الأحد ١٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
الحجاب المكشوف مرة أخرى..
بقلم إبراهيم قويدر

نحن إلى أين؟! (1)

عندما قرأت مداخلة أحد القراء على مقال لي نشر في الموقع المميز «الجيل» بعنوان «لصالح من؟!» ذلك المقال الذي كان يدور حول التفجيرات التي وقعت مؤخرًا في الإسكندرية وما نتج عنها من آثار سلبية زادت من اشتعال الفتنة بين الأقباط والمسلمين في مصر.. المداخلة جاءت في شكل طلب لإيضاح وضعنا العربي والليبي: هل يسير في الطريق الصحيح أم أنه يسير نحو زيادة التخلف بالمقارنة بالعالم الآخر؟ وسجل كاتب التعليق اسمه بـ«طالبات دراسات عليا ليبيات».

وبصرف النظر إن كانت صاحبة المداخلة تمثل نفسها أو مجموعة من طالبات الدراسات العليا، كما قالت، فإن الموضوع قد استهواني رغم أنني كتبت فيه سابقًا بعناوين كثيرة، منها «نحن إلى أين؟» و«منها العرب وتكنولوجيا العصر والعولمة» و«العرب والممارسات الخاطئة» وغير ذلك من المواضيع.

وقد صادف أنني قرأت المداخلة وأنا أعد تقريرًا ملخصًا عن بحث سأشارك به في مؤتمر ستنظمه جامعة الزقازيق بمصر خلال شهر مارس 2011 حول "البحث العلمي في الوطن العربي" والذي اخترت له عنوان "أزمة البحث العلمي في الوطن العربي".. ونظرًا لتقارب ما تطلبه المتداخلة مع ما أعده للمؤتمر- إلى حد ما- في بعض الجوانب، فقد رأيت الاهتمام بهذا الطلب وتقديم ما يمكن أن أقدمه من اجتهاد أرجو من الله العلي القدير أن أكون صائبًا فيه.

في الحقيقة إن الأمر مزعج جدًّا؛ لأن معظم أقطارنا العربية- إلا القليل منها- لا تهتم بالبحث العلمي كوسيلة مهمة للتطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، باستثناء بعض مما تقوم به قطر والإمارات وبعض من أصحاب القطاع الخاص في هاتين الدولتين، بالإضافة إلى التجربة القيِّمة التي تقوم بها شركة عبد اللطيف الجميل في السعودية من دعم للبحث العلمي في مجالات تخصصاتها، وهو في الواقع ما تقوم به شركات القطاع الخاص في أوروبا وأمريكا.

وعمومًا فإن الواقع العربي مؤلم من ناحية التعاون فيما بين الدول العربية والعمل العربي المشترك من أسوأ أشكال العمل المشترك بين الدول في العالم كله، وقد كتبت في هذا الموضوع العام قبل الماضي أربع مقالات بعنوان "العمل العربي المشترك.. الواقع المؤلم"، ونشرتها أيضًا في كتابي "نحن في عيون التاريخ"، فمن حيث العمل المشترك فنحن مجموعة دويلات كل منها يرغب نظامها وحاكمها في أن يستمر على كرسيه مهما كلفه الأمر.. وإن وصل ذلك إلى قتل وتشريد أبناء أمته وعدم احترام آدميتهم وحقوقهم وإجبارهم على حياة الذل والمهانة واعتبار البلاد عزبة كبيرة ملكه وملك أسرته وقبيلته، والشعب هم عبيد يجب أن يطيعوه في كل شيء، فنحن لدينا مجموعة حكام تنطبق على البعض منهم كل صفات ومواصفات فرعون الطاغية الجبار، وهنا أتمنى من هؤلاء أن يتعظوا مما حصل لفرعون ويأخذونه عبرة.

فنحن متأخرون كثيرًا في التعليم والتأهيل والتدريب ونحارب الثقافة، ومنا من لا يزال في زمن الإنترنت يمنع دخول الكتب والصحف ويعيق حرية الرأي والتعبير، وفى جانب الاهتمام بالإنسان وتقديم الرعاية الصحية الأساسية له من أجل مكافحة المرض لا تزال بعض دولنا تعاني قصورًا شديدًا، وبنظرة أخرى متعمقة انتشر فينا الفساد وأصبحت دولنا وفقًا للتقارير العالمية هي الأكثر فسادًا، وهذا بطبيعة الحال أثر كثيرًا على عدالة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع، وسرق الحذاق والمقربون أموال الأمة، وبالتالي ازداد الفقير فقرًا، من هنا نرى أن الثالوث القاهر للتقدم والمعيق له وهو: الجهل والفقر والمرض: متوفر والحمد لله كثيرًا في منطقتنا العربية.

والأهم من هذا وذاك أن ابتعادنا عن السلوك الأخلاقي الإسلامي في المعاملات بين بعضنا البعض وعدم مراعاة ذلك في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار الكذب والتزييف والحسد والحقد بيننا ما أدى بنا إلى أن ننظر إلى المجتمعات المتقدمة على أنها مجتمعات أخلاقية لا يعرفون الكذب، ويتعاملون بين بعضهم البعض بالثقة، ونسينا أن هذه الأساليب السلوكية هي لنا، أخذوها منا في زمن نهضتنا الإسلامية.

وللحديث بقية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى