الثلاثاء ٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم رانية عقلة حداد

نوادي السينما

منذ مطلع القرن العشرين ادركت بعض الفئات (مثقفون أو ثائرون أو حكومات) أهمية الاختراع الجديد (السينما)، كأداة هامة في التأثير على الرأي العام، وفي تثقيف الشعوب وخلق الوعي لديهم، من ناحية آخرى السينما كمرآة تعكس الواقع وتعريه وتنقده، وقد تذهب أبعد أحيانا في الدعوة إلى تغييره، فبدأت هذه الفئات على اختلافها بتوظيف الفن السينمائي في خدمة رسالة التغيير التي تحملها.

الآن ونحن نقف على عتبة الألفية الثالثة... العصر الذي تهيمن فيه الصورة على المشهد العام وتؤثر به، تزداد ضرورة الاهتمام بالسينما كوسيلة اتصال وآداة معرفة وتغيير، والاهتمام بنشر الثقافة السينمائية وتدريب العين والأذن على التقاط وتحليل الرسالة السمعية البصرية، من خلال الاهتمام بالفعاليات السينمائية البديلة عن صالات السينما التجارية أو التلفزيون الذي تتراوح عروضه في اغلبها بين الافلام العربية المصرية الخفيفة والافلام الهوليوودية، من هنا تأتي أهمية انشاء نوادي سينمائية يتم من خلالها عرض افلام نوعية ذات سوية عالية شكلا ومضمونا تبتعد عن السائد والتجاري، وتتنوع في جغرافيتها لتشمل قارات مختلفة بالتالي ثقافة ورؤية مختلفة، وبعض عرضها يتم مناقشة اسلوب الافلام والرسالة التي تتضمنها، وهذه النقاشات من شأنها أن تثري الجمهور وترتقي بذائقته السينمائية، كما أن حركة انتاج الافلام القصيرة التي بدأت تظهر في الاردن... هذه ايضا تحتاج لهذه النوادي لا فقط لتعرضها انما لتناقشها.

في فترات زمنية سابقة كان لنوادي السينما تواجد تحفل به كليات الآداب في الجامعات، وكذلك بعض النوادي الخاصة التي تقوم على جهود عدد من الأفراد المهتمين أو المثقفين أو النقاد السينمائين؛ كنادي السينما الذي كان يرأسه الناقد حسان أبو غنيمة في ثمنينات القرن الماضي وانتهى بموته، كذلك نادي شومان السينمائي التابع لمؤسسة عبدالحميد شومان ويديره الناقد عدنان مدانات لما يقارب العشرين عاما دون انقطاع للآن، إلا أنه باستثناء ذلك يبدو في الوقت الراهن أن هذا الاهتمام في غياب شبه تام، فلم تعد الجامعات معنية براعية الجيل الجديد من الشباب وبتشكيل ثقافة سينمائية وخلق حالة من الوعي لديه، وكذلك النوادي الخاصة والمراكز الثقافية القليلية المتوفرة التي تقيم انشطة سينمائية، تعتمد عرض الأفلام دون وجود لحلقات نقاش بعد العرض التي تثري ثقافة المشاهد، وهذا بدوره يقود إلى التساؤل عن السبب هل الجمهور ما عاد مهتما بالمعرفة؟ هل يأتي ليمضي الوقت فقط؟... وهنا لا بد من ذكر على سبيل المثال محاولات ادارة نادي شومان السينمائي المتكررة لتكريس فكرة النقاش بعض العرض الا انها لم تلقَ تجاوبا، الامر الذي جعل حلقات النقاش متعذرة، ويبقى السؤال بلا اجابة.

كما انه في هذا الصدد لا بد من التطرق للدور الذي تلعبه نوادي السينما عبر التلفزيون، التي يتم عرض من خلالها افلام نوعية ويستضيف مقدم البرنامج عدد من النقاد لمناقشة الفيلم.

وإذا نسعد لتوفر- ولو قليلا- نوادي تعرض أفلاما نوعية، لكن يسعدنا أكثر أن تلعب دورها الحقيقي والاستمرار بالمحاولات من أجل تكريس فكرة مناقشة الأفلام.

وأخيرا لا بد من التطرق والاشادة بمبادرة المشروع الفلسطيني للمرئي والمسموع لايجاد شبكة عربية لنوادي السينما، وتقوم على نشر العديد من الأفلام الفلسطينية المعاصرة وتلك التي تتناول موضوعا له علاقة بفلسطين، وكذلك العديد من كلاسيكيات أفلام السينما العالمية التي تشمل أعمالاً لكبار المخرجين العالمين أمثال: فريتز لانج، وسيرجي أيزنشتين، وفدريكو فيليني، ولويس بونييل، وفرانشيسكو روزي... و توزيعها في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، بحيث يتم عرض نفس الفيلم بنفس اليوم أو على الأقل بنفس الأسبوع في جميع أندية تلك البلدان ومناقشتها، للوصول إلى شريحة أكبر من المستفيدين، ولتعميم الثقافة السينمائية والبحث والنقاش على مستوى المنطقة، ولا أعلم أن نجحت هذه التجربة واستمرت عربيا، لكني محليا لم أعد أسمع عنها شيئا، والتي كنت أتمنى لها الاستمرار.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى