا ، على الوحدة والاتفاق، تلغي التنوع والتعدد فيها، كأنها واحدة في كل مجال .

جاء في القاموس المحيط للفيروز أبادي : مارسه ... عالجه و الممارسة .... المعالجة ، و المـرس بكسر الراء ، الشديد الذي مارس الأمور وجربها.

لقد أضيفت الممارسة في العنوان للنقابات على أساس صدورها عنها بالفعل ، بعد افتراض تحقق المعالجة والتجريب ، مما يستدعي ضرورة التعريف بالمضاف إليه (النقابات) ، وهي جمع للمؤنث السالم على القياس فيما مفرده على وزن فعالة (نقابة) من فعل نقب ... وكل المعاجم على مذهب الاتفاق ، حول دلالة اللفظ اتصالا بالعلم والمعرفة والعقل والمشورة ، قال سيبويه : النقابة بالكسر الاسم وبالفتح المصدر، وفي لسان العرب وفي القاموس المحيط : و نقب على القوم نقابة بالكسر فهو نقيب أي عريف و المنقب بالكسر والتخفيف ، الرجل العالم بالأشياء الكثير البحث عنها

وعند الحربي في غريبه : والنقيبة النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأي ....وعند غيرهم إجماعا بالمتواتر في اللغة والاصطلاح : النقيب الأمير على القوم ، وقد نقب نقابة ، ونقب قومه ينقب نقابة ، إذا كان نقيبا ،والنقيب شاهد القوم والنقيب العريف وهو شاهد القوم وضمينهم.
معنى ذلك ، أن المضاف إلى الممارسة بالفعل من النقابة مفردا وجمعا ،لا يفترض فيه بالدلالة اللغوية، إلا أن يكون عن معرفة أصلها العقل وسبيلها المشورة، عدا أن يكون النقيب فيها شاهد القوم وضمينهم... وينفي ذلك ، ما ذهب إليه الأستاذ من ربط ممارسة النقابات بالدكتاتورية والعدوانية والظلامية ، إلا أن يكون قد ربط بين المتنافر على الدلالة الواقعية بالخبر والمعاينة ، وهو ما يمكن الوقوف عنده لاحقا ، بعد الاستمرار في تحليل مكونات العنوان ، قبل التسرع في الحكم على النية والقصد من التركيب اللغوي ، بعد الخروج بمدلولاته عن الأصل في الاستعمال.

غير أن المعنى بإضافة الممارسة للنقابات ، لا يستقيم بغير إسناد المصدر الذي ينوب عن الفعل ، إلى ما يقع عليه مفعولا ، وهو الإضراب.
الإضراب مصدر فعل *ضرب* مزيدا بالهمز ، ليس من أجل التعدية باللازم ،لأنه لا يستقيم دلالة بغير المفعول بمختلف أنواعه ، وإنما للانتقال بالحدث من مستواه المادي المرتبط بأداة خارجية ، إلى الفعل المعنوي المرتبط في الإنجاز بالذهن على التغليب ، إذ أنه في ثلاثيه متعلق بما يتم به تحقق الفعل الواقع على المفعول بوسيلة ما , فحين نقول : ضرب الشرطة المعتصمين، لا بد أن تكون هناك أداة لتحقق دلالة الفعل، كالعصي مثلا ، بينما ينتقل نفس الفعل مزيدا ، إلى الانجاز على أساس قدرة الاستعداد في النفس داخليا ...... لذلك دل المزيد بالهمز على الفعل المعنوي من قبيل : أضرب فلان عن هذا الأمر إضرابا ، كف عنه ، و أضرب عنه أي أعرض . والمضرب : المقيم في البيت ، وأضرب الرجل في البيت : أقام . ومصدره على الإفعال قياسا ، مفيد لنفس المعنى العائد على حركة أو حدث في النفس

و العقل: يقول الشاعر:

لَمَّا وَثِقْتُ بـأَنَّ مـالَكَ مالِـي *** أَصْبَحْتُ عن طَلَبِ المَعِيشةِ مُضْرِباً

والجملة السابقة : ( ممارسة النقابات للإضراب ) مبتدأ بحاجة إلى متعلق يتمم المعنى بالخبر ، و يحدد طبيعة الممارسة الواقعة على الإضراب مفعولا به للمصدر،لأن حرف الجر زائد،على تقدير/ ممارسة النقابات الإضراب فتحا....

هذا المبتدأ الجملة الاسمية ، لا تحيل دلالات مكوناته اللغوية مفردة ومجتمعة، على ما يخالف العقل في الفعل والمصدر، فالممارسة المعالجة ، والرجل المرس بكسر الراء ، الشديد الذي مارس الأمور وجربها..... والنقابة من نقب فتحا على المصدرية، ترتبط بفاعلها الدال على الرجل العالم بالأشياء الكثير البحث عنها ... ، و النقيب شاهد القوم والنقيب العريف وهو شاهد القوم وضمينهم ...

أما الإضراب بمعنى الترك والكف والإعراض ، فلا يكون إلا مما ير فضه العقل ويأباه .

غير أن البحث عن الخبر في العنوان ، سيصرف القارئ عن كل معنى تؤول إليه مفردات المبتدأ ، ليصلها بالجملة الفعلية على التحقيق والخبر : ( تعبر عن دكتاتورية عدوانية ظلامية ) .

أما * تعبر* بصيغة مضارع فعل * عبر* بالزيادة تشديدا ، لتدل على صدور الفعل عن إرادة لها تجسيدها بما وسع الإنسان من اقتدار ، فإنها تقبل التجاور مع السابق على الاشتراك الذهنـي ، لأن المصادر المؤلفة للجملة الاسمية الأولى ، تحيل على أفعال الذات في النفس ، بما يتناسب مع تجاوز الاعتلال إلى العلاج ممارسة ، والارتباط بالعلم و التجربة نقابة، والتعلق بالإعراض والامتناع إضرابا .

والزيادة بالتضعيف في فعل * عبر* ، ليست زيادة لحاجة التعدي إلى المفعولية ، لأن الفعل في ثلاثيه يقع على مفعول بالضرورة ، إنما تدل على تخصص الفعل بما يتصل بالذهن والتفكير، ولعله بذلك ، أوثق صلة بما يعن في النفس شعورا أو لاشعورا ، كما يدل على ذلك، ارتباط المصدر* التعبير*بالرؤى والأحلام وما تؤول إليه من تأويلات وتفسيرات....وليس غريبا أن يتحول *عبر* ، من الفعل المتعدي مجردا، إلى اللازم مزيدا ، فلا يحتاج إلى ما يقع عليه فعل الفاعل مفعولا إلا بحرف الجر الزائد ، ليؤول التعبير في النهاية إلى ما يتصل بالنفس على السجية والأصل في الطبع ...

والجملة الفعلية بالمضارع الدال على الحال والاستقبال ، وفاعلها العائد إضمارا على الممارسة ، خـبـر للجملة الاسمية الأولى ، (ممارسة النقابات للإضراب تعبر) ، سواء قدرنا التأويل على المصدر( تعبير) أو على اسم الفاعل (معبرة) تأنيثا.... والإخبار بحمولة ما يكون مادة للتعبير، من قبيل ممارسة النقابات للإضراب ، ليس بالضرورة مما يصدق حمله على التحقيق ، لأن الجملة الخبرية في النحو كما في البلاغة ، تبقى محتملة للتصديق والتكذيب ، بمعنى أن المتعلق الذي يقع عليه الفاعل لاحقا في الجملة ، ( عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية )، لا يمكن أن يحمل إلا على التأرجح بالتخصيص دون الإطلاق على التعميم ، أما إذا حاول القارئ الربط بين إفادة تلك الألفاظ لغويا ، وما تفيده مدلولات الكلمات في جملة المبتدأ ، فإنه سيجد في التركيب دفعا لقيد التناظر في العبارة ، لأن ما تحيل عليه ( دكتاتورية عدوانية و ظلامية ) ، من عنف وجبروت وطغيان على سبيل الإضرار بالآخر بغير حق ، مخالف لما تحيل عليه (ممارسة النقابات للإضراب) ، من فعل دال على الموقف الصادر عن استواء في الفكر والوجدان ، بل سيجد القارئ نفسه مطالبا بالبحث عن علة الربط بينهما في العنوان ، متسائلا عن كليته المؤسسة على التناقض مبنى ومعنى ، وقد لا يخرج السؤال عن المصدر في الإخبار بأن : *

ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية * عن أحد الافتراضين ، فإما أن يكون القول على التصريح بما أوصل إليه البحث والتقصي بالعلم والاختبار، و إما أن يكون القول على التلميح بما ترسب في النفس من فيض الانفعال والضيق بالعجز عن الفهم و التفهم ، ناهيك عن الاقتدار على التحكم فيما تأخذه ممارسة الإضراب ، من أبعاد الإعراض والكف ، وتبعات الامتناع ، بما هو رفض يهدد هيبة الممتنع عنه نصبا ، قبل أن يزعزع سلطتـه ....

من هذين الافتراضين، تناسل التساؤل الملحق بالعنوان في هذا المقال ، حول المصدر في حكم القيمة المخبر به على التحقيق بأن :* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية * ، هـل هـو موقف شخصي أم استنتاج علمي ؟

فإن كان المصدر رؤيـة الذات وعيا و وجدانا ، فلن يكون مطبوعا بأكثر من الانفعال دفاعا بـرد الفعل على السلب ، والوعي قد يكون زائفا تحكمه بلاوعي آليات التوهم صناعة ، للاحتماء مما يكون هجوما بقوة الواقع ، على ما لا يوجد إلا في الوهم قناعة ... لذلك ، فالموقف الشخصي مصدراً ، يثير الشفقة على صاحبه ، كما تـثـيـر رقصة الحبل خوفا على الراقص فوقه ، علما بأن عدم وقوع السقوط في الحال ، لا يلغي إمكانيته في الاستقبال ، وتزداد هوة الشفقة غورا ، حين يكون القائل ممن يصفه أهله ، بالكاتب الباحث في الانتربولوجيا السياسية ، لأن ما انتهى إليه علمه ، مناقض بالقلب لكل ما شهد به الفكر والواقع .. وإلا كيف يمكن القبول بأن * ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية * ؟!

أما إذا كان مصدر الكاتب استنتاجا علميا ، أوصله إليه البحث والاستقصاء ، فقد كـان من المفروض أن يكون مادة للتداول بلغة الفكر والعقل ، لغة واصفة بما تستدعيه من ملاحظة وتحليل، وما تتطلبه من تجرد وموضوعية سندهـمـا الاحتجاج بالعرض والمقارنة ، على قاعدة انتربولوجية * كلود ليفي شتراوس* ، والحالة مع كاتب المقال غير ذلك ، لأنه لم يبرر حكمه بما يشفع له تسرعه ، بل لم يستند فيما ذهب إليه ، لا إلى معرفة بالحقل الذي انتسب إليه ، ولا إلى معايشة للظاهرة التي تناولها ... وهو بذلك ، يثير إلى جانب الشفقة عليه ، رغبة في تجاوز منطوقه المبني على التغـليط ، تناسبا مع ركوب موجة العولمة ، إن لم يكن في الأصل مبنيا على الغلط في التحصيل والخلل في التكوين .

هل يجب تذكير الكاتب الانتربولوجي ، بأن الخلوص إلى أن * ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية * إنما هو من قبيل الباطل الذي أريد به النيل من حق ؟!

هل يجب التذكير على سبيل الاستئناس ، بأن مثل هذه التعبيرات ، إنما تصدر عن منطق الخطاب المضاد من حقل السياسة ، لتطبيقها على حقل الاجتماع ؟!

أما بعد ، فكم كان سيكون جميلا , لو أن باحثنا في الانتربولوجيا السياسية ، الأستاذ محمد المعزوز، كفى نفسه شر القتال بغير سلاح ، فـكـفانا بلية الإيهام بديلا عن الواقع ، لأن ما خبرته الجماعة بالمكابدة من أجل انتزاع حقوقها ، وهي ضمن الحلقة الضعـيـفة ، ينفي أن تكون * ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية * كما جاء في المقال موضوع القراءة ...

ومن يدري ، بعد تمرير مثل هذا الخطاب ، أن يطلع علينا صاحبنا ذات صباح , بمقال يكون عنوانه:
* ممارسة المثقفين في تصديهم للإيهام بالواقع ,
تعبر عن استلاب وجودي أسطوري *

محمد المهدي السقال
القنيطرة20/10/2006

************************
الأحداث المغربية / العدد :2562 / 5 فبراير 2006
ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية و ظلامية
محمد المعزوز الباحث في الانتربولوجيا السياسية
(2) بعثت به إلى نفس الصفحة التي نشرت الحوار ، لكنها لم تنشره بعد أكثر من شهرين .

موقف شخصي أم استنتاج علمي ؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى